النهضة ترفض مبادرة أمينها العام وتدفع الجبالي نحو الاستقالة

«المؤتمر» يجمد قرار استقالة وزرائه واتجاه في تونس لتشكيل حكومة «توافق وطني»

مئات التونسيين بينهم أرملة شكري بلعيد المعارض التونسي الذي اغتيل الأربعاء الماضي يتظاهرون أمام المجلس الوطني التأسيسي أمس في تونس (رويترز)
TT

طرح رفض المكتب التنفيذي لحزب حركة النهضة مبادرة رئيس الحكومة حمادي الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط بدلا من الحكومة الائتلافية الحالية، تساؤلات في الشارع التونسي عن مصير الجبالي الذي كان هدد بالاستقالة في حال عدم موافقة حزبه على مبادرته.

ويبدو أن قرار النهضة ساهم في إعلان حزب المؤتمر من أجل الجمهورية أهم شريك سياسي للحركة في الحكم عن تجميد قرار استقالة وزرائه وكتاب الدولة من الحكومة لمدة أسبوع آخر.

فقد أعلن محمد عبو الأمين العام لحزب المؤتمر خلال ندوة صحافية عقدها أمس بالعاصمة التونسية أن حزب المؤتمر يعارض مقترح الجبالي ويتمسك بتشكيل حكومة توافق وطني، واعتبر أن في تراجع ممثلي حزب المؤتمر عن الاستقالة من الحكومة «تغليبا للمصلحة الوطنية وأن تفعيل قرار الاستقالة سيقدم خدمة لمبادرة الجبالي».

وقال عبو إن الحزب الذي كان قرر في مطلع الأسبوع الانسحاب من الحكومة سيبقى فيها لمدة أسبوع. وأضاف عبو أن الحزب الذي ينتمي إليه الرئيس المنصف المرزوقي قرر تجميد استقالات وزرائه لمدة أسبوع لإجراء المزيد من المناقشات بشأن حكومة ائتلافية.

وفي هذا الشأن صرح محمد عبو لـ«الشرق الأوسط» بأن مبادرة الجبالي تعتبر انقلابا عن الشرعية وقال إنها لا تختلف كثيرا عن دعوة الباجي قائد السبسي رئيس الحكومة التونسية السابق إلى تشكيل حكومة «التكنوقراط». وانتقد الفكرة قائلا: «إنها لن تجد الدعم السياسي الكافي من أي طرف في صورة اعتزامها فتح ملفات الفساد والمحاسبة على الماضي السياسي لبعض القيادات السياسية وهذا مبرر كافٍ لرفضها».

وقال فتحي العيادي، رئيس مجلس الشورى وهو أعلى هيئة في الحزب إن المكتب التنفيذي لحركة النهضة اجتمع يوم الأحد وأكد موقفه السابق بدعم حكومة ائتلاف تقوم على التوافق.

وقال العيادي «التجربة يجب أن تستمر، ليس من مصلحة تونس أن تنتهي هذه التجربة بهذه الطريقة، خاصة بعد حادثة الاغتيال.. وأن نقضي على ثقافة الائتلاف والتوافق لأن هذا سيفسح المجال للاستراتيجيات الجديدة التي تريد تفتيت المجتمع التونسي».

وأضاف «نحن نعتبر أنه من المفيد أن تستمر حكومة الوفاق السياسي ومطلوب أيضا الانفتاح على الكفاءات الوطنية ونحن نسير في هذا الاتجاه».

وتابع رئيس مجلس الشورى «المكتب السياسي سيمنح مجددا ثقته في رئيس الحكومة الحالي حمادي الجبالي في حال لم يتم الموافقة على مقترحه واستقالته من الحكومة».

من جهته قال نور الدين العرباوي القيادي في حركة النهضة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن أمر إقالة حمادي الجبالي من الأمانة العامة للحركة غير وارد.

واعتبر أن كل المبادرات السياسية سواء الصادرة منها عن قيادات الحزب أو من غيرها من الأطراف السياسية قابلة للمناقشة والدراسة. وأضاف أن حركة النهضة مثلها مثل باقي الأطياف السياسية في انتظار تقديم حمادي الجبالي للتشكيلة الحكومية الجديدة التي قال إنه سيقترحها بنفسه منتصف الأسبوع الجاري دون استشارة بقية الأطراف.

وأردف «إذا لم تحظ مقترح الجبالي بالموافقة فما عليه إلا أن يقدم استقالته من الحكومة إلى رئيس الجمهورية».

ويشغل حمادي الجبالي خطة الأمين العام لحركة النهضة التي يرأسها الشيخ راشد الغنوشي وذلك على أثر عقد المؤتمر التاسع لحركة النهضة خلال شهر يوليو (تموز) 2012.

وقال العرباوي إن المرزوقي حينها سيطلب من حركة النهضة صاحبة الأغلبية في المجلس التأسيسي (89 عضوا من جملة 217 عضوا) ترشيح رئيس جديد للحكومة وبإمكان حركة النهضة أن تجدد ثقتها في حمادي الجبالي وأن تمنحه الضوء الأخضر لتشكيل حكومة جديدة ولكن وفق شروط جديدة كذلك.

وحول اجتماع المكتب التنفيذي لحركة النهضة نهاية الأسبوع الماضي وما قدمه من مواقف تجاه مبادرة الجبالي، قال العرباوي إن قيادات الحركة رفضت المبادرة وبررت رفضها بالضعف الذي ستعرفه حكومة الكفاءات الوطنية واعتبرت أنها ستكون هشة وضعيفة للغاية وغير قادرة على اتخاذ قرارات سياسية في مستوى أهداف الثورة.

وشبه مقترح حمادي الجبالي بتشكيل حكومة تكنوقراط بـ«المغامرة التي لا يمكن أن تلقى الدعم من حركة النهضة».

وعن البديل الذي ترى الحركة أنه قادر على إخراج البلاد من عنق الزجاجة، قال العرباوي إن حركة النهضة لها رغبة في تشكيل حكومة قوية وتوسيع دائرة الائتلاف السياسي والتمسك بالشرعية التي أفرزتها الثورة التونسية.

واعتبر أن حركة النهضة تتفق مع حزب المؤتمر بشأن معارضة مبادرة حكومة التكنوقراط، إلا أن قيادات حزب التكتل الشريك الثالث في الحكم كانت قد عبرت عن دعمها لمبادرة الجبالي وهو ما طرح تساؤلات عميقة حول مواصلة الحديث عن ائتلاف ثلاثي حاكم في تونس.

وقال محمد نجيب الغربي عضو مجلس الشورى ورئيس الإعلام والاتصال في حركة النهضة «إن حركة النهضة متمسكة بحكومة ائتلافية تضم كفاءات من الأحزاب السياسية». وأضاف الغربي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع تراجع الجبالي عن مبادرته إذا تبين له تمسك الأحزاب السياسية الممثلة داخل المجلس التأسيسي بحكومة توافق وطني، مستبعدا إقدام الجبالي - العقلاني - على الاستقالة.

ولا يميل الجناح المحافظ داخل حركة النهضة لمقترح حمادي الجبالي الذي يصنف ضمن الوجوه المعتدلة للحزب، بتشكيل حكومة كفاءات وطنية لحين موعد الانتخابات المقبلة، من أجل تجنيب البلاد الفوضى والمزيد من الاحتقان السياسي.

وأعلن الجبالي أنه سيقدم استقالته من رئاسة الحكومة في حال لم يتم القبول بحكومته المقترحة على أن يعهد لرئيس الجمهورية باختيار رئيس وزراء جديد لتكليفه بتشكيل حكومة أخرى وفق مقتضيات القانون المؤقت للسلطة العمومية المعمول به حاليا في البلاد.