مالي.. هجوم مفاجئ على القوات الفرنسية والمالية في غاو.. ومخاوف من «حرب عصابات»

لافروف: فرنسا تقاتل نفس المتشددين الذين ساعدت في تسليحهم في ليبيا

TT

شن إسلاميون مسلحون هجوما مفاجئا على القوات الفرنسية والمالية في غاو شمال مالي، ما أسفر عن مقتل خمسة وإصابة 17 وأجبر الأهالي على الاختباء داخل منازلهم. هجوم ينذر بتحول المعركة إلى حرب عصابات قد تجبر القوات الفرنسية على البقاء في المنطقة لفترة طويلة.

من جهته، وفي موقف جديد يصدر من موسكو عن الحليف السابق للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، انتقد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف التدخل الفرنسي في مالي قائلا إن فرنسا تقاتل نفس المتشددين الذين ساعدت في تسليحهم في ليبيا.

هذا وقد أعلنت مصادر عسكرية وطبية أن اثنين على الأقل من الإسلاميين وثلاثة مدنيين قتلوا، وأن 17 أصيبوا الأحد في المواجهات التي اندلعت بين مجموعة من الجهاديين والقوات الفرنسية والمالية في غاو. وشهدت غاو، أكبر مدينة في شمال مالي، الأحد حرب شوارع عنيفة استمرت ساعات بين جنود ماليين وفرنسيين من جهة، ومقاتلين جهاديين من جهة ثانية، وشكلت مرحلة جديدة من النزاع. ونفذ الإسلاميون أيضا في هذه المدينة أول الاعتداءات الانتحارية في تاريخ مالي. وأعلنت حركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا مسؤوليتها عن تلك الاعتداءات التي شهدتها غاو والتي ارتكبت فيها هذه الحركة الإسلامية المسلحة المرتبطة بـ«القاعدة» عددا كبيرا من التجاوزات خلال احتلالها المدينة من يونيو (حزيران) 2012 حتى 26 يناير (كانون الثاني) الماضي عندما طردهم منها الجنود الفرنسيون والماليون. وقد انتقلت قوات مالية من منزل إلى منزل في غاو أمس الاثنين بحثا عن منفذي الهجوم المفاجئ الذي زاد من احتمالات تورط القوات الفرنسية في حرب عصابات في مالي.

وكان متحالفون مع تنظيم القاعدة قد تسللوا عبر نهر النيجر تحت جنح الظلام وحاربوا القوات المالية والفرنسية الأحد في الشوارع الرملية للبلدة التجارية التي سيطرت عليها القوات من الإسلاميين قبل أسبوعين.

وقال وزير الدفاع في مالي ياموسى كامارا إن ثلاثة إسلاميين قتلوا واحتجز 11 رهائن بينما أصيب بعض الجنود الماليين في معارك بالشوارع.

وقال نولايي دجيتيي، وهو طبيب في مستشفى غاو، إن ثلاثة مدنيين قتلوا وأصيب 11 بجروح. وتعرض المصابون لأعيرة نارية طائشة في المعركة. ونفذ الهجوم الجريء للمتمردين بعد تفجيرات متعاقبة شنها مفجران انتحاريان عند نقطة تفتيش شمالية ومثل مفاجأة للعملية العسكرية التي تقودها فرنسا في مالي والتي لم تصادف حتى الآن سوى مقاومة حقيقية محدودة من الإسلاميين.

وأشار الهجوم إلى أن الجيش الفرنسي الذي ينشر أربعة آلاف من جنوده في مالي في إطار عملية تدخل في أسبوعها الخامس معرض لهجمات كر وفر من قبل جهاديين.

وقال مسؤولون فرنسيون وماليون في غاو إن مخاطر التسلل وتبادل إطلاق النار والتفجيرات ما زالت كبيرة. وعزز جنود من مالي وفرنسا في عربات مصفحة مواقع رئيسية ونقاط تفتيش على الطريق عند مداخل البلدة تأهبا لأي هجمات أخرى قد تشنها مجموعات من الإسلاميين الذين ورد أنهم يختبئون في منطقة صحراوية محيطة.

وذكر قادة فرنسيون أنهم يعتزمون بدء سحب قواتهم من مالي في مارس (آذار) وأنهم يريدون تسليم العمليات الأمنية لقوة عسكرية أفريقية أكبر مكونة من ثمانية آلاف جندي يجري تجميعها حاليا وتضم جنودا من دول في غرب أفريقيا. وبعد طرد أغلب المتمردين من بلدات شمالية رئيسية مثل تمبكتو وغاو تركز فرنسا عملياتها على الجبال النائية في شمال شرقي مالي، حيث تلاحق قوات فرنسية خاصة وقوات تشادية قواعد المتمردين. وتعتقد القوات أن المتمردين يحتجزون سبعة فرنسيين على الأقل رهائن في مخابئ عند سلاسل جبال أدرار أفوغاس على الحدود بين مالي والجزائر بعد خطفهم في منطقة الساحل.

من جهة ثانية وفي موقف معارض للتدخل الفرنسي في مالي، بث التلفزيون الروسي حوارا مع وزير الخارجية سيرغي لافروف مساء الأحد انتقد فيه التدخل الفرنسي في مالي قائلا إن فرنسا تقاتل نفس المتشددين الذين ساعدت في تسليحهم في ليبيا. وقال لافروف: «في مالي تقاتل فرنسا نفس الأشخاص الذين سلحتهم في ليبيا في القتال ضد القذافي في انتهاك للحظر الذي فرضه مجلس الأمن الدولي». وأضاف: «حاليا يتقدم الفرنسيون محققين انتصارات في أنحاء مالي ويحتلون مواقع تخلى عنها الإرهابيون بالفعل. سيحررون قريبا على الأرجح كل أراضي مالي. لكن أين ذهب هؤلاء الأشخاص الذين لا يمكن لأحد السيطرة عليهم؟.. لقد انتشروا على الأرجح في البلدان المجاورة، وهو ما يعني أنه سيتعين اتخاذ بعض القرارات بالتدخل هناك. ما يقلقني كثيرا هو عدم القدرة على رفع الأعين عن نقطة محددة على الخريطة الجغرافية للنظر إلى الصورة الأوسع في المنطقة».