هجوم بقنبلة على قناة فضائية كردية مستقلة بعد إساءة إلى بارزاني الأب

هيومان رايتس ووتش تنتقد سلطات إقليم كردستان بسبب مضايقتها الصحافيين

أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني يتظاهرون أمام مبنى فضائية «إن آر تي» في السليمانية مساء أمس (أ.ف.ب)
TT

تتفاعل قضية الاعتداء مساء أول من أمس على قناة «إن آر تي» الكردية التي تبث برامجها من مدينة السليمانية على عدة أصعدة، بعد دخول منظمة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان على خط إدانة سلطات الإقليم بسبب حجرها على حريات التعبير تحت غطاء حماية المقدسات والرموز الدينية، ووجهت المنظمة في آخر تقرير لها انتقادات شديدة اللهجة إلى سلطات الإقليم لانتهاكاتها المتكررة بحق الصحافيين.

وكانت قناة «إن آر تي» الفضائية الكردية قد تعرضت إلى هجمات متتالية خلال الأيام الثلاثة الماضية بسبب ورود اتصال بإحدى برامجها المباشرة نال المتصل فيه من أحد الرموز الوطنية وهو الزعيم الكردي الراحل الملا مصطفى بارزاني قائد الحركة التحررية الكردية الذي ينظر إليه بإجلال واحترام كبيرين في جميع أنحاء كردستان، حين انتقد المتصل تخصيص أموال من ميزانية الإقليم لإعادة ترتيب ضريحه الواقع بمنطقة بارزان.

وأثارت الإهانة التي وجهها المتصل المجهولة هويته لدى السلطات أنصار الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، نجل الزعيم الراحل، وداهموا مبنى الفضائية بالقرية الألمانية بمدينة السليمانية للاحتجاج على الواقعة، مما أدى بمدير القناة إلى تقديم اعتذاره إلى الجماهير الغاضبة فانفضت المظاهرة، لكن عبوة ناسفة انفجرت بسطح بناية الفضائية في وقت متأخر من مساء أول من أمس ما أثار ذعر العاملين بالقناة، ولكن مسؤولين بالفرع التنظيمي للحزب نفوا أن يكونوا مسؤولين عن التخطيط للحادث أو تنفيذه.

في غضون ذلك عارض مالك الفضائية المذكورة رجل الأعمال الكردي شاسوار عبد الواحد مدير القناة فيما يتعلق بالكشف عن هوية المتصل، أو الإبلاغ عنه لدى السلطات الأمنية، وقال في تغريدة له على موقعه الشخصي في «فيس بوك» ليس من أخلاق المهنة الكشف عن المصادر أو الأشخاص المتصلين ببرامج القنوات»، مؤكدا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال السيطرة على كلام المتصلين بالبرامج المباشرة التي تعرض في القنوات.

وكانت منظمة هيومان رايتس ووتش قد دخلت على الخط من هذا المنطلق حين أكدت في تقريرها السنوي الأخير عن وضع حقوق الإنسان في إقليم كردستان سعي مسؤولي وزارة العدل ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، فيما يبدو انتهاكا صارخا لسيادة القانون، إلى فرض مشروع قانون يجرم إهانة القادة السياسيين والدينيين، على الرغم من أن اللجنة القانونية ولجنة حقوق الإنسان بالبرلمان الكردي ترفضان تطبيق هذا القانون حتى الآن. وإذا تم تمرير هذا القانون فسوف يمثل انتهاكا جسيما لمعايير حرية التعبير الأساسية في منطقة كردستان العراق». ودعت المنظمة سلطات الإقليم إلى الكف عن الاحتجاز التعسفي للصحافيين والنشطاء ورموز المعارضة السياسية، وإنهاء ملاحقة الصحافيين بدعوى إهانة الشخصيات العامة أو التشهير بها، وأٍشارت في تقريرها إلى أن حكومة كردستان «قامت خلال 2012 باعتقال واحتجاز 50 على الأقل من الصحافيين والمعارضين ونشطاء المعارضة السياسية بشكل تعسفي، ولاحقت سبعة منهم على الأقل قضائيا بتهم جنائية تتعلق بإهانة شخصيات عامة أو التشهير بها».

ونقلت المنظمة عن نياز عبد الله من مركز «مترو» للدفاع عن الصحافيين، وهو أحد مراكز الحرية الإعلامية المحلية، أن المركز قام بتوثيق أكثر من 100 شكوى بشأن انتهاك حقوق الصحافيين لم تحقق السلطات فيها.

وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لمكتب المنظمة بشمال أفريقيا والشرق الأوسط إن «من المؤسف أن حكومة كردستان الإقليمية تزداد اليوم تباعدا عن صورة الديمقراطية المزدهرة المنفتحة التي ترسمها لنفسها. وهي، بتقويض الضمانات القانونية لحرية التعبير، إنما تقوض أحد الأعمدة الأساسية لأي مجتمع حر».