الرياض تنعى أميرها سطام بن عبد العزيز

نجله عبد العزيز لـ«الشرق الأوسط»: راضون بقضاء الله

الأمير سطام بن عبد العزيز (واس)
TT

فقدت العاصمة السعودية الرياض أمس أحد أمرائها الأمير سطام بن عبد العزيز، الذي كانت وفاته صدمة للكثير من المسؤولين والمواطنين، خاصة لما عرف عنه من تواضع جم ومحبة للناس والخير.

ولم يستطع الأمير عبد العزيز بن سطام بن عبد العزيز أن يخفي حزنه العميق لفقد والده، وهو الابن الثلاثون من أبناء المؤسس الملك عبد العزيز، مستقبلا اتصال «الشرق الأوسط» لعزائه بوالد الجميع، مرددا الحمد والرضا لله على ما أصابهم لفقدان والدهم.

وقال الأمير عبد العزيز: «نحن راضون بقضاء الله وقدره، والموت درب سيسلكه الجميع، وإن شاء الله إن والدي ارتاح الآن وربحت تجارته عند من هو أرحم به منا»، مؤكدا أن الصلاة عليه ستكون عصر غد الأربعاء في جامع الإمام تركي بن عبد الله بالرياض.

ويتذكر السعوديون الوثيقة التي وقعها الأمير سطام بن عبد العزيز وهو المولود في 21 يناير (كانون الثاني) من عام 1941، قبل 3 سنوات للتبرع بكافة أعضائه للمركز السعودي لزراعة الأعضاء، متبرعا بها لإخوانه المحتاجين، فأي سخاء يكون بتبرع بعضو من الجسد، لتكون بذلك دعما وحثا على الإيثار؟ إذ لم تكن الأعمال الإنسانية والخيرية لدى الأمير الراحل سطام بن عبد العزيز مجرد هاجس يراوده في حياته فقط، بل حرص على تطبيق منهجه الخيري حتى بعد مماته، ليكون أول الموقعين على وثيقة التبرع بالأعضاء لصالح المركز السعودي لزراعة الأعضاء.

بهذا العمل الإنساني قدم الأمير الراحل سطام بن عبد العزيز دلالة واضحة على أن العمل الإنساني لا يقف عند حد معين، حيث كان أسوة للآخرين للتبرع بأعضائهم وإنقاذ إخوانهم المرضى الذين يعانون مسألة انتظار زراعة الأعضاء في أجسادهم، الأمر الذي يمثل قمة التكافل بين أبناء هذه البلاد.

وبخصوص التوقيع على وثيقة التبرع التي صادق عليها الأمير الراحل سطام بن عبد العزيز، فقد جاء نصها: «أقر أنا الموقع أدناه بأنني أخبرت أقربائي بشأن رغبتي في التبرع بأعضائي المبينة أدناه بعد وفاتي، وذلك بغرض زراعتها لمن يحتاجها من إخواني المرضى»، والتي ينطبق عليها قوله عز وجل: «ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».

ويمتلك الأمير سطام الذي لازم أخاه الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد، حينما كان الأمير سلمان أميرا للرياض، مكتبة عامرة، وشغفه بالعلم، وهو خريج جامعة سان دييغو في الولايات المتحدة التي حصل منها في عام 1965 على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، بعد أن بدأ دراسته الأولى في مدارس الأمراء، ثم التحق بمعهد الأنجال الذي يعرف اليوم بمعهد العاصمة النموذجي.

ونشأ الأمير سطام في بيت أسرة حكم، التي انطلقت من الرياض، وهو الذي ترعرع منذ صغره على صوت طيورها ونسمات حقولها؛ لتكون بذلك انطلاقة حياته العملية منها، ليتم تعيينه وكيلا لإمارتها عام 1968، ليرتقي بعد ذلك لمنصب نائب الأمير، وذلك في عام 1979، حتى صدر أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بتعيينه أميرا للرياض في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2011، وهي التي تعاقب على إمارتها، خلال أكثر من 8 عقود مضت، 8 شخصيات، قبل أن يصدر أمر ملكي بتعيين الأمير سطام في هذا المنصب قبل نحو عامين، حيث تعاقب على إمارة منطقة الرياض كل من: محمد بن سعد بن زيد (1929 إلى 1936)، والأمير ناصر بن عبد العزيز (1937 إلى 1947)، والأمير سلطان بن عبد العزيز (1947 إلى 1952)، والأمير نايف بن عبد العزيز (1952 إلى 1955)، والأمير سلمان بن عبد العزيز (فترتين.. الأولى 1955 إلى 1960. والثانية 1963 حتى 2011)، والأمير فواز بن عبد العزيز (1960 إلى 1961)، والأمير بدر بن سعود بن عبد العزيز (1961 إلى 1963) والأمير سطام بن عبد العزيز (2011 إلى 2013).

