«التعاون الإسلامي» تعيد النظر في المساعدات الاقتصادية للدول الأعضاء غير الملتزمة بالموقف الموحد لـ«فلسطين»

إجمالي المساعدات للتنمية بلغ 8.5 مليار دولار.. والأولوية للأعضاء

TT

كشف دبلوماسي عربي من جدة، لـ«الشرق الأوسط»، عن توجه تتخذه منظمة التعاون الإسلامي إلى إعادة النظر في المساعدات التي تقدم إلى دول إسلامية تحيد عن الإجماع الإسلامي حيال القضية الفلسطينية بشكل خاص، والمواقف الإسلامية بشكل عام، في المحافل الدولية.

إعادة النظر هذه فسرها المصدر بالمساعدات الاقتصادية، والتي تتمثل في دعم المؤسسات التابعة للمنظمة، وأبرزها البنك الإسلامي للتنمية، حيث تقدر المنظمة بلوغ حجم المنح التي قدمها للدول الإسلامية نحو 8.5 مليار دولار، منذ إنشائه في 1975 وحتى 2012.

ويعقب التحركات التي اتخذتها المنظمة صدور بند ضمن توصيات القمة الإسلامية الأخيرة، كلف فيه الزعماء المسلمون منظمة التعاون الإسلامي ومؤسساتها «باتخاذ ما يلزم» لتوحيد الصف حول القضية الفلسطينية، وضرورة اعتبارها قضية يجب التوحد بشأنها.

واكتمل البند بعد رصد المنظمة إحجام دول عن التصويت لقبول فلسطين دولة غير عضو في الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم. ويقول المصدر الذي فضل حجب اسمه «رصدنا تقاعسا من دول إسلامية ضد المواقف الموحدة، كالتصويت على عضوية فلسطين في اليونيسكو، أو عند محاولة تمرير مشروع قرار يدين الإساءة إلى الأديان».

وجاء نص البند الثامن الصادر عن بيان القمة الإسلامية الختامي الصادر عن اجتماع الزعماء المسلمين المنعقد يوم السادس من فبراير (شباط) الحالي، دعوة جميع ادول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي «إ ضرورة التعامل مع القضية الفلسطينية والقدس الشريف باعتبارها قضية رئيسية يجب على الدول الأعضاء أن تعتمد بشأنها موقفا موحدا، ونكلف منظمة التعاون الإسلامي في المحافل الدولية ومؤسساتها باتخاذ ما يلزم من تدابير في هذا الخصوص، وذلك من أجل ضمان تحقيق المواقف المشتركة للمنظمة في الهيئات الدولية حماية لمصالح العالم الإسلامي». وقالت المصادر إن البند الذي ذكره البيان الختامي يعد تلويحا للدول التي تحجم أو تتقاعس عن القضية الفلسطينية والقضايا الأخرى يشير إلى رد فعل سيصاحب أي تخلف عن القرار.

من ناحيته، لفت السفير رياض منصور، المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة، إلى امتناع ثلاث دول عن التصويت لصالح فلسطين، وهي توغو، وألبانيا، والكاميرون. وأضاف «في قرار تقرير المصير نهاية العام الماضي، امتنعت دولة واحدة عن التصويت وهي الكاميرون، في حين أيدت توغو وألبانيا قرار حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني».

وقال المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة إن هذا الإجراء قديم جديد عرض في أكثر من قمة إسلامية واجتماع وزاري، وجوهره يتمثل في أعضاء حصلوا على منافع ومساعدات نتيجة عضويتهم في وقت يتحتم عليهم فيه الالتزام بالموقف الموحد للمسلمين، في القضايا الموحدة، خصوصا القضية الفلسطينية».

ويعلق المصدر بقوله «هذا البند تم تخفيف لغته، كان في البداية يدعو إلى اتخاذ عقوبات ضد الدول التي لا تلتزم بمواقف موحدة إزاء القضية الفلسطينية، وذكر البنك الإسلامي للتنمية بالاسم، بيد أنه خفف، كنوع من مراعاة الدول الأعضاء، لكنه يوحي بضرورة الالتزام بمواقف المنظمة، وأنها يمكنها اتخاذ تدابير بهذا الخصوص، ومهما يختلف التعبير فالهدف واحد، وفي حال خرجت إحدى الدول الأعضاء عن إجماع المنظمة فيمكن للمنظمة من خلال هذا البند أن توصي بعقوبات حيال هذا الشأن». وقال المصدر إن الفكرة بدأت في هذا البند منذ تصويت عضوية فلسطين في اليونيسكو، إذ امتنعت بعض الدول الأعضاء عن التصويت وأثارت استياء الموقف الإجماعي، وتم توجيه خطابات للدول تطالب بمراجعة المواقف حيال القضية الفلسطينية، وذلك في أكتوبر (تشرين الأول) 2011.

وتعود تبعات الإجماع الإسلامي على المواقف إلى قرار مكافحة ازدراء الأديان الذي تبنته باكستان ممثلة للمجموعة الإسلامية في مجلس حقوق الإنسان الدولي عام 1999، وظل يعرض سنويا على المجلس، لكنه كان يفقد من رصيد التأييد خصوصا من دول أعضاء في المنظمة. وبحسب المصدر «تبنت المنظمة قرارا بديلا وهو القرار الشهير باسم (16-18) الذي يناهض التمييز وإثارة الكراهية على أساس الدين، والذي يلقى إجماعا سنويا في مجلس حقوق الإنسان، والجمعية العامة، بيد أن دولا تحجم بعض الأحيان عن التصويت لصالح المواقف التي تتخذها المنظمة، وهي بحسب المصادر (مواقف لا تحتمل القسمة على اثنين، ولا تعبر عن موقف شخصي لصالح دولة بعينها، إنما هو إجماع لقضايا تجمع الأمة كلها على أنها تصب في صالح المسلمين)».