«مزحة سياسية» تطيح بالموازنة العامة للعراق والبرلمان يرمي الكرة في ملعب رؤساء الكتل

نائب كردي طالب من باب المزاح بزيادة حصة الإقليم إلى 23%

TT

لا يمر قانون أو تشريع عبر التصويت عليه داخل قبة البرلمان العراقي الذي يضم 325 نائبا ما لم يضع اللمسات الأخيرة عليه رؤساء الكتل، كمحطة أولى، وزعماء الخط الأول في البلاد.

قوانين وتشريعات كثيرة ما زالت مركونة على أرفف هيئة الرئاسة بانتظار التوافق السياسي المفقود منذ سنة على الأقل في العراق نتيجة للأزمات المتلاحقة.

الموازنة المالية للدولة والبالغة هذا العام نحو 138 مليار دولار دخلت نفق الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد بعد أن ظلت تطرأ عليها، وطبقا لما أبلغت به «الشرق الأوسط» مقررة البرلمان باسمة بطرس «كثير من الملاحظات والمقترحات من قبل الكتل البرلمانية، وهو ما بات يعيق التصويت عليها».

وتضيف بطرس (نائبة عن الكتلة المسيحية في البرلمان العراقي) أن «مثل هذه الأمور، التي غالبا ما يتم طرحها في وقت اكتمل كل شيء وقررت هيئة الرئاسة إدراجها للتصويت، هي ما يجعل من الصعوبة تمرير الموازنة في ظل هذه الظروف»، مشيرة إلى أن «اللجان البرلمانية بدأت العمل من أجل التوصل إلى حلول وحصر الخلافات تمهيدا لإيجاد حلول لها».

وكان التحالف الكردستاني قد طالب الكتل السياسية بالإسراع في إقرار الموازنة خلال جلسات مجلس النواب المقبلة. وقال عضو التحالف محما خليل أثناء مؤتمر صحافي عقده في مبنى البرلمان أمس إن «الكل يتصور أن التحالف الكردستاني هو من يعرقل إقرار الموازنة لكن هذا ليس صحيحا»، مطالبا الكتل السياسية بالإسراع في الاتفاق من أجل إقرار الموازنة. وأضاف خليل أن «هناك إرادات سياسية حاولت خلخلة الأوضاع وتأجيل إقرار الموازنة عبر تصريحات إعلامية»، مشيرا إلى أن «حصة الإقليم من الموازنة تبلغ 17% منذ عام 2007 وإلى يومنا هذا»، مطالبا بإجراء تعداد سكاني من أجل زيادة حصة الإقليم. وتابع خليل أن «الإقليم يتسلم كل عام 11% أو 12% من الموازنة الاتحادية من أصل 17%».

وعلى الصعيد ذاته، تبادلت كتلة دولة القانون التي يتزعمها رئيس الوزراء نوري المالكي وكتلة التحالف الكردستاني الاتهامات بشأن عرقلة الموازنة المالية لهذا العام.

وقال عضو البرلمان عن دولة القانون وعضو لجنة الخدمات النيابية إحسان العوادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الموازنة كانت قد قدمت نهاية شهر العام الماضي وكان يفترض أن يتم التصويت عليها بداية هذا العام لكن هناك مسائل طرأت على الساحة، منها مقاطعة العراقية والتظاهرات ألقت بظلالها عليها، ومع ذلك فإنه تم الاتفاق على كل شيء وأصبحت جاهزة للتصويت لولا ظهور مشكلة سياسية جديدة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من قبل التحالف الكردستاني وهو ما أضر بالموازنة».

وأضاف أن «الكرد طالبوا بشكل أو بآخر برفع نسبتهم من الـ17% التي هي أصلا مختلف عليها إلى نسبة 23% فضلا عن مطالبات أخرى بحيث دخلنا في مشكلة حقيقية لا سيما أن هناك من ساندهم لأسباب سياسية منهم نواب في القائمة العراقية». وأوضح العوادي: «وحيال هذا التصعيد من قبل التحالف الكردستاني فإن هناك 122 نائبا وغالبيتهم من التحالف الوطني وبعض نواب العراقية قدموا طلبا بأن يكون التعامل بين المحافظات على صعيد الميزانية على أساس النسبة السكانية» مؤكدا أن «حصة الكرد في ضوء نسبة السكان هي 12% من الموازنة ولكن بعض الاتفاقيات السياسية وغيرها من الأمور جعلت مدنا مثل أربيل أو دهوك أو السليمانية تعامل بأفضلية عن مدن مثل البصرة أو صلاح الدين أو الأنبار أو المثنى وطالبنا بالفعل هيئة الرئاسة بأن تدرج هذا الطلب لغرض التصويت عليه». وبشان الطلبات التي تقدم بها التحالف الكردستاني وعرقلت إقرار الميزانية قال العوادي: «إنهم طالبوا بدفع نحو 4 مليارات دولار أميركي مستحقات للشركات بينما هناك التزامات على هذه الشركات، وهو ما لم تتم تسويته فضلا عن مليار دولار رواتب للبيشمركة وعدم محاسبة الإقليم عن كمية النفط المصدر من قبله». وأشار العوادي إلى أن «كل هذه المسائل لا يمكن أن تتم من طرف واحد وهو الطرف الحكومي قبل أن تتم تسوية كثير من القضايا المرتبطة بها».

من جانبه نفى المتحدث الرسمي باسم التحالف الكردستاني مؤيد طيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن يكون التحالف الكردستاني قد طالب بزيادة نسبته من 17% إلى 23% قائلا: «لا صحة لذلك على الإطلاق لأننا ملتزمون بالاتفاقات بهذا الشأن لحين إجراء تعداد سكاني» كاشفا عن أن «كل الذي حصل هو أن أحد نواب التحالف الكردستاني قال على سبيل المزحة إنهم في حال استمروا بوضع العراقيل فإننا سوف نطالب بزيادة النسبة إلى 23% ».

وأكد طيب أن «طلباتنا ليست جديدة كما أن موقفنا واضح من هذه المسائل منذ البداية، وقد أكدنا التزامنا بالاتفاقات لحين إجراء الإحصاء والذي سوف نلتزم بنتائجه مهما كانت». ودعا طيب إلى «عدم خلط الأوراق بهذا الشأن لأن كل ما يتعلق بمستحقات الشركات أو البيشمركة إنما هي أمور متفق عليها وقسم منها منذ اتفاقية أربيل التي تشكلت الحكومة الحالية بموجبها».

وفي كردستان وبعد احتدام المناقشات حول أبواب ميزانية الإقليم، تقدمت الكتل المعارضة بالبرلمان بطلب إلى رئاسته لإعادة مشروع قانون الميزانية إلى حكومة الإقليم لإجراء التعديلات المطلوبة عليه، ولكن الأغلبية البرلمانية رفضت ذلك، وتقرر الاستمرار بالمناقشات الجارية حوله تمهيدا للمصادقة عليه في غضون الأيام القليلة القادمة. وكانت الجلسات العاصفة حول ميزانية الإقليم للعام الجاري قد شهدت مناقشات حادة بسبب ما تعتبره المعارضة تجاوزات ومبالغات بتخصيصات أبوابها، وخاصة التخصيصات المبهمة التي استوضحت المعارضة وزارة المالية لكشفها بصورة واضحة، وتقدم 97 عضوا من أصل 111 عضوا بأسئلتهم إلى وزيري المالية والتخطيط طوال الجلسات السابقة. وكان رئيس البرلمان قد علق جلساته أول من أمس للتشاور مع الكتل المعارضة حول سبل إيجاد توافق شامل بشأن الميزانية وتمرير قانونها بأسرع ما يمكن لتلافي مشكلة تأخيرها كما حصل في العام الماضي عندما تمت المصادقة على الميزانية بمنتصف السنة.

في غضون ذلك، دعت أطراف المعارضة أمس إلى زيادة رواتب الموظفين والمتقاعدين بنسبة كبيرة بحيث لا يقل راتب الموظف العادي عن 600 ألف دينار (ما يعادل 500 دولار شهريا)، وراتب المتقاعد إلى 450 ألف دينار، ولكن الحكومة رفضت ذلك.