اليمن: «هيومان رايتس ووتش» تدعو لإلغاء «الحصانة» والتحقيق في «جمعة الكرامة»

سكرتير الرئيس السابق: نحن مع تولي الأمم المتحدة فتح القضية.. والحصانة لا تخص صالح وحده

TT

اتهمت منظمة حقوقية دولية مسؤولين في نظام الرئيس السابق، علي عبد الله صالح، بأنهم كان لهم دور كبير في مجزرة ما بات يعرف بـ«جمعة الكرامة» في اليمن، في وقت حمل سكرتير الرئيس السابق على المنظمة الدولية وأعلن استعداد حزبه لفتح تحقيق دولي في المسألة.

ودعت منظمة «هيومان رايتس ووتش»، المعنية بحقوق الإنسان، أمس، إلى إجراء تحقيق جديد في مقتل 45 متظاهرا في مارس (آذار) 2011 بالعاصمة اليمنية صنعاء، منتقدة بشدة «تدخل» نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح. كما دعت المنظمة، ومقرها الولايات المتحدة، البرلمان اليمني إلى إلغاء قانون يمنح صالح وأعوانه الحصانة من الملاحقة القضائية في ما يتعلق بالانتهاكات التي ارتكبت إبان فترة حكمه التي استمرت ثلاثة عقود. ولقي 45 شخصا على الأقل حتفهم في الثامن عشر من مارس 2011 إثر قيام رجال مسلحين بفتح النار في «ساحة التغيير» التي احتشد فيها المتظاهرون على مدى قرابة شهر مطالبين بإنهاء حكم صالح. وقالت «هيومان رايتس ووتش» إنه «تبين لها أن عدة مسؤولين حكوميين بارزين، حاليين وسابقين، يبدو أنه كان لهم دور في المذبحة، لكن لم يتم اتهامهم». وأضافت المنظمة أن «صالح أقال النائب العام عبد الله العلفي من منصبه في أبريل (نيسان) 2011، بعد أن أصبح واضحا أنه (العلفي) يأخذ على عاتقه بشدة التحقيق» في المذبحة.

كما جاء في التقرير أن من «الجناة الثمانية المعتقلين في الحادث، يبدو أن الكثير منهم شركاء هامشيون في الجريمة على أقصى تقدير. ومن بينهم عامل قمامة (65 عاما)، ورجل مشرد شبه ضرير».

وقالت المنظمة إن قوات الأمن المركزي، التي كان يتولى قيادتها ابن شقيق صالح، جرى تحذيرها من وقوع هجوم وشيك، لكنها انسحبت من مسرح الأحداث في الليلة التي سبقت الحادث.

وأضاف التقرير أن القوات لم تعد «إلا بعد انتهاء الجزء الأسوأ من الحادث، وعند تلك المرحلة قامت بعمل ساتر بين المسلحين والمتظاهرين».

ولفتت «هيومان رايتس ووتش» إلى أنه قبل تنحي صالح وتسليمه الرئاسة لنائبه عبد ربه منصور هادي في فبراير (شباط) 2012، قام البرلمان اليمني بتمرير قانون يمنح صالح وكذلك «أولئك الذين عملوا معه» حصانة من الملاحقة القضائية.

وقام المتظاهرون بالاحتشاد مرارا وتكرارا في الشوارع للمطالبة برفع الحصانة عن صالح، كان آخرها أثناء زيارة وفد من مجلس الأمن الدولي لصنعاء الشهر الماضي. وفي تـعليق له على الاتهامات، قال أحمد عبد الله الصوفي، القيادي في حزب «المؤتمر الشعبي العام» والسكرتير الإعلامي للرئيس السابق علي عبد الله صالح: «نحن لا نريد أن نشخصن الحصانة كأنها خاصة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح، لأن صالح يحصنه أمران: الأول رصيده السياسي، والثاني مساحة مؤيديه». وأكد الصوفي أن الحصانة التي منحت بموجب المبادرة الخليجية لم تكن للرئيس السابق وحده، ولكنها كانت «له ولفريقه كاملا بمن في ذلك أولئك الذين يطالبون بمحاكمة صالح نفسه»، وأضاف سكرتير صالح: «نحن في (المؤتمر الشعبي العام) مع فتح تحقيق دولي في موضوع (جمعة الكرامة)، تتولاه الأمم المتحدة وليس طرفا أميركيا غير محايد، على أن يحقق مع جميع الأطراف ذات العلاقة». وأكد الصوفي أن الذين يعرفون حقيقة ما حدث يوم 18 مارس 2011 هم «أعضاء اللجان الأمنية ولجان التغذية في (ساحة التغيير)، حيث كان ممنوعا على أفراد الأمن الوجود في هذه المناطق»، في إشارة إلى منظمة هيومان رايتس ووتش. وحمل الصوفي بشدة على المنظمة الدولية التي اتهمها بالتغاضي عن «ما تقوم به الطائرات من دون طيار الأميركية التي تنتهك السيادة اليمنية وتقتل اليمنيين من مدنيين وغيرهم» واتهم الصوفي المنظمة الدولية بأنها تلعب دورا سياسيا بدلا من الدور الحقوقي المنوط بها. وفي رده على القول بأن الطائرات الأميركية كانت تضرب أيام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وأن عددا من اليمنيين قتلوا في غارات من هذا النوع في الماضي، قال الصوفي: «الحالة الوحيدة التي حدثت، هي عملية اغتيال أبو علي الحارثي» الجهادي الذي اغتالته طائرات أميركية في مأرب قبل سنوات.

إلى ذلك، ذكرت مصادر إعلامية يمنية أن جنودا من قوات مكافحة الشغب اعتدوا بالضرب أمس على جرحى معتصمين أمام مقر الحكومة وسط العاصمة صنعاء، وقال شهود عيان لـ«المصدر أونلاين» إن 5 معتصمين أصيبوا بجراح. ووقعت الحادثة بالتزامن مع الاجتماع الأسبوعي للحكومة. وقال الشهود إن ناقلة مليئة بالجنود وصلت بشكل مفاجئ إلى باحة الاعتصام، مصحوبة بعربة المياه، وأحاط الجنود بـ«حصار» مشدد على المنطقة. وأضافوا أن الجنود اعتدوا على عدد من الجرحى، بالهراوات والغازات المسيلة بالدموع، بينما أسعف الجرحى إلى المستشفى الجمهوري.

من جانبه، أدان رئيس الوزراء اليمني الحادثة، وأعلن تشكيل لجنة تحقيق، وقال مصدر مسؤول في الحكومة لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) إن رئيس مجلس الوزراء محمد سالم باسندوة طلب من النائب العام ووزير الداخلية تشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الاعتداء، على أن تضم اللجنة عضوين من أعضاء مجلس النواب، مؤكدا أن رئيس الوزراء شدد على اللجنة أن تعمل على إنجاز مهمتها بأسرع وقت ممكن، والوصول للحقيقة لمحاسبة المعتدين وإطلاع الرأي العام على الحقائق كما هي. ووجه وزير الداخلية، اللواء الدكتور عبد القادر قحطان، بتشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الحادثة التي وقعت أمس أمام مبنى رئاسة مجلس الوزراء. وتضمن التوجيه تشكيل اللجنة برئاسة وكيل وزارة الداخلية لقطاع الأمن العام اللواء عبد الرحمن حنش، وعند استكمال الإجراءات سيتم إحالة نتائج التحقيقات إلى النيابة العامة.

ويعاني اليمن تردي الأوضاع الأمنية منذ اندلاع أحداث الانتفاضة ضد نظام حكم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، وتخشى دول غربية وإقليمية من أن يكون انهيار اليمن فرصة لتقوية وجود تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، الذي يتخذ من البلاد مقرا له.