العاهل الأردني: ندعو لنهج عمل جديد.. بناء على التوافق

الملك عبد الله الثاني افتتح الدورة غير العادية لمجلس النواب الأردني.. والسرور رئيسا

الملك عبد الله الثاني يستعرض حرس الشرف قبيل افتتاح الجلسة الأولى للبرلمان الأردني الجديد في عمان (رويترز)
TT

قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني: «إننا عملنا وسنواصل العمل بعزم لا يلين لترسيخ مكانة الأمة مصدرا للسلطات وشريكا في صناعة القرار، منطلقين بذلك من التزامنا الدائم بمصالح شعبنا».

وأكد الملك عبد الله الثاني، في خطاب العرش، الذي افتتح به أمس، الدورة غير العادية لمجلس الأمة الأردني السابع عشر، والذي أراده محطة على طريق التحول الديمقراطي والإصلاح الشامل، على المسؤولية التاريخية لنواب وأعيان الأمة في تمثيل جميع الأردنيين، وفي الامتثال لمساءلة المواطنين، وفي أداء أمانة الرقابة والتشريع، وفي إنجاح مرحلة التحول التاريخية وإفراز الحكومات البرلمانية وتطوير ممارستها.

وقال الملك عبد الله الثاني الذي حدد معالم خارطة طريق لعملية الإصلاح السياسي: «بعد أن أجرينا الانتخابات النيابية بنزاهة وشفافية، ووفق أفضل الممارسات العالمية، فإننا ندعو لنهج عمل جديد، وسنبدأ من نهج التشاور مع مجلس النواب والكتل النيابية فور تشكيلها، في تشكيل الحكومات من أجل الوصول إلى توافق يقود إلى تكليف رئيس للوزراء، ويبادر هو بدوره للتشاور مع الكتل النيابية ومع القوى السياسية الأخرى حول فريقه الوزاري، ثم يتقدم للحصول على الثقة من مجلس النواب على البيان الوزاري الناجم عن عملية التشاور، وعلى أساس برامجي لمدة 4 سنوات».

وأكد العاهل الأردني أن تطور آلية التشاور يعتمد على تقدم العمل الحزبي والبرلماني الذي يؤدي إلى ظهور ائتلاف برلماني على أسس حزبية، يتمتع بالأغلبية وتنبثق عنه الحكومة، ويقابله ائتلاف برلماني معارض يمارس الدور الرقابي كحكومة ظل.

وتابع: «إننا نريد الوصول إلى استقرار نيابي وحكومي يتيح العمل في مناخ إيجابي لـ4 سنوات كاملة، طالما ظلت الحكومة تحظى بثقة مجلس النواب، وطالما حافظ المجلس على ثقة الشعب».

ودعا العاهل الأردني إلى نهج عمل حكومي جديد يقوم على «بناء الاستراتيجيات والخطط التنفيذية بالتشاور مع القواعد صعودا إلى الأعلى، وعلى الحكومة أن تتوخى الشفافية والانفتاح، وتوفير المعلومة في عرض موازناتها ومشاريعها ومراحل التنفيذ والإنجاز على المواطنين وممثليهم، ويتم الحكم على أداء الحكومة ومساءلتها على أساسها».

وقال الملك عبد الله الثاني: «لقد أنجز الأردن التعديلات الدستورية التي رسخت مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات، ومنعت تغول إحداها على الأخرى، وعززت استقلال القضاء واحترام حقوق الإنسان ومبادئ العدالة والمساواة، ورسخت مكانة مجلس النواب في الرقابة والتشريع، واستحدثت مجموعة من المؤسسات الدستورية والرقابية التي تعزز ديمقراطيتنا».

ونوه الملك عبد الله الثاني بإنشاء المحكمة الدستورية التي تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتحديث حزمة من التشريعات السياسية التي شملت قوانين الأحزاب والانتخاب والاجتماعات العامة، لزيادة المشاركة السياسية والارتقاء بنوعيتها وتجذير الممارسة الحزبية وحرية التعبير، بالإضافة إلى إنشاء الهيئة المستقلة للانتخاب كجهة مستقلة تضمن نزاهة وشفافية الانتخابات، وقد حققت نجاحا غير مسبوق في الإشراف على الانتخابات النيابية الأخيرة، التي أفرزت مجلس النواب الأردني، بشهادة المراقبين محليا ودوليا.

وقال إن «دور مجلس النواب في الحكومات البرلمانية، يتطلب منه الإسراع في تطوير نظامه الداخلي لمأسسة عمل الكتل النيابية ودعم فعالية المجلس. كما ينبغي للمجلس تطوير مدونة سلوك ملزمة يتعهد النواب من خلالها بممارسات نيابية إيجابية تعزز دورهم التشريعي والرقابي، وتجعل أساس علاقتهم بالحكومة التنافس على خدمة الصالح العام، وليس المكاسب الشخصية المحدودة، ونبذ الواسطة والمحسوبية».

وأضاف: «إن الانتخابات النيابية أجريت على أساس قانون انتخاب جديد لم يكن مثاليا، ولكنه حظي بالتوافق الوطني المتاح»، داعيا إلى مراجعة هذا القانون ومراجعة نظام الانتخاب، بحيث يحظى بالتوافق ويعزز عدالة التمثيل، ويمكّن الأحزاب من التنافس بعدالة، ويرسخ تجربة الحكومات البرلمانية، ويحمي مبدأ التعددية ويتطور بالتوازي مع تطور الحياة الحزبية».

