«بنديكتوس السادس عشر».. 8 سنوات «متوترة» على كرسي البابوية

البابا «المبارك» يعلن الانسحاب

TT

«أنا العامل البسيط المتواضع في كرم الرب، قبل كل شيء أنا أطلب صلواتكم لمساعدتي.. دعونا نمض قدما، وسوف يساعدنا الرب.. شكرا لكم». كلمات جاءت قبل 8 سنوات على لسان بابا الفاتيكان «بنديكتوس السادس عشر»، لتكون أولى كلماته وقت تنصيبه عام 2005، لكن مر الوقت سريعا، ليختار الرجل بإرادته أن يسدل الستار على «بابويته» نهاية الشهر الحالي، بعدما أعلن أمس بشكل مفاجئ استقالته التي ستفعل اعتبارا من 28 فبراير (شباط) الحالي، قائلا إنه «بسبب تقدمي في السن، لا يمكنني ممارسة مهامي بشكل جيد، وأعلن انسحابي لما هو خير للكنيسة، وسأخصص حياتي للصلاة وخدمة الكنيسة».

وما بين الكلمتين، شهدت سنوات اعتلاء البابا الكرسي البابوي جدلا في علاقته مع المسيحيين والمسلمين على السواء.

ولد البابا، واسمه الحقيقي جوزيف راتزنغر، في بافاريا الألمانية في 16 أبريل (نيسان) 1927، ودرس اللاهوت والفلسفة عام 1947 وأصبح كاهنا عام 1951. إلى جانب كونه محاضرا في اللاهوت في عدد من الجامعات الأوروبية، ونشر عدة مؤلفات حول اللاهوت والعقائد المسيحية والكاثوليكية. وخلال حبرية البابا بولس السادس (1963 إلى 1978)، أصبح رئيس أساقفة ميونيخ، ثم كاردينالا في 27 يونيو (حزيران) 1977؛ وبعدها بأربع سنوات عينه البابا يوحنا بولس الثاني رئيسا لمجمع العقيدة والإيمان في الفاتيكان، وظل محتفظا بمنصبه حتى انتخابه بابا؛ ثم عين في 1993 أسقفا فخريا على مدينة فليتري الإيطالية؛ وانتخب في عام 1998 نائب عميد مجمع الكرادلة الموكل إليه مهمة انتخاب البابا عند شغور المنصب، وبعد 4 سنوات انتخب عميدا للمجمع.

واعتبر راتزنغر من الشخصيات المؤثرة في الفاتيكان بسبب علاقته المقربة من البابا يوحنا بولس الثاني، وقد ترأس القداس الإلهي خلال جنازته عام 2005. وقام راتزنغر باختيار اسم بندكتوس كاسم بابوي، بحسب عادة البابوات السابقين في تغيير أسمائهم لدى انتخابهم؛ والاسم في اللغة العربية يعني «المبارك».

وخلقت مواقف البابا في سنوات بابويته توترات عدة، منها اعتباره أن الطوائف المسيحية خارج الكاثوليكية ليست كنائس مكتملة الأركان تابعة للمسيح، وهو ما أثار استياء المسيحيين حول العالم.

وامتدت التوترات إلى علاقة البابا مع العالم الإسلامي، كان أبرزها المحاضرة التي ألقاها بجامعة بون في 12 سبتمبر (أيلول) 2006 تحت عنوان «العقل والإيمان في التقاليد المسيحية والحاضر المسيحي»، والتي تطرق فيها إلى موضوع «آيات القتال» في القرآن، مرددا أن الإسلام انتشر بحد السيف، وهو ما وجد ردودا احتجاجية عنيفة من المسلمين في أنحاء العالم، حيث اندلعت مظاهرات في عدد من الدول ذات الغالبية الإسلامية تطالب البابا بالاعتذار.

وعقب المحاضرة بأيام، التقى البابا سبعة عشر سفيرا من سفراء الدول الإسلامية المعتمدين لدى الفاتيكان، وألقى خطابا أبدى فيه أسفه من تداعيات الموقف، وأكد الجوانب المشتركة بين المسيحية والإسلام.

وفي عام 2010، طالب البابا الدول الإسلامية بمنح الأقليات غير المسلمة المقيمة بها الحرية الدينية المطلقة، مستنكرا فرض كثير من الدول الإسلامية كثيرا من القيود على ممارسة الأقليات غير المسلمة لشعائر مللهم.

بخلاف ذلك، قام البابا بزيارة لتركيا في نهاية 2006 وقام بزيارة مسجد السلطان أحمد؛ وزار أيضا مسجد الملك الحسين خلال زيارته الأردن عام 2009. كذلك التقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في عام 2007، ليكون بذلك أول لقاء بين ملك سعودي ورأس الكنيسة الكاثوليكية، وأول زيارة من قبل عاهل سعودي للفاتيكان.