الدكتور محمد محسوب: مرسي يدير مؤسسات غير موالية للثورة وغير متوائمة معه

وزير الشؤون البرلمانية السابق: الدعوة لإسقاط رئيس منتخب تبنٍ للعنف.. وإذا سقط لن يدوم لنا رئيس

د. محمد محسوب («الشرق الأوسط»)
TT

قال الدكتور محمد محسوب، وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية السابق، إن دعوات إسقاط الرئيس محمد مرسي، هي تبنٍ واضح للعنف، محذرا من أنه إذا سقط الرئيس مرسي فلن يدوم لنا رئيس مستقبلا، وستصبح مصر جمهورية من «جمهوريات الموز». وأضاف محسوب الذي قدم استقالته في 27 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، احتجاجا على استمرارية حكومة الدكتور هشام قنديل بعد وضع الدستور المصري الجديد، أن الرئيس مرسي يتعامل الآن مع مؤسسات غير موالية للثورة وغير متوائمة معه، وبالتالي لا يستطيع أن يعيد هيكلة هذه المؤسسات، بما فيها جهاز الشرطة، دون وجود توافق وطني من كل القوى السياسية.

وأشار محسوب في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» من مكتبه بالقاهرة، إلى أن هدم كل مؤسسات الدولة والبدء من الصفر يزيدان حالة الارتباك ويجعلان عملية التحول الديمقراطي مستحيلة ومفتوحة على المجهول، مؤكدا أن مصر تحتاج الآن لحكومة قوية عليها توافق وطني تدير الانتخابات البرلمانية المقبلة.

وحول ملف الأموال المصرية المهربة في الخارج، قال محسوب إن الدولة تتخبط في هذه القضية حتى الآن، ولم تضعها في الإطار الصحيح. وتولى الدكتور محسوب (49 عاما)، مؤخرا منصب نائب رئيس حزب الوسط (الإسلامي)، وهو أيضا أستاذ قانون، تولى منصب عميد كلية الحقوق، بجامعة المنوفية.

وكشف محسوب عن رفض حزبه التحالف مع جماعة الإخوان المسلمين أو جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة، خلال الانتخابات المقبلة، مشددا على رفض أي تحالف يزيد من حالة «الاستقطاب السياسي».. وفيما يلي أهم ما جاء بالحوار:

* هزت واقعة «المواطن المسحول» على يد بعض رجال الأمن أمام القصر الجمهوري الأسبوع الماضي، الرأي العام الذي استنكر استمرار تلك الممارسات بعد عامين من الثورة.. كيف ترى ذلك، في ظل تقارير حقوقية تكشف عن استمرار حالات التعذيب والاعتقال للمعارضين؟

- من وجهة نظري أي حالة تعذيب أو تعد على كرامة الإنسان أمر غير مقبول إطلاقا في مصر ما بعد الثورة، خاصة في ظل الدستور الجديد الذي وافق عليه الشعب في استفتاء عام، والذي اعتبر كرامة الإنسان هي المبدأ الأساسي التي تقوم عليه منظومة الحكم والحريات. وكرامة الإنسان هنا تعني عدم إهانته وعدم تحقيره وعدم تعذيبه، وإذا كان تعذيبه هو الإجراء الفج، فإن أيضا المعاملة السيئة هي إهانة لكرامة الإنسان وأمر مستنكر. لكن في الحقيقة علينا أن ندرك أن التحول الديمقراطي في أي دولة يأخذ وقتا.

* وهل يكفي الاعتذار الذي قدمته الرئاسة ووزارة الداخلية وتعهدهما بالتحقيق في الواقعة؟

- كرجل قانون لا أستطيع أن أحدد تفاصيل هذه الواقعة وما أسباب ذلك ومن الجاني، إلا من خلال انتظار نتائج تحقيقات النيابة وليست الشرطة التي تخرج منها تصريحات ثم يتم التراجع عنها. وهنا يجب أن تكون هذه التحقيقات شفافة بحيث تتناولها وسائل الإعلام يوميا وبشكل واضح. لكن الآن لا أستطيع أن أستبق الأحداث بإصدار أحكام ضد رجال الشرطة أو ضد هذا المواطن، خاصة أن الخلاف السياسي في الدولة أصبح يستخدم ويبرئ كل شيء، فكل شخص يرى المشهد من وجهة نظره فقط، وليس المشهد الواقعي.

* لكن أهم الانتقادات التي توجه من المعارضة للسلطة الآن هو تقاعسها عن إعادة هيكلة وزارة الداخلية، وأنها ما زالت تعمل بنفس عقلية النظام القديم في قمع المتظاهرين؟

- التحول الجوهري في جهاز الشرطة يحتاج إلى تعاضد كل القوى التي أسهمت في هذه الثورة، فأنا لا أستطيع ولا أؤمن أن أحمل فصيلا واحدا مهما كان مقعده في النظام الحالي، سواء في الحكم أو المعارضة، إعادة هيكلة كل مؤسسات الدولة وليست الشرطة فقط.. لأنه بكل بساطة نحن الآن نواجه دولة تنتمي إلى الماضي، ولا تؤمن بالحاضر ولا تؤمن بهذه الثورة، وبالتالي لكي نواجهها ونعيد بناءها مرة ثانية نحتاج لكل القوى. لكن إذا كانت الحكومة مثلا ليبرالية وبدأ الليبراليون في هيكلة الشرطة بعيدا عن الإسلاميين عندها سيهاجمهم الإسلاميون ويتهمونهم بأنهم يضعون أتباعهم للسيطرة على جهاز الشرطة وأن هذه هيكلة لصالحهم، وإذا فعل الإسلاميون ذلك يسمونها أخونة أو أسلمة. وبالتالي هناك استحالة لإعادة هيكلة أي شيء في الدولة وإعادة بنائه بشكل سليم وديمقراطي إلا بتوافق كل القوى.

* كم هي المدة التي على المصريين أن ينتظروها لإتمام عملية التحول الديمقراطي هذه.. ومن المسؤول عن إطالة أمد المرحلة الانتقالية؟

- عملية التحول الديمقراطي في الدولة المصرية طال أمدها بسبب إطالة المرحلة الانتقالية، والإدارة المرتبكة للمجلس الأعلى للقوات المسلحة (الحاكم سابقا)، والجدول السيئ الذي توافقت عليه القوى السياسية مع المجلس العسكري. وبالتالي فإن المشهد الذي نراه الآن أسهمت فيه كل القوى السياسية الموجودة على الساحة تحكم أو تعارض، وهي كلها مسؤولة عنه، بما في ذلك أزمة الدستور وتشكيل الجمعية التأسيسية وحل مجلس الشعب (البرلمان). وبالتالي كل ما نراه من وقائع اعتقال وسحل وتعذيب، هي نتاج لهذا الارتباك. ولكي تكتمل الدولة المصرية نحتاج لبناء كافة المؤسسات وليس هدم المؤسسات الموجودة والابتداء من نقطة الصفر، فهذا يزيد من حالة الارتباك وحالة الغموض، ويجعل عملية التحول الديمقراطي مستحيلة ومفتوحة على المجهول.

* من المسؤول عن حالة الصراع وعدم التوافق بين كل القوى السياسية في مصر الآن.. ومتى يتم التوافق؟

- حالة التوافق هذه لم نصل إليها بعد، ولن تتحقق إلا في لحظة تفجير ثورة «25 يناير» وخلال الـ18 يوما الأولى فقط (حتى سقوط الرئيس السابق حسني مبارك)، والمسؤول الآن عن هذه الحالة هي كل القوى التي صنعت هذا المشهد، ففي الانتخابات البرلمانية الماضية رفض التيار الليبرالي عمل جبهة أو تحالف وطني عريض لإحداث توازن داخل البرلمان، وفضل الكثير منهم أن ينزل الانتخابات على قوائم جماعة الإخوان المسلمين من أجل أن يضمنوا مقاعد، ومنها حزبا «الغد» و«الكرامة» وشخصيات عامة ليبرالية مشهورة، فضلت مصالحها الشخصية والانتخابية بعيدة عن الاصطفاف الوطني، نتج عن ذلك منافسة شرسة في الانتخابات الرئاسية كسر فيها الليبراليون عظام بعضهم البعض فنجح الرئيس محمد مرسي. وبالتالي على الجميع بمن فيهم المعارضة أن يقروا أولا أنهم مسؤولون أيضا عن حالة عدم التوافق هذه، وثانيا أن يقروا أن هذا البلد لا يمكن هدمه وإعادة بنائه من جديد إذا لم يعجبك، وثالثا أن نعلم أن علاج هذا المشهد يكون بالتعامل معه والاستمرار في السير للأمام واستكمال بناء مؤسسات الدولة.