وقال الملك عبد الله الثاني: «إن على الحكومة أن تتوخى الشفافية والانفتاح وتوفير المعلومة في عرض موازناتها ومشاريعها ومراحل التنفيذ والإنجاز على المواطنين وممثليهم، ويتم الحكم على أداء الحكومة ومساءلتها على أساسها، وهذا يستدعي ترسيخ القناعة لدى الحكومة وأجهزتها بأن تطوير القطاع العام عبر العمل الميداني والتواصل المباشر والوقوف على حاجات المواطنين، هي مسؤوليتهم الأولى، وبخلاف ذلك، فإن مجلس النواب سيكون عرضة للمساءلة من المواطنين للمطالبة بحجب الثقة عن الحكومة أو أحد الوزراء».

وأضاف: «إن ذلك يتطلب الارتقاء المستمر في كفاءة ونوعية الخدمات الحكومية، وضمان وصولها إلى جميع المواطنين، ويستدعي الالتزام بمؤسسية العمل في أجهزة الحكومة، لضمان أعلى درجات الكفاءة والشفافية في اختيار الأمناء والمديرين العامين، لضمان نجاح الـخطط الحكومية، وهذا يعني أن تبادر الحكومة إلى إطلاق (ثورة بيضاء) تنهض بالأداء ضمن خطة معلنة وأهداف محددة».

وقال إن الأردن قادر على مواجهة أي تحديات خارجية، وهذا يتطلب الالتزام الدائم بدعم قواتنا المسلحة، وجميع أجهزتنا الأمنية، وتمتين جبهتنا الداخلية، فهي مصدر قوتنا». وقال: «إن علينا أن نحرص على ترسيخ دورنا الإقليمي والعالمي الفاعل، والقائم على سياسة خارجية مبنية على دعم الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم التاريخية والشرعية وإقامة دولتهم المنشودة على التراب الوطني الفلسطيني، ودعم العمل العربي المشترك، والدفاع عن الصورة الحقيقية لديننا الإسلامي الحنيف دين الاعتدال والوسطية».

واختتم العاهل الأردني بالقول: «إن متطلبات التحول الديمقراطي، والنهج الإصلاحي، تتكامل فيها أدوار المجلس النيابي والحكومات البرلمانية والمواطنين، تحت مظلة الدستور، يساندها القضاء العادل، ويكملها الإعلام المهني المسؤول المتوازن، في كشف الحقيقة والدفاع عن حرية التعبير واحترام حقوق الأفراد».

يشار إلى أن انتخاب أعضاء مجلس النواب تم في الثالث والعشرين من الشهر الماضي، وفق قانون انتخاب الصوت الواحد، وقاطعته الحركة الإسلامية وعدد من أحزاب المعارضة، وأفرزت الانتخابات أعضاء أغلبيتهم من الموالين الذين يحظون بدعم من عشائرهم.

وكان أعضاء مجلس النواب قد دخلوا في مشاورات طيلة الأسبوعين الماضيين، حيث تم تشكيل 7 كتل برلمانية، هي «وطن» 37 نائبا، و«التجمع الديمقراطي» 27، و«الوسط الإسلامي» 18، و«الوعد الحر» 18، و«المستقبل» 16، و«الوفاق» 16، و«الاتحاد الوطني» 10.

وفاز النائب سعد السرور (مستقل) برئاسة مجلس النواب بعد حصوله على أصوات 80 نائبا، بينما حصل منافسه النائب محمد الحاج (حزب الوسط الإسلامي)، على 62 صوتا.

وكانت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات قد انتهت بحصول النائب محمد الحاج على 54 صوتا، كما حصل النائب سعد السرور على 50، فيما حصل مصطفى شنيكات على 36 صوتا ومحمود الخرابشة على 5 أصوات وورقة بيضاء واحدة.

وغاب عن التصويت 4 نواب، هم الدكتور محمود مهيدات، وضرار الداود، وعبد الهادي المجالي، ومحمد المحسيري (وفاة).

وكان النواب عبد الله عبيدات ويوسف القرنة ومحمد البدري، أعلنوا ترشحهم لانتخابات الرئاسة قبل أن ينسحبوا من سباق الانتخابات إكراما للمجلس، بينما أعلن النائب فواز الزعبي انسحابه لصالح المرشح سعد هايل السرور.

* رئيس مجلس النواب.. المهندس سعد هايل السرور

* مواليد بلدة أم الجمال، المفرق 1947. حاصل على بكالوريوس هندسة مدنية من جامعة الرياض، وشغل منصبي نائب رئيس الوزراء، ووزير الداخلية، في 24 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011. وهو عضو في مجلس النواب الـ15، ورئيس مجلس النواب الرابع عشر للدورة غير العادية، وعضو مجلس أعيان، ورئيس مجلس النواب الـ13 لدورة واحدة. كما شغل مناصب رئيس مجلس النواب الـ12 لمدة 3 دورات متتالية، ورئاسة مجلس أمناء جامعة الإسراء وزير المياه والري. ووزير الأشغال العامة والإسكان. وعضوية المجلس الوطني الاستشاري.