صبرا لـ«الشرق الأوسط»: الزعبي هدد تركيا منذ أيام.. وحاولوا اغتيالنا لأننا لم نغير مواقفنا

جولة قيادة المجلس الوطني في شمال سوريا تثمر عن خطة لتحسين أوضاع السوريين وإغاثتهم

أم جعفر المقاتلة في جيش سوريا الحر تجلس مع زوجها وابنتهما في منزلهم في حلب أمس (رويترز)
TT

أعلن المجلس الوطني السوري أمس أن زيارة وفده إلى «المناطق المحررة في شمال سوريا حققت أهدافها على الرغم من الاستهداف الذي تعرّض له الوفد في اليوم الأخير من الزيارة، بتفجير سيارة مفخّخة على الحدود التركية في منطقة باب الهوى بولاية هاتاي». وعلى الرغم من إقراره أن النتائج تصدر عن التحقيقات وليس التصريحات، اتهم رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا في اتصال اجرته معه «الشرق الأوسط» من لندن نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالوقوف وراء التفجير. واعتبر صبرا أن هذا النوع من التفجيرات ليس بالجديد على النظام السوري، وأنه «أسلوب النظام منذ اليوم الأول له في السلطة. اللبنانيون خبروا هذا الأسلوب، وكذلك الفلسطينيون والعراقيون، وليس مستغربا أن يعود نظام الأسد لمثل هذا الأسلوب». وربط صبرا بين تفجير السيارة المفخخة الذي أسفر عن مصرع ما لا يقل عن 14 شخصا، و«التهديد شبه المباشر لتركيا،» الصادر عن وزير الإعلام السوري عمران الزعبي، في إشارة إلى حديث الزعبي مع التلفاز السوري عن أن الحدود السورية التركية أصبحت «وهمية» في 9 فبراير (شباط) الجاري.

وفي تفاصيل الحادثة، قال محمد سرميني، مدير مكتب غازي عنتاب في المجلس الوطني في اتصال اجرته معه لـ«الشرق الأوسط» من لندن إن وفدا مؤلفا من 13 شخصية بدأوا قبل أربعة أيام زيارات ميدانية للشمال السوري، بمنطقة إعزاز وفي اليوم التالي اتجهوا للريف الشمالي لحلب وكان من المفترض أن يخصص اليوم الثالث لجولات ميدانية في ريف إدلب وذلك من خلال معبر باب الهوى على الحدود التركية السورية، مشيرا إلى أن المبيت خلال الليالي الثلاث كان في تركيا. ويضيف سرميني سرد ملابسات محاولة الاغتيال بالقول، «رداءة الطقس ووقوفنا في استراحة للتزويد بمادة البنزين أديا إلى تأخرنا نحو نصف ساعة. في هذه الأثناء جاءنا اتصال من المعبر يعلمنا أن سيارة بنمرة سورية انفجرت في نفس الوقت الذي يفترض أن نمر فيه بالمعبر، وبناءً عليه، فمن الواضح أن هدف التفجير هو قيادة المجلس الوطني». وأضاف سرميني أن جدول الزيارة تم بالتنسيق مع قيادة أركان الجيش الحرّ نافيا أن تكون التحركات تمت بشكل سري، موضحا أن التفجير لم يثن أعضاء المجلس عن الدخول لسوريا، مضيفا، «من يقصف في الداخل السوري بشكل يومي ليس أرخص منا ونحن لسنا بأعز ممن يستهدف بالدبابات والصواريخ».

وفي سياق متصل، قال رئيس المجلس الوطني السوري السابق عبد الباسط سيدا، لـ«الشرق الأوسط»، إن الزيارة أتت في إطار الدعم والتواصل مع القيادات في الداخل السوري، لا سيما بعد قرار رئيس الائتلاف الوطني معاذ الخطيب الحوار مع النظام، في خطوة لا تتوافق مع الأسس والميثاق التي بني على أساسها الائتلاف. ووصف سيدا الزيارة التي شملت مناطق سوريا عدّة والتقى خلالها الوفد مواطنين وعائلات سورية مطلعا على وضعهم وحاجاتهم، بأنّها ناجحة، لا سيّما لجهة نتائج اللقاءات التي جمعته مع قيادة هيئة الأركان في الجيش الحر وقيادات المجالس العسكرية، التي أكّدت على المضي قدما في مسار الثورة ووضع خطّة لآفاق العمل العسكري والسياسي، وسيتمّ مناقشتها في اجتماع قريب للمجلس.

