سلطان بن سلمان لـ «الشرق الأوسط»: الأمير سطام «مدرسة».. وما زلت أتذكر ابتسامته قبل وفاته

قال إنه كان قدوة لأمراء المناطق وأول المبادرين لمد يد العون

TT

«بساطته مع الآخرين وطيب تعامله وتواضعه سر تميزه»، هكذا بدأ الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز كلماته أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط» مساء أمس، عن حياة عمه الأمير الراحل سطام بن عبد العزيز، أمير الرياض، مرجعا ذلك إلى «إنسانيته الحقيقية في كثير من الجوانب القيادية والإنسانية».

وقال الأمير سلطان بن سلمان بن عبد العزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار «عاصرت الأمير الراحل كأحد أبنائه، ولم أتذكر إلا كل الاحترام والحب والتقدير والتوجيه من هذا الرجل، حتى في الأوقات التي كان يريد فيها أن يوصل رسالة أو يريد التنبيه إلى شيء معين، فتجده يبدأ باللطف والاستفسار وليس بالغضب».

ويستذكر الأمير سلطان أحد المواقف عندما ذهب للسلام على الأمير سطام في منزله قبل وفاته، ويقول «وجدت أن الوقت مضى من دون أن أشعر، الأمر الذي جعلني عندما أجزم بزيارته فإنني أستغرق وقتا إضافيا لمعرفتي أن الوقت سيمضي لجمال مجلسه وروحه واسترساله في أحاديثه الجميلة».

وأضاف «شاهدت وفاءه ومحبته للأمير سلمان عندما كان أميرا للرياض لسنين طويلة، إضافة إلى وفائه لوالدتي قبل مماتها رحمها الله، حيث كان يأتي دائما لزيارتها ولا يعتبرها إلا أخته، حتى عندما ذهبت والدتي إلى أميركا للعلاج فإنه كان يتحمل مشاق السفر ليطمئن على حالتها ويستفسر عن وضعها، وكان يتصل كل يومين أو ثلاثة ليطمئن حتى إن كنا في الرياض، وهذا ديدنه».

واستطرد الأمير سلطان بن سلمان في حديثه «لم أذكر أنه في أي مناسبة من المناسبات عندما كان يطرح عليه موضوع يهم شخصا أيا كان ويحتاج لمسألة معينة، سواء كانت شخصية أو أمورا تخص الإمارة، إلا وكان أول المبادرين لمد يد العون ومن دون أي تشدد، وكان يحسم الأمور في حينها لأنه صاحب قرار ومتمكن»، مشيرا إلى أن أكثر فترة عاصر الراحل فيها هي عندما تم تعيينه أميرا لمنطقة الرياض «أصبحت المصالح تتقاطع بيننا في ما يخص العمل، حيث وجدت أنه منظم ويحسم قراراته بكل حنكة وبأقصر وقت، ولديه رؤية واضحة للأمور، خاصة في آخر اجتماع له كان يتعلق بموضوع مشاريع التراث العمراني في منطقة الرياض بما فيها مشروع تطوير الظهير الذي أقرته هيئة تطوير الرياض، ولذلك هو في الذاكرة دائما ومن الصعب نسيانه».

ولم يغفل الأمير سلطان في ثنايا حديثه اهتمام الراحل بقطاع السياحة، مشيرا إلى أنه كان أول رئيس لمجلس التنمية السياحية في الرياض «وكنت أشرح له بعض التقاطعات التي كانت تصعب علينا بعض الشيء، فاقترحت عليه في الاجتماع لماذا لا تكون أنت رئيسا لمجلس التنمية السياحية في الرياض، فوافق فورا، وكانت موافقة خيرا وبركة، حيث تبعتها موافقة العديد من أمراء المناطق على رئاسة مجالس التنمية السياحية في مناطقهم».

وتابع «كان الراحل الأمير سطام يتميز بـ(سعة البال) حينما ترد إليه بعض الملاحظات من أخطاء أو غيره، ولم يكن يغضب أو يؤنب أحدا أمام الآخرين، بل على العكس، فإنه كان يستوعب ويناقش بكل سلاسة وهدوء، إضافة إلى محبته للناس وغيرته الشديدة على وطنه واحترامه للنظام والتوجيهات، وهذه مزايا قلما تجتمع في شخص واحد».

وبخصوص الأيام الأخيرة في حياة الأمير الراحل سطام بن عبد العزيز، ذكر الأمير سلطان أن آخر لقاء معه كان في بيته عندما عاد من رحلته العلاجية «وكنت مرتبطا بحفل عشاء مع أحد الوفود، وقد جلست في معيته وكان معه أحد أحفاده، حينها طلب القهوة وبدأنا نتحدث، وكان يسترجع بعض القصص والذكريات، وبعد نحو نصف ساعة استأذنت منه لارتباطي بموعد عشاء، وقال لي: (لماذا لا تأتي بعشائك وتتناوله هنا؟!)، قاصدا بذلك إطالة الجلوس والمكوث معه، فقلت له إنني مرتبط مع وفد قادم من خارج البلاد، فقال لي: (لماذا لا تأتي بالوفد وتتناولون وجبتكم معي في منزلي؟)، فرددت عليه دع الوفد يتناول عشاءه وأنا سأجلس بجانبك إلى أن تسمح لي بالمغادرة.. وفعلا واصلنا حديثنا.. وكان من أجمل اللقاءات الودية التي عشتها معه رحمه الله». وأضاف «هو محل الوالد، وعمي، وأنا خادم له، لكنني لم أشعر في يوم من الأيام أنني مع شخص أكبر مني سنا ومقاما، وهذه طبيعته، حيث كانت عنده روح النكتة العفوية، وهذا كان آخر لقاء يجمعني به رحمه الله، وكان بجواره حفيده من ابنته، وهو ابن الأمير تركي بن بندر بن عبد العزيز، والحقيقة هذا اللقاء ترك في نفسي هذه الذكرى الجميلة التي لن أنساها ما حييت».

وأشار إلى أن آخر مرة رآه فيها في المستشفى كان بمعية ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز، وكان وقتها في لحظات حرجة، وبالتحديد قبل 10 أيام «ورغم ظهور الضعف الذي بدا على محياه من أثر المرض فإنه عندما دخلنا وسلمنا عليه ظهرت ابتسامته وقال لي بصوت منخفض: (كيفك، أمورك زينة؟) بهذا اللفظ، في الوقت الذي كان يعاني فيه شدة المرض». وأضاف «كان عضدا للأمير سلمان بن عبد العزيز بحكم قربه من الإمارة، وكان له دور في العديد من الأنظمة، من ضمنها: القرارات الحكومية وعلى رأسها النقل العام»، مشيرا إلى أنه كان يعيش في مدرسة وهو بالأساس مدرسة، وهو قال ذلك من خلال متابعته للقرارات بكل دقة عند مغادرة الأمير سلمان خارج البلاد عندما كان أميرا لمنطقة الرياض يترك الأمور برمتها تحت إمرته وكان يتابع جميع المسارات بكل دقة.

وقال الأمير سلطان «بالنسبة لي كانت تجربة من أهم التجارب، بأن القرارات حسمت، ودفع بالقرارات السابقة للأمير سلمان ودفعها إلى النور، ومن ضمنها اهتمامه بالقرارات المتعلقة بمشاريع التراث العمراني في المنطقة، وهذا نابع من رغبته في إحداث نقلات كبيرة في هذا المجال، وكان غاضبا من عمليات الهدم التي تحصل في بعض المواقع التراثية في المنطقة، حيث كان يريد التوسع في المشاريع التراثية في الرياض، رابطا ذلك بالتوسع في المحافظات الصغيرة ورفع قيمة الحياة لمدينة الرياض، وهذا ما بنى عليه، وهذا البنيان الشامخ سيستمر ويتقوى بأيدي من ينوبه، وأنا واثق ومتأكد من ذلك».