«بلاك بلوك» يشلون حركة المرور بالقاهرة في الذكرى الثانية لتنحي مبارك

قطعوا مترو الأنفاق وكوبري أكتوبر.. والشرطة تستخدم خراطيم المياه أمام القصر الرئاسي

TT

تصدر أعضاء جماعة «بلاك بلوك» مشهد احتفال القوى السياسية وشباب الثورة بالذكرى الثانية لتخلي الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة، وقطع أفراد الجماعة الكوبري الرئيسي في العاصمة المصرية القاهرة، والخط الأول لمترو الأنفاق، مما سبب شللا في المرور في القاهرة في وقت الذروة المسائي، بينما ألقى بعضهم أكياسا مملوءة بسائل أحمر على دار القضاء العالي؛ في إشارة لدماء الشهداء وسط مطالبات بالقصاص.

ونظمت قوى سياسية معارضة للرئيس محمد مرسي مسيرات انطلقت في الخامسة من مساء أمس من ميادين مختلفة اتجهت صوب ميدان التحرير، في قلب العاصمة المصرية، وقصر الاتحادية الرئاسي بضاحية مصر الجديدة (شمال القاهرة)، لإحياء ذكرى تنحي مبارك.

وتخلي مبارك عن السلطة في 11 فبراير (شباط) 2011 بعد ثورة شعبية استمرت 18 يوما، اعتصم خلالها مئات الآلاف من المصريين في عدة ميادين بمحافظات مصر المختلفة.

وشهد وسط القاهرة أمس تصعيدات مختلفة من أعضاء جماعة «بلاك بلوك» إذ قطع أعضاء بالحركة كوبري «6 أكتوبر»، أكبر كباري العاصمة المصرية، وافترشوا الأرض في الاتجاه المقبل من منطقة المهندسين بالجيزة إلى ميدان التحرير، وأشعلوا النار في بعض إطارات السيارات وقطعوا بها الطريق، بينما نشبت مشادات كلامية كثيرة بينهم وبين قائدي السيارات الذين اضطروا للسير عكس الاتجاه للنزول من الكوبري.

وبالتزامن مع قطع كوبري «6 أكتوبر»، قطع المئات من جماعة «بلاك بلوك» خط مترو الأنفاق في محطة «أنور السادات» الرئيسية أسفل ميدان التحرير، مما أدى إلى نشوب اشتباكات بالأيدي والحجارة بين المئات من ركاب المترو وأعضاء الحركة الملثمين، الذين اعتدوا على المعارضين لهم بالأسلحة البيضاء والخرطوش، لإرهاب الركاب وهم يحاولون التصدي لهم، كما حطموا قطارا تصادف وجوده في المحطة، وسط غياب لافت للشرطة.

ونظم العشرات من أعضاء حركة «6 أبريل» وقفة أمام دار القضاء العالي مطالبين بالقصاص للشهداء، ورشقوا بوابة المبنى بأكياس بها سائل أحمر اللون في إشارة لدماء الشهداء.

وفي ميدان التحرير، تجمع المئات من المتظاهرين أمام المنصة المقامة بوسط الميدان ورددوا هتافات مناهضة للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، ورفعوا لافتات تدعو إلى إسقاط النظام ورحيل الرئيس مرسي، بينما أذاعت المنصة خطاب تنحي مبارك، في السادسة مساء، وهو الموعد الذي أذاعه فيه التلفزيون المصري قبل عامين.

وواصل المعتصمون في الميدان أمس إغلاق البوابات الرئيسية لمجمع التحرير، أكبر مجمع حكومي إداري في القاهرة، لليوم الثاني على التوالي، كوسيلة ضغط على الحكومة لتنفيذ مطالبهم. ويطالب المعتصمون بإقالة حكومة الدكتور هشام قنديل، وتشكيل حكومة إنقاذ وطني، وإسقاط الدستور الذي تم إقراره في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي في استفتاء شعبي بعد أن وضعته جمعية تأسيسية تقول المعارضة إن الإسلاميين سيطروا على غالبية أعضائها، وإقالة النائب العام المستشار طلعت عبد الله.

