أطفال القدس.. اعتقالات وتحقيق وحبس منزلي وإبعاد عن الأهل

مجدي المحبوس في منزله لأسبوعين يتوق لممارسة هواياته المفضلة

TT

منذ نحو أسبوعين يحبس الطفل مجدي أبو تايه، 13 عاما، نفسه بنفسه في منزله في حي سلوان في القدس المحتلة، بعد قرار محكمة إسرائيلية ببقائه وابن عمه قيد الحبس المنزلي لحين جلسة المحكمة المقبلة المقررة نهاية الأسبوع، ولا يغادر مجدي المنزل إلا إلى مدرسته برفقة شقيقه أو أحد ذويه، وكان هذا شرطا فرضته المحكمة الإسرائيلية كي تسمح له بالذهاب إلى المدرسة، ودون ذلك فإنه ممنوع حتى من الذهاب إلى طبيب.

واضطر الأهل لدفع كفالة مالية قيمتها ألف شيكل (نحو 275 دولارا) لكل منهما، والتوقيع على كفالة طرف ثالث بقيمة 10 آلاف شيكل، من أجل السماح لأبنائهم بالانتقال إلى الحبس المنزلي بدل السجن.

وحالة مجدي ليست الوحيدة في القدس التي أخضعت سلطات الاحتلال الإسرائيلية كثيرا من أطفالها للاعتقال والتحقيق والمحاكمات، وقال محمود شقيق مجدي الأكبر، لـ«الشرق الأوسط»، «تقريبا اعتقلوا حتى الآن كل أطفال سلوان». وأضاف: «أنهم يعتقلون الأطفال ويحققون معهم بطريقة قاسية وهذا ما اختبره شقيقي الصغير».

وكان مجدي قد اعتقل مع ابن عمه علاء في 23 يناير (كانون الثاني) الماضي، وأخضعا لتحقيقات يومية استمرت أسبوعا. وقال محمود: «ينص القانون الإسرائيلي على حضور أهل أي طفل التحقيق، شهدنا أول تحقيق معه قبل أن نطرد ونمنع من ذلك، لقد كان تحقيقا غير منطقي، كأنه يجري مع بالغ وعاقل وخطير». وأضاف: «يوميا كانوا يحققون معه نحو 6 ساعات». وتابع القول: «في البداية سأله المحققون ما إذا كان يرمي الحجارة وما إذا كان يرمي ألوان الدهانات على سيارات المستوطنين، وحاولوا استدراجه عبر أسئلة من نوع إذا ما كان لون السيارات يتغير بعد إلقاء الدهانات عليها أو لا».

ويواجه مجدي وعلاء تهما من نوع إلقاء حجارة وإلقاء ألوان دهانات على سيارات مستوطنين والجيش. وعادة لا تهدأ مدينة القدس التي تغص بمستوطنين مستفزين وجنود مدججين بالسلاح، ولطالما كانت المدينة مسرحا لمواجهات متقطعة، ففي الشهر الماضي فقط اعتقلت إسرائيل من القدس 143 فلسطينيا نصفهم من الأطفال، وتركزت الاعتقالات الأكبر للأطفال في سلوان، تليها العيسوية، ثم القدس القديمة، وحي الشيخ جراح، بحسب إحصاءات لمركز معلومات وادي حلوة. ويوجد الآن نحو 20 طفلا من القدس في سجون إسرائيل.

وقالت الباحثة في المركز، ميسه أبو غزالة، لـ«الشرق الأوسط»، «تتراوح أعمار معظم الأطفال المعتقلين ما بين 12 و14 عاما».

وأضافت: «لقد اعتقلوا أيضا طفلا لم يبلغ من العمر 8 سنوات، وهو محمد علي درباس». وتابعت: «الاعتقالات متواصلة ولا تتوقف، لقد أصبحت سياسة متبعة». واقتيد الطفل درباس من أمام منزله بسيارة شرطة واحتجز في مركز توقيف لمدة ساعتين، ومن ثم أطلق سراحه.

وقال عم الطفل أبو داوود في شهادة موثقة لمركز وادي حلوة: «لقد لاحقوه حتى وصل إلى منزله واعتقلوه من هناك واقتادوه إلى مركز التوقيف في مستوطنة أبو غنيم (جنوب القدس)، وهناك اتهموه بإلقاء الحجارة، ولولا تقارير طبية حول وضعه الصحي حيث يعاني صعوبة بالتنفس، ونوبات تشنج، ربما ما تم إخلاء سبيله».

ويلجأ الجيش الإسرائيلي بالإضافة إلى اعتقال الأطفال في سجون وحبسهم منزليا، إلى إبعادهم كذلك عن مكان سكناهم، وذاق صهيب الأعور الذي اعتقل عدة مرات مرارة الإبعاد عن بيت أبيه في سلوان لعدة شهور العام الماضي، بعدما عاش مع جدته في جبل المكبر، وكانت تهمة صهيب مثل غيره، إلقاء حجارة، وآخر مرة اعتقل فيها كانت في نهاية العــــــــــام الماضي.

وقال المحامي محمد محمود من مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نعتبر ما يجري غير قانوني على الرغم من أن القانون الإسرائيلي يسمح باحتجاز أطفال فوق 12 عاما ومساءلتهم». ويخضع أهل القدس للقانون الإسرائيلي بخلاف أهل الضفة الغربية الذين يخضعون لقانون عسكري.

وأوضح محمود: أن «القانون الإسرائيلي الذي يسري على أهل القدس، يقول إنه لا يجوز اعتقال أي قاصر إلا إذا ارتكب مخالفة أمام شرطي أو بإصدار أمر اعتقال من المحكمة، لكن ما يجري مخالف، إنهم يعتقلون الأطفال بأوامر ليست صادرة من المحكمة، كما أنهم يعتقلون من هم دون الـ12 عاما وهذا مخالف نهائيا للقانون».