وللأمير سطام أربعة أبناء من زوجته الأميرة شيخة بنت عبد الله بن عبد الرحمن الفيصل، وهم الأمراء هالة وعبد العزيز ونجلاء وفيصل، والأميران عبد العزيز وفيصل ممن يحملون مؤهلات عليا في السياسة الشرعية والقانون.

وتعتبر خبرة الأمير سطام الإدارية التي امتدت لأكثر من 45 عاما حاسمة ليحمل وشاح الملك عبد العزيز من الطبقة الأولى، الذي يعد أعلى وسام في البلاد، كما منحته جامعة سان دييغو الأميركية التي حصل منها على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، الدكتوراه الفخرية.

للأمير سطام بن عبد العزيز دور محوري في الأعمال الخيرية، حيث يترأس الكثير من الهيئات والمجالس واللجان ذات الطابع الخدمي والإنساني والإغاثي، فهو رئيس مجلس منطقة الرياض، ورئيس لجنة إطلاق سراح السجناء المعسرين، ورئيس اللجنة العليا للسعودة، ورئيس الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ورئيس مجلس إدارة مصلحة المياه والصرف الصحي بمنطقة الرياض، ورئيس مجلس إدارة جمعية البر بالرياض، ونائب رئيس لجنة مشروع الأمير سلمان للإسكان الخيري، ورئيس مبرة الشيخ عبد العزيز بن باز لمساعدة الشباب على الزواج، ورئيس مجلس جمعية رعاية الأيتام بمنطقة الرياض، ورئيس اللجنة المحلية لجمع التبرعات لمسلمي كوسوفو والشيشان بمنطقة الرياض، ورئيس لجنة الدفاع المدني، والرئيس الفخري للجنة أصدقاء المرضى بمنطقة الرياض، ورئيس جمعية رعاية مرض الفشل الكلوي بمنطقة الرياض، كما حصل في وقت سابق على وسام الملك عبد العزيز من الطبقة الأولى نظير مجهوداته الإدارية.

وكان الأمير سطام عضد أمير الرياض السابق الأمير سلمان بن عبد العزيز الذي أصبح وليا للعهد للعاهل السعودي حاليا، وكان له دور في النقلة الحضارية التي حققتها العاصمة ومحافظاتها، إذ استمر لنحو 33 عاما نائبا لحاكم الرياض، من خلال عدد من الأذرع التطويرية المساندة في تطوير العاصمة السعودية، مثل مجلس منطقة الرياض، والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، واللجنة العليا للسلامة المرورية، وغيرها من القطاعات الخدمية التي حظيت بدعم كبير، ونقلة مؤسساتية حولت المدينة إلى عنصر جذب في شتى مجالات الحياة، كما مثلت الرياض الوجهة الأولى للمواطنين الذين يرغبون في مواصلة تعليمهم والالتحاق بالوظائف في القطاعين الحكومي والخاص، إضافة إلى ارتيادها بشكل سنوي لحضور المهرجان الوطني للتراث والثقافة الذي يحظى برعاية ودعم القيادة السياسية.

ويوصف أمير المنطقة بأنه الحاكم الإداري، والمسؤول الأول عن جميع أمورها الداخلية، وإليه يرجع القاضي أو المسؤول المالي، كما كان يشرف على تنفيذ الأمور الشرعية وتطبيق الأنظمة والتعليمات التي تصدر إليه من ولي الأمر. وتعد منطقة الرياض التي تقلد الراحل إمارتها، من أهم المناطق الإدارية في السعودية، حيث كانت نواة الدولة السعودية المعاصرة عند قيامها، وفيها عاصمة الدولة.. الأمر الذي أسهم في سرعة نموها وتطورها، ولم يكن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، في بادئ الأمر يحتاج إلى تعيين أمير في الرياض، عندما كان موجودا؛ إذ يقوم شخصيا بمهام الإمارة في الرياض، علاوة على تسيير أمور الحكم في البلاد.

ويتبع منطقة الرياض، وفق نظام المناطق، عدد من المحافظات، أبرزها: الأفلاج، وحوطة بني تميم، والخرج، والدرعية، والدوادمي، والزلفى، وشقراء، والقويعية، والمجمعة، ووادي الدواسر، وثادق، والحريق، وحريملاء، ورماح، والسليل، وضرما، وعفيف، والغاط، والمزاحمية، كما يتبع مقر الإمارة والمحافظات مئات المراكز يقدر عددها بنحو 440 مركزا.

وتحظى المحافظات والمراكز التابعة لمنطقة الرياض باهتمام كبير من إمارة المنطقة، من خلال ممثلي الإمارة والمسؤولين عن تلك المحافظات والمراكز، الذين يقومون بدورهم في رفع كل الاحتياجات الخاصة بالمحافظات والمراكز.