وتشهد المحافظات المصرية منذ يوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، أعمال عنف متقطعة على خلفية إحياء الذكرى الثانية للثورة، راح ضحيتها عشرات القتلى ومئات المصابين، ودعت قوى وحركات سياسية معارضة للرئيس مرسي، إلى بدء عصيان مدني، حتى يستجيب الرئيس لمطالبهم.

وأمام قصر الاتحادية، ساد الهدوء الحذر محيط القصر الرئاسي، وسط تكثيف لوجود قوات الأمن المركزي والحرس الجمهوري، بينما انتشرت عناصر من القوات الخاصة داخل ساحة القصر الداخلية، تحسبا لتنفيذ أعضاء حركة «بلاك بلوك» تهديدهم باقتحامه، بينما قامت قوات الحرس الجمهوري بتعلية أجزاء من سور قصر الاتحادية الرئاسي، بجوار البوابتين 3 و4، أول من أمس تحسبا لذكرى تنحي مبارك.

وبعد هدوء حذر، أفادت وكالة الصحافة الفرنسية أن الشرطة المصرية استخدمت مساء أمس خراطيم المياه ضد المتظاهرين الذين كانوا يرشقون قصر الاتحادية الرئاسي في القاهرة بمقذوفات. وكانت مسيرة من مئات المتظاهرين توجهت إلى قصر الاتحادية في ضاحية مصر الجديدة للتنديد بالنظام والمطالبة بإصلاحات سياسية واجتماعية في الذكرى الثانية لتنحي مبارك.

وسدت قوات الأمن البوابة «4» التي حاول المتظاهرون اقتحامها يوم الجمعة الماضي، بأكياس رملية كبيرة، وأكدت مصادر أمنية تحدثت معها «الشرق الأوسط» أنه تم وضع كاميرات مراقبة أعلى القصر تغطي شارع الميرغني الذي يقع به شارع قصر الاتحادية بالكامل، وحتى ميدان روكسي بحي مصر الجديدة.

وأكد المصدر أن القصر مؤمن تماما ضد أي محاولة لاقتحامه من جانب المتظاهرين، وقال: «تم نشر وحدة من القوات الخاصة داخل القصر، ومن جانبنا لن نبادر باستخدام أي عنف إذا التزم المتظاهرون بسلمية التظاهر»، مشيرا إلى أن الرئيس مرسي لم يوجد أمس في قصر الاتحادية وباشر عمله من قصر القبة الرئاسي، وأوضح أن قوات الحرس الجمهوري المكلفة بتأمين القصر التزمت أقصى درجات ضبط النفس يوم الجمعة الماضي ولم ترد على اعتداءات المتظاهرين ومحاولاتهم اقتحام بوابة (4) بالقصر سوى باستخدام خراطيم المياه، حتى تدخلت قوات الأمن المركزي بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

من جانبها، قالت السفارة الأميركية بالقاهرة، إن الخارجية الأميركية لم تصدر تحذيرا لرعاياها من السفر إلى مصر، وقالت، إن «الوزارة أصدرت تنبيها للأميركيين المقبلين إلى مصر أو المقيمين فيها، تتضمن نصائح لهم لضمان أمنهم أثناء وجودهم في الأراضي المصرية». وأوضحت السفارة، في بيان لها أمس أن «الخارجية الأميركية دعت المواطنين الأميركيين للانتباه لما يمكن أن يكون حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وما أدت إليه من أحداث عنف مؤخرا، وتحث الأميركيين على استمرار التحلي باليقظة والانتباه للتطورات ذات الصلة بأمنهم الشخصي وبالأمن المحلى».

وحثت الخارجية الأميركية المواطنين الأميركيين في مصر، على «تجنب الوجود في أماكن المظاهرات، بما فيها المظاهرات السلمية التي يمكن أن تتحول بشكل سريع إلى مظاهرات عنيفة، كما أن الأجانب يمكن أن يصبحوا أهدافا للتحرش أو ما هو أسوأ من ذلك».