المقدسي يعتذر من ذوي الضحايا ويصف ما يحدث بـ«معركة تدمير سوريا»

مصدر لـ«الشرق الأوسط»: يقيم في الإمارات وينتظر حياة جديدة بعيدة عن السياسية

TT

بينما قالت مصادر قريبة من جهاد المقدسي الناطق الرسمي السابق باسم الخارجية السورية لـ«الشرق الأوسط» إنه «موجود في الإمارات العربية المتحدة وينتظر حياة جديدة بعيدة عن العمل السياسي»، اعتذر الدبلوماسي السوري المنشق في أول بيان رسمي له منذ انشقاقه من ذوي شهداء العنف في سوريا، مشيرا إلى أنه يستميح كل هؤلاء عذرا إن كان موقعه الدبلوماسي أعطى الانطباع بأنه تجاوز معاناتهم الأليمة، مؤكدا أن مغادرته لسوريا جاءت بقرار شخصي ومستقل، لافتا إلى أنه يعتب على كل من يجد الوقت لتوجيه الشتائم والتخوين فورا من دون احترام لأرواح أكثر من 65 ألف شهيد سوري، واصفا المعركة التي تشهدها سوريا بأنها «معركة تدمر سوريا ولا يراد لها للأسف لا الانتصار ولا التسوية».

وقال المقدسي في البيان: «لقد خدمت بلادي في السلك الدبلوماسي لنحو 15 عاما وقمت بصفتي ناطقا إعلاميا لفترة عام بتبني خطاب عقلاني بعيد عن الشتائم ودون إلغاء لأحد، وكنت آمل أن يضمد جراحنا الحوار الوطني المنشود الذي لم ير النور للأسف، لكن العنف والاستقطاب لم يتركا مكانا للاعتدال والدبلوماسية، مضيفا: «أقبل جبين أم كل شهيد وكل أب مفجوع أو أخ قتل برصاص أخيه السوري وأعزيه وأستسمحه إن كان موقعي الدبلوماسي أعطاه الانطباع بأنني أتجاوز معاناتهم الأليمة، فنحن جميعا أبناء عائلة سورية واحدة».

وتابع القول إن مجرد مغادرته «بقرار شخصي ومستقل كانت كفيلة بأن تفهم الناس أنني وددت بذلك مخاطبة العقلاء فقط لأن الأطراف على الأرض لم تعد تستطيع بسبب الدماء أن تسمع أي صوت»، مضيفا: «أقول بصراحة إن الحراك الشعبي المتمثل بالمطالب المشروعة قد كسب معركة القلوب بمبادئه وجوهره لأن المجتمع بجميع أطيافه يقف دوما مع الأضعف ومع المطالب المشروعة للناس، لكنه لم يحسم بعد معركة العقول لدى السوريين لأسباب كثيرة يطول شرحها ويعرفها الجميع».

ولفت المقدسي في بيانه الذي أنهى أشهرا من الصمت والتكهنات: «لقد وصل الاستقطاب بين السوريين لمرحلة قاتلة ومدمرة» وبالطبع كما كتب أحد الأصدقاء: «عندما تتجرأ على مغادرة سوريا بأي طريقة كانت فإنك ستخاطر بأن توصف بأوصاف شنيعة أو تخوين أو شتائم أو بألقاب أخرى فجأة كما حصل معي فورا بعد مغادرتي من قبل البعض الذين لم يلقوا مني سوى الاحترام، وأنا أعتب على كل من يجد الوقت لتوجيه الشتائم والتخوين فورا من دون احترام لأرواح أكثر من 65 ألف شهيد سوري».

ونفى المقدسي أن يكون هناك أي لغز وراء مغادرته سوريا «بل كان قرارا اتخذته بنفسي ويعلم بتفاصيله منذ أشهر كثيرة أغلب من يعرفني دون أية أجندات مسبقة، ولم تطأ قدمي أبدا لا أوروبا ولا أميركا رغم أن جواز سفري يحمل كل السمات اللازمة، وليس لدي أسرار يطمع فيها أحد، فما أعرفه بصفتي ناطقا إعلاميا لا يتجاوز ما يعرفه أي مواطن سوري عادي فأنا لست صانع قرار أو قائدا عسكريا، ولست ممن يفرط بالأمانة أصلا، والدليل على عدم وجود أجندة مسبقة لي هو صمتي وعدم استثمار أحد لمغادرتي أبدا، لأنني خرجت من المشهد مستقلا لكي لا أزيد ألم بلدي ليس العكس، ولكي لا أكون خنجرا بيد أحد ضد مصلحة سوريا، وكل ذلك لم يفهمه للأسف بعض من هاجمني فورا».

وكانت «الشرق الأوسط» قد انفردت في وقت سابق بنفي مغادرة مقدسي إلى أميركا أو بريطانيا، بعكس ما تناقلته تقارير إعلامية فور مغادرته سوريا، وبالإشارة إلى أنه يقيم في دولة خليجية، وكان جهاد مقدسي لشهور طويلة الوجه الدولي لحكومة الرئيس بشار الأسد وغادر سوريا في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وأوضح مقدسي أنه اختار البيان المكتوب «من دون منابر إعلامية وضوضاء احتراما لمصداقيتي لدى الناس الشرفاء لأن من حقهم سماع رأي صريح دون مزايدة وباحترام ومن منطلق الحرص على البلد فقط دون أجندات مسبقة أو عوامل شخصية قررت عدم الخوض فيها» مستطردا: «لقد وصلت لمرحلة وجدت نفسي كسائر السوريين ممزقا بداخلي بكل ما للكلمة من معنى فالعنف أجهز على كل منطق وعقل في الوقت الذي تحتاج سوريا فيه للعقل والحكمة أكثر من أي وقت مضى، وبات الاستقطاب والاصطفاف سيد الموقف وكأن ما يحصل في سوريا مجرد وجهة نظر».

وأكد مقدسي في بيانه أنه غادر سوريا «مؤقتا» ليستقر «لدى إخوان لنا من الشرفاء منذ مغادرته ممن يساعدون الشعب السوري على تجاوز محنته الإنسانية دون تمييز»، مضيفا: «غادرت ساحة حرب ولم أغادر بلدا طبيعيا، وأعتذر من الناس الذين وثقوا بمصداقيتي على المغادرة دون إعلان مسبق، فقد تمنيت لو كان بإمكاني البقاء على تراب الشام لكن لم يعد للوسطية والاعتدال مكان في هذه الفوضى وخرجت الأمور عن السيطرة، يريدها البعض معركة وجود، فيما أرى أنها يجب أن تبقى معركة لإنقاذ الدولة والكيان السوري عبر الشراكة الوطنية».