القوى السياسية في مصر تعيد ترتيب أوراق اللعبة مع تزايد وتيرة العنف

سبقتها دعوة لانتخابات برلمانية وزيارة متوقعة لوزير الخارجية الأميركي

TT

بينما تترقب النخب السياسية في مصر زيارة متوقعة لوزير الخارجية الأميركي الجديد جون كيري، بدأ فرقاء المشهد السياسي في البلاد ترتيب أوراقهم مع انسداد آفاق التوصل لتوافق ينهي أزمات المرحلة الانتقالية، التي شهدت موجة من المواجهات العنيفة بين المعارضة وقوات الشرطة على مدار الشهر الماضي خلفت مئات القتلى والمصابين.

وقفز نظام الرئيس الإسلامي محمد مرسي فوق حقائق الأرض التي تشهد اشتباكات عنيفة، مرشحة للتصاعد في ذكرى سقوط سلفه حسني مبارك في 11 فبراير (شباط) 2011، بحديث مصادر بالرئاسة عن الدعوة لانتخابات برلمانية بعد شهرين، وتدشين جبهة جديدة أمس (السبت) تضم قيادات من جماعة الإخوان المسلمين وقوى سياسية إسلامية وليبرالية وشخصيات عامة.

وبدت الجبهة التي أعلن عن بيانها التأسيسي في ساقية عبد المنعم الصاوي الثقافية بحي الزمالك، بمثابة رصاصة الرحمة على مبادرة الأزهر لنبذ العنف، والتي جمعت قبل أيام وللمرة الأولى قيادات جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة وقيادات جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسية حزب الحرية والعدالة.

وقالت رموز الجبهة الجديدة التي حملت اسم «الضمير الوطني» أمس إنها ليست موجهة ضد أي طرف، لكنها خلت من أي من قيادات جبهة الإنقاذ التي تضم طيفا واسعا من الأحزاب والحركات المناهضة للرئيس مرسي.

وفي تعليقه على تدشين جبهة الضمير قال القيادي الشاب في حزب مصر القوية أحمد عبد الجواد: «أعتقد أنها محاولة من جماعة الإخوان التي تدير البلاد حاليا للتهرب من مسؤوليتها عما يجري، وهروب القوى الأخرى المشاركة فيها من حقائق الواقع».

ووضع عبد الجواد الإعلان عن الجبهة في سياق استعداد الرئاسة لدعوة المصريين لانتخابات البرلمان: «لا يمكنني إلا أن أربط بين الدعوة للانتخابات البرلمانية والإعلان عن هذه الجبهة.. مهما كانت النوايا المعلنة.. خاصة أن المشهد السياسي ليس في حاجة لمزيد من المبادرات».

وقال مراقبون إن جبهة الضمير تكرس للانقسام السياسي القائم في البلاد، وربما هي تعبير عن حاجة جماعة الإخوان المسلمين لخلق اصطفاف جديد بعد أن تضررت صورتها خلال الشهر الماضي بشدة.

ولا تملك «جبهة الضمير» مبادرة للتوصل إلى مخرج للأزمة السياسية، مع استمرار المواجهات العنيفة على أبواب قصر الحكم في العاصمة القاهرة، ودواوين المحافظات في أنحاء البلاد، وهو ما كشف عنه أمس السفير أمين يسري أحد رموز الجبهة في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، بقوله: «لا نملك آليات محددة أو أدوات.. فنحن مجموعة من الشخصيات الوطنية التي ترى أن البلاد تنحدر إلى منزلق خطير تجاوزه يقتضي التمسك بالآليات الديمقراطية بالذهاب إلى الانتخابات قريبة وليس الحشد في الشارع والعنف واستخدام زجاجات المولوتوف أو الخطب الرنانة».

وبشأن دعوة جبهة الإنقاذ للانضمام للجبهة قال يسري: «الدعوة موجهة للجميع من أجل إدارة رشيدة للصراع السياسي»، لكنه اعتبر أن شروط جبهة الإنقاذ للمشاركة في الانتخابات البرلمانية بمثابة شروط تعجيزية لا يمكن الوفاء بها.

وكانت جبهة الإنقاذ قد اشترطت التوافق على قانون الانتخابات البرلمانية، وتشكيل حكومة محايدة تتولى إجراء الانتخابات، في وجود إشراف قضائي كامل ورقابة محلية ودولية.

وبينما يسعى طرفا الصراع السياسي في البلاد لتحسين موقعيهما قبل زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي جون كيري، الذي لعب دورا مهما في إقناع الرئيس باراك أوباما بضرورة التخلي عن مبارك قبل عامين، أبدت الإدارة الأميركية مؤخرا قلقها بشأن تفجر الوضع السياسي في مصر، وعلقت غاضبة على تصريحات للرئيس مرسي حملت ما اعتبرته «تحريضا ضد اليهود» وحثت الرئيس على فتح حوار مع المعارضة.

وكانت قيادات بجماعة الإخوان قد أبدت انزعاجها قبل أسابيع من لقاء السيناتور الأميركي جون ماكين رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، بقيادات جبهة الإنقاذ الوطني التي يقودها الدكتور محمد البرادعي التي أظهرت قدرتها على الحشد والتأثير في الشارع، فيما رجح مراقبون أن تكون الإدارة الأميركية تتلمس خطواتها لإعادة رسم استراتيجيتها في العلاقة مع القاهرة.

وقالت مصادر دبلوماسية مصرية إن الولايات المتحدة «غير مستريحة» للتقارب المصري الإيراني، وأن السفيرة الأميركية في القاهرة آن باترسون فشلت في لقاء الرئيس مرسي قبل لقائه بالرئيس الإيراني أحمدي نجاد الذي أنهى أول من أمس زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول إيراني رفيع منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران نهاية سبعينات القرن الماضي.

وفي مسعى لترميم صورته، احتفى حزب جماعة الإخوان بالإعلان عن جبهة الضمير الجديدة، ونشر موقع الحزب أسماء 30 شخصية عامة وقعت على البيان التأسيسي للجبهة من بينهم الدكتور أحمد كمال أبو المجد المفكر الإسلامي والدكتور محمد سليم العوا المرشح الرئاسي السابق، والدكتور سيف عبد الفتاح مستشار رئيس الجمهورية المستقيل، والأب رفيق جريش المتحدث الإعلامي باسم الكنيسة الكاثوليكية وآخرون.

لكن الأب جريش نفى لـ«الشرق الأوسط» صلته بالجبهة، قائلا: «يبدو أنهم في غمرة انشغالهم في التحضيرات نسوا دعوتي»، وهو الأمر الذي أكده أيضا الدكتور سيف عبد الفتاح الذي استقال في وقت سابق من منصبه كمستشار للرئيس مرسي في أعقاب اشتباكات بين كوادر جماعة الإخوان ومعتصمين أمام قصر الاتحادية الرئاسي.

وقال عبد الفتاح، وهو أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، إنه ليس عضوا بـ«الجبهة المسماة بجبهة الضمير الوطني»، مؤكدا احترامه «الكامل لما يمثلها من قامات»، مضيفا على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» إنه أكد مرارا على دعمه لوثيقة الأزهر وجهد الشباب القائم عليها.