* ألا يتحمل الرئيس مرسي ومن خلفه جماعة الإخوان المسلمين مسؤولية هذا الانقسام باعتبارهم في السلطة الآن؟

- لا توجد في مصر سلطة حتى الآن، لأن السلطة هي كل مؤسسات الدولة والتي لم تكتمل بعد، وبالتالي فالسلطة ناقصة.. أما إذا تحدثنا عن الرئيس مرسي، فهو يتعامل مع مؤسسات غير موالية للثورة تماما وليست موالية لهذا التحول القائم، وغير متوائمة مع الرئيس. وبالتالي فإن الدولة بجانب الرئيس في حاجة إلى حكومة قوية نابعة من برلمان منتخب يعبر عن جميع التيارات السياسية، نأمل أن يكون متوازنا، بحيث تكون الحكومة من تيار والرئيس من تيار.

* استهداف المتظاهرين وقتلهم أفقد الرئيس السابق حسني مبارك شرعيته.. والآن في عهد الرئيس مرسي قتل عشرات المواطنين في أعمال عنف ومظاهرات ضد النظام، هل يمكن القياس على ذلك وتبرير دعوات بعض قوى المعارضة التي تطالب برحيل مرسي؟

- الثورة المصرية في الحقيقة من أهم ميزاتها قلة عدد الشهداء فيها ونرجو دائما ألا يزيد هذا العدد، لأن زيادة هذا العدد هي زيادة في تكلفة الثورة. لكن لا أستطيع أن أساوي بين كل من يسقط قتيلا الآن وبين ما كان عليه الوضع في الـ18 يوما الأولى للثورة، فخلال الـ18 يوما كان النظام يدافع عن نفسه ويبحث عن الثوار ليقتلهم. وهذا مختلف عما حدث بعد ذلك، فهناك مواقف تستحق التظاهـر، لكن هناك بعض المظاهرات يسعى المتظاهرون فيها إلى الشرطة ليصيبوها، هذه المواجهات لا يمكن قياسها بالمواجهات الشريفة السابقة التي كانت الشرطة تتصدى لها لمنع الناس من الخروج في المظاهرات، وبالتالي نحن في حالة مختلفة، وإلا لكان المجلس العسكري قد سقط وأخرج من الحكم، فخلال الفترة الانتقالية السابقة وخلال إدارته للدولة، سقط عشرات الضحايا ولم يسقط المجلس العسكري، ولم يترك السلطة ولم يستجب لمطالب المتظاهرين برحيله إلا بقرارات الرئيس مرسي في 11 أغسطس (آب) الماضي، التي أخرجته من السلطة.

* على من تحمل مسؤولية العنف الجاري في مصر الآن؟

- كل الأطراف مسؤولة عن العنف، ولا يمكن أن أبرئ أحدا، فالداعي للنزول للشارع لإسقاط رئيس منتخب هو يدعو إلى العنف، لأن إسقاط الرئيس يصبح مشروعا في حالة واحدة فقط، هي إذا سدت كل طرق التغيير، وهنا يتحول إلى ثورة، لكن طالما هناك صناديق انتخابات نظيفة لا تزور وهناك إمكانية حدوث تغيير جوهري عن طريق انتخاب حكومة أخرى وبرلمان جديد يعبر عن الشارع، فالدعوة لإسقاط رئيس منتخب هو خروج عن الدستور وتبنٍ للعنف. كما أن الرئيس مرسي مسؤول أيضا لأنه لم يعالج المشكلات بالقدر الكافي، وهناك سلبيات في طريقة الإدارة، لكن المعارضة لا ترى لمعالجة هذه الأخطاء سوى بالنزول في مظاهرات لإسقاط النظام. وكأنها تتعامل مع النظام الجديد الذي جاءت به الثورة بنفس الطريقة التي تعاملت بها مع النظام القديم، ورئيس استمر 30 عاما بانتخابات مزورة، بينما الآن لدينا رئيس جاء بإرادة شعبية، ولا يجوز إسقاط الإرادات الشعبية، فسقوط مرسي يعني أننا سندخل في ثورات مستمرة ولن يدوم لنا رئيس، وسنصبح مثل «جمهوريات الموز»، وبالتالي فإن أخطاء الإدارة لا تبررها إسقاط للشرعية، إنما الحل هو عمل اصطفاف وطني واسع لدخول الانتخابات القادمة لتشكيل حكومة موازية لسلطة الرئاسة.

* قدمت استقالتك من الحكومة الحالية وطالبت بتغييرها، في حين ستفرز الانتخابات البرلمانية المقبلة خلال شهرين حتما عن حكومة جديدة، فهل يكفي هذا الوقت القصير لأي حكومة جديدة أن تعالج الأزمات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي تعيشها البلاد؟

- وفقا للدستور الجديد على حكومة قنديل أن تستقيل وتشكل حكومة جديدة لها صلاحيات جديدة. وموقفي بالمطالبة بحكومة الآن يختلف عن المطالبة بحكومة بعد الانتخابات البرلمانية، فنحن الآن نحتاج إلى حكومة بها قدر من التوافق الوطني لإدارة هذه الشهور وحتى الوصول للانتخابات البرلمانية، من أجل تأمين ما تبقى من المرحلة الانتقالية وصد أي خلاف في الشارع، وإشراك الجميع في إدارة الدولة.

* بدا حزب الوسط متحالفا مع الرئيس مرسي وجماعة الإخوان في الفترة السابقة.. قبل أن ينقلب عليه ويوجه الانتقادات لحكومته، فسر لنا هذه المواقف المتغيرة؟

- الناس تنظر للأمور برؤية غريبة.. ما حدث لم يكن تحالفا مع الإخوان، بل هي مواقف متشابهة خاصة في عملية صياغة الدستور والدفاع عن الشرعية، ولم يتحول ذلك إلى النزول على قائمة واحدة في الانتخابات. هي مجرد مواقف سياسية في لحظة ما تشابهت مع طرف آخر، لكن عندما استقر الدستور اختلفنا في السياسات.

* وهل يمكن أن تتحالف مع حزب الإخوان في الانتخابات البرلمانية المقبلة؟

- لن نتحالف مع الإخوان أو جبهة الإنقاذ الوطني (المعارضة)، فهذا الاستقطاب نحن نرفضه، وبالتالي سننزل انتخابات مع القوى التي لا تنتمي لهذا أو لذاك، وتحالفنا الوسطي سنعلن عنه قريبا.

* من خبرتك خلال الفترة السابقة وأنت في مطبخ صناعة القرار السياسي.. ما حقيقة كون القرارات الرئاسية يصنعها مكتب إرشاد جماعة الإخوان وأن مرسي ليس هو الحاكم الفعلي؟

- هذا الكلام يستخدم كمصطلح للتعبير عن صراع سياسي، لكنه غير متفق مع الحقيقة، عندما يسأل رئيس الجمهورية حزبه (الحرية والعدالة) وجماعته فهذا منطقي جدا، أليس هذا حزبه؟ ومن الطبيعي أن يتوجه إليه أولا. لكننا نرجوه ونقول له في هذه المرحلة يا سيادة الرئيس أنت لك الحق أن تسأل وتستعين بحزبك، لكن اسألنا واستمع إلينا نحن أيضا لأن البلد يحتاج إلى ذلك، لكن بعدما تستقر هذه الدولة كل رئيس سيستعين بحزبه فقط.

* هل تتفق مع ما يطلق عليه في مصر الآن «أخونة» للدولة؟

- الرئيس في الدول الديمقراطية هو تابع لفصيل وتبع لحزبه، ولذلك فإن فكرة الأخونة هي فكرة مضحكة، الديمقراطية معناها أن هناك واحدا من المنافسين أصبح رئيسا للبلاد، وفي حالة مصر إذا أرادت المعارضة أن يكون لها نصيب في الحكم فأمامها الانتخابات البرلمانية يمكن من خلالها أن تشكل حكومة، خاصة أن الحكومة الآن بعد الدستور الجديد أصبحت في يدها كل السلطات الداخلية.

* كرجل قانون.. ألا يستثيرك وجود جماعة الإخوان المسلمين حتى الآن دون أي غطاء قانوني لها؟

- الدولة المصرية الآن في حالة سيولة. لكن هذا كله يستخدم في إطار الصراع السياسي أيضا، فكما أن جماعة الإخوان غير مسجلة قانونا، فجماعة 6 أبريل غير مسجلة، والتيار الشعبي غير مسجل، وكذلك جبهة الإنقاذ الوطني. مصر الآن لديها دستور وضعنا في إطار واضح لتسجيل كل الهيئات، ويلزم الجميع بالتسجيل، وعلى الرئيس أن يقنن أوضاع الجميع في هذه الدولة.

* الدولة تبدو فاقدة للسيطرة على الأمور.. وقد أظهرت عدة مواقف منها تحدي مواطني مدن القناة لقرار الرئيس مرسي فرض حظر التجول، سقوطا لهيبة الدولة، ما مدى صحة ذلك؟

- لم يكن هناك هيبة للدولة منذ 30 عاما. ولو كانت هناك هيبة ما سرقت كل هذه المليارات، كانت هناك عصابة تحكم الدولة المصرية. مصر الآن تسترد معنى الدولة، فالحقيقة أن الدولة المصرية تستفيق وهذا يأخذ وقتا، وهناك ثمن وضحايا لهذه التحولات الديمقراطية.

* كيف ترى مشروع قانون التظاهر الذي يناقشه مجلس الشورى الآن.. وما الضوابط المثلى التي يجب أن يكون عليها؟

- التظاهر في العالم يقوم على نظامين، الأول نظام التصريح بحيث لا يتظاهر أحد إلا بتقديم طلب للتظاهر وبعد موافقة الجهات الأمنية، أما الثاني فهو الإخطار، ويعني إبلاغ الجهات فقط بالموعد والمكان. وفي هذه الحالة الحكومة لا تستطيع أن تمنع أحدا، لكن إذا رفضت المظاهرة تستطيع أن تذهب للقضاء لطلب وقفها، وهذا هو الطرح الصحيح الذي يجب أن يطبق في مصر.

* توليت خلال الفترة السابقة في الحكومة مهمة استرداد أموال مصر المهربة للخارج.. إلى أين وصلنا؟

- في الحقيقة، إن الدولة تتخبط في هذا الموضوع، والموضوع حتى الآن لم يوضع في الإطار الصحيح، فقد قدمت تصورا كاملا للرئيس وللحكومة ولم يبت فيه حتى الآن، وهذا أحد أسباب استقالتي. فالبعض يعتقد أن الأموال المهربة هي نتائج جرائم فيبحث عن إقامة دعاوى لإثبات ذلك، في حين أنني أعتقد أنه وفقا لاتفاقية مكافحة الفساد فإن هذه الأموال هي نتاج فساد وليست بالضرورة نتاج جرائم، فأحيانا الفساد يستخدم وسائل مشروعة للحصول على أموال، وبالتالي فهي ليست جريمة من الناحية القانونية. حل هذا الأمر يحتاج إلى تشكيل لجنة مستقلة عن الدولة مكونة من قضاة وممثلين للمجتمع المدني ورجال القانون وغيرهم.. يتم منحهم كل السلطات الدبلوماسية والقانونية والقضائية من أجل أخذ الإجراءات اللازمة والتفاوض مع الدول الأخرى على قاعدة اتفاقية مكافحة الفساد وليس على قاعدة القانون المصري ولا القانون الداخلي للدولة الأخرى، حيث تلزم اتفاقية مكافحة الفساد هذه الدول أن تكشف عن الأموال لديها وأن تجمدها للبحث في استردادها.

* هل تحتاج مصر إلى مصالحة وطنية، وكيف ترى دعوات التصالح مع رجال النظام السابق؟

- التصالح بين كل الجهات أمر ضروري من أجل إنهاء كل الملفات الأخرى، وأتمنى أن تحدث مصالحة بين كل الفئات بما فيها النظام السابق والمعارضة والحزب الحاكم، وهذا لا يتم إلا بالحوار، فلا الرئيس قادر بمفرده على التصالح مع النظام السابق ولا المعارضة كذلك. لكن علينا في المرحلة الأولى أن نجري تصالحا بين قوى المعارضة والنظام ثم بعد ذلك يقرر الطرفان معا التصالح مع جمهور النظام السابق، دون رموزه المتهمة في قضايا جنائية.