لبنان يخرق حظر تصدير المحروقات لدمشق.. ووزارة الطاقة تقول إنها غير ملتزمة بالعقوبات

400 ألف لتر مازوت تنقل يوميا إلى سوريا.. والحكومة تقول إنه من «الأخضر»

TT

أثار نقل مادة السولار (المازوت) من لبنان إلى سوريا، جدلا واسعا في لبنان، بينما يتخوف السياسيون المعارضون من تعرض لبنان لخطر «إجراءات في التعامل الدولي مع لبنان نظرا لخرقه العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على سوريا»، بالإضافة إلى مخاطر «فقدان هذه المادة الحيوية من السوق اللبنانية».

وتنقل شاحنات سورية يوميا كمية من المازوت الأحمر الذي تستورده الدولة اللبنانية إلى سوريا، عبر معبر المصنع الحدودي شرق لبنان، ومعبر العريضة الحدودي في الشمال. ويشير نقيب أصحاب محطات المحروقات في لبنان سامي البراكس إلى أن كمية المازوت التي يتم نقلها يوميا إلى سوريا «تتراوح بين 300 و400 ألف لتر، ما يعادل 10% من حاجة السوق اللبنانية يوميا»، لافتا في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» إلى أن هذه المادة «يتم تحميلها من مصفاة الزهراني الحكومية في جنوب لبنان، وهي مادة المازوت الأحمر».

لكن وزارة الطاقة اللبنانية، نفت تصدير كميات من المازوت من مصفاة النفط في الزهراني، وأصدرت بيانا أوضحت فيه أنه «حتى الآن لم يتم تصدير أي كميات إلى سوريا من الخزانات التابعة لمنشآت النفط في مصفاتي طرابلس والزهراني خلافا للمعلومات الموزعة». وأشار البيان إلى أن «الصهاريج السورية التي تشاهد في منطقة الزهراني تتم تعبئتها من إحدى شركات القطاع الخاص الموجودة في الزهراني»، مؤكدا أن «المازوت المعاد تصديره إلى سوريا والخارج هو ما يعرف بالمازوت الأخضر الذي تستورده الشركات الخاصة حصرا، وبالتالي هذه المادة غير موجودة أبدا في المصفاتين».

وأوضح البيان أن «ما يحكى عن خرق للعقوبات النفطية على سوريا غير صحيح إطلاقا لأن الحكومة اللبنانية غير ملتزمة بالعقوبات على سوريا، وهي عقوبات غير ملزمة، والدليل على ذلك أرتال الشاحنات الموجودة على الحدود السورية - اللبنانية التي تحمل مختلف أنواع البضائع».

وكان البراكس قد أكد أن الشاحنات السورية «لا تشتري المازوت الأخضر بسبب ارتفاع سعره مقارنة بالمازوت الأحمر»، مشيرا إلى أن «المازوت الأخضر تستورده الشركات، أما الأحمر فتستورده الحكومة اللبنانية». وإذ لفت إلى «مخاوف من فقدان هذه المادة في السوق اللبنانية التي تستهلك نحو 4 ملايين لتر يوميا في الشتاء»، أكد أن ذلك «يتوقف على ميزانية الدولة اللبنانية، وعلى كمية المازوت الاحتياطية الموجودة في خزاناتها».

وخلافا لما أوضحته وزارة الطاقة في بيانها أن لبنان غير ملتزم بالعقوبات النفطية على سوريا، أوضحت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الخطوة «تضع لبنان في مواجهة مع المجتمع الدولي، ومع الدول الأوروبية والولايات المتحدة التي فرضت عقوبات على النظام السوري». وأشارت إلى أن لبنان «يخالف شبه الإجماع الدولي، وتترتب على هذه الخطوة مخاطر اقتصادية وسياسية».

وأوضحت المصادر أن الالتزام بالحظر الدولي المفروض على سوريا «هو موقف مبدئي لحماية أنفسنا من المخاطر المترتبة على خرق هذا الحظر»، مشددة على «أننا بلد صغير لا يستطيع أن يواجه مخاطر اقتصادية دولية»، فضلا عن ذلك «يخالف موقف الحكومة اللبنانية النأي بالنفس عن الأزمة السورية».

وكانت ليلة أول من أمس قد شهدت حادثة إطلاق نار على ثلاث شاحنات محملة بالمازوت في طرابلس، أصيبت خزاناتها بثقوب، مما أدى إلى تسرب كميات من حمولتها. وقالت مصادر ميدانية في طرابلس لـ«الشرق الأوسط» إن الأجهزة الأمنية اللبنانية ووحدات من الجيش اللبناني «حضرت إلى المكان على الفور وضربت طوقا أمنيا حوله، قبل إصلاح الثقوب التي أحدثتها الرصاصات، ومغادرة المكان بمواكبة عسكرية». وأشارت المصادر إلى أن صهاريج المازوت «فقدت جزءا بسيطا من حمولتها جراء إطلاق النار».

إلى ذلك، ذكرت «المؤسسة اللبنانية للإرسال» أن الجيش اللبناني في البقاع (شرق لبنان) رفع أمس من حال جهوزيته للحفاظ على سلامة الشاحنات المتوجهة عبر طريق ضهر - البيدر الدولي باتجاه نقطة المصنع الحدودية، وقد تم توقيف عبور الشاحنات ليلا كي لا تتعرض للخطر. وفي الوقت نفسه، ذكرت مواقع إلكترونية أن «الشاحنات المحملة بالمازوت انطلقت صباح أمس من بلدة تعنايل باتجاه الحدود وسط دوريات مكثفة لوحدات الجيش».

وكان أول اعتراض لصهاريج المحروقات التي تنقل المازوت إلى سوريا، جرى في 5 يناير (كانون الثاني) الماضي، حيث أجبرت على إفراغ حمولتها، على اعتبار أن هذه المواد يجري تسليمها للنظام في سوريا.

وفي ظل الحظر على استيراد المحروقات والعقوبات الاقتصادية على سوريا، تؤمن دمشق المازوت من الإنتاج المحلي الذي يغطي 65 في المائة من حاجة السوق، بينما تلبي النسبة الباقية من تهريبه عبر لبنان والعراق.

وتحتاج سوريا يوميا إلى 30 مليون لتر من مادة المازوت في الشتاء، تستخدم للتدفئة وتوليد الكهرباء وتشغيل الجرارات الزراعية والآليات العسكرية.