وفي حين لفت سيدا إلى أنّه لو كان الدعم العسكري للجيش الحر كافيا وقامت الدول بتنفيذ وعودها، كان نجح في حسم المعركة منذ فترة طويلة. أشار إلى أنّ هذه الكتائب التي تقاتل بمعنويات عالية تعتمد في سلاحها على الجهد الذاتي. وفي حين أشار سيدا إلى أنّ هذه الزيارة أتت بعد قبول الخطيب الحوار مع النظام، أكّد أن المجلس الوطني لا يعمل وفق مبدأ الفعل وردّ الفعل، من دون أن ينفي أنّ مبادرات كهذه قد تؤثر سلبا على وحدة المعارضة وتحدث نوعا من البلبلة في صفوفها، مضيفا «لكن بالتأكيد موقفنا واضح تجاه هذه المبادرة التي نرى أن نهايتها لن تكون مختلفة عن كل سابقاتها، كما أنّ توقيتها لم يكن مناسبا»، لافتا إلى أنّه سيتم مناقشتها ضمن إطار المجلس الوطني والمكتب التنفيذي وفي أوساط المعارضة بشكل عام.

بدوره، أعلن أحمد رمضان، عضو المكتب التنفيذي في المجلس الوطني السوري أنّ المكتب تلقى عشية الزيارة تقارير عن استهداف مناطق معينة بالقصف بواسطة الصواريخ أثناء وجود وفد المجلس، مما اقتضى تغيير جدول الزيارة وتوجه الوفد إلى مناطق أخرى في الداخل السوري، مؤكدا أنّ كل هذه التهديدات والمحاولات التي اتبعها النظام لم تؤد لمنع هؤلاء المعارضين من القيام بزيارة مخيمات اللاجئين ومناطق سوريا عدّة منها، إعزاز وجرابلس ومنبج ومعابر السلامة وباب الهوى، إضافة إلى الاجتماع برئاسة أركانِ الجيش الحرّ وقادة كتائب ميدانية وممثلي التنسيقيات وهيئات الإغاثة والصحة لبحث الاحتياجات وتقديرها وتقديم مساعدات مباشرة للمخيمات وعدد من الهيئات.

وأشار رمضان إلى أنّ أهمّ النتائج التي أثمرتها الجولة، هي خطة المجلس الوطني لتحسين وضع اللاجئين وحياتهم من خلال مشاريع عدّة، أهمّها بناء مصاف للنفط وتأمين تكرير المياه بصورة صحيحة وإيصال الكهرباء إلى عدد من المناطق والمشافي بالتعاون مع الدولة التركية، كذلك، إعادة تأهيل معبرين على الأقل للعمل وفق معايير دولية مقبولة للتبادل التجاري ومرور المسافرين، وتأهيل مستشفيات بهدف زيادة قدرتها الاستيعابية وتزويدها بأجهزة ومعدات وأدوية وسيارات إسعاف، ومساعدة الوحدات الإعلامية في تأسيس بنية تحتية لعملها.

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن جنوح المناطق المحررة من نظام الأسد للتطرف، أشار صبرا إلى أن الجولة أفسحت لهم المجال لرؤية «كل منظمات المقاومة المسلحة على الأرض»، وأضاف صبرا أن المناطق المحررة تعيش في حالة لا مثيل لها من البؤس والافتقار للحدود الدنيا للحياة الإنسانية «ومع ذلك وجدنا بعض المناطق المحررة قد نظمت بشكل يدعو للإعجاب من قبل الثوار،» وخص بالذكر كلا من منبج وإعزاز الواقعتين في الريف الشمالي لحلب.

يشار إلى أن السيارة انفجرت على بعد أمتار معدودة من مكان كان يتجمع فيه عشرات المدنيين السوريين وعمال الإغاثة الأتراك. وقد عزا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أمس الانفجار إلى غياب التفتيش على الجانب السوري من البوابة الحدودية، وقال لأعضاء حزبه: «بما أن البوابة الحدودية على الجانب السوري لا تعمل بكفاءة ولا يوجد تفتيش على هذا الجانب تمكنت سيارة محملة بالمتفجرات من الوصول إلى بوابتنا الحدودية وانفجرت».