أوباما يتعهد بدعم الديمقراطية في الشرق الأوسط وإنهاء الحرب في أفغانستان

قال في خطاب الاتحاد إنه سيمنع إيران من امتلاك سلاح نووي وسيقف بقوة إلى جوار إسرائيل

أوباما قبل بدء خطابه حول حالة الاتحاد في الكونغرس الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
TT

ركز الرئيس الأميركي باراك أوباما في خطابه حول «حالة الاتحاد» الليلة قبل الماضية، على الأولويات الداخلية مثل ضرورة معالجة العجز في الموازنة وإنعاش الاقتصاد الأميركي وإصلاح التعليم والنظام الضريبي وتعزيز الاتجاه لاستخدام الطاقة النظيفة، إلا أنه تطرق أيضا، وإن كان بشكل مقتضب، إلى الأزمات الخارجية مثل الخلاف مع إيران حول ملفها النووي والتجربة النووية الأخيرة التي قامت بها كوريا الشمالية. وفي خطابه الذي استمر ساعة، دعا أوباما الكونغرس إلى التوصل لاتفاق للقيام بإصلاحات ضريبية وضبط الميزانية، وسن تشريع للأسلحة، والإسراع في إقرار إصلاحات في نظام الهجرة خلال الأشهر القادمة، مطالبا أعضاء الحزبين الجمهوري والديمقراطي بوضع المصالح الحزبية جانبا والتطلع إلى مصلحة الولايات المتحدة.

وبعد أقل من شهر على أدائه اليمين الدستورية لولاية ثانية، تطرق أوباما إلى سياسات إدارته الخارجية، مشيرا إلى إنهاء الحرب في أفغانستان وعودة 33 آلف جندي أميركي خلال العام الجاري وعودة 34 ألف جندي خلال العام 2014 حيث يقتصر الوجود الأميركي في أفغانستان بعد 2014 على تدريب القوات الأفغانية وتأهيلها والمساعدة في مكافحة الإرهاب.

وقال أوباما: «تنظيم القاعدة أصبح مجرد ظلال، لكن ظهرت جماعات أخرى متطرفة من شبه الجزيرة العربية إلى أفريقيا، ولمواجهة تلك التحديات، لسنا في حاجة إلى إرسال الآلاف من أبنائنا الجنود إلى الخارج أو احتلال دول أخرى بل أن نساعد دول مثل اليمن وليبيا والصومال على حفظ الأمن ومواجهة تلك التحديات الإرهابية كما نفعل في مالي». وأضاف: «سنأخذ إجراءات مباشرة ضد الإرهابيين الذين يعرضون الولايات المتحدة للخطر». وأكد الرئيس الأميركي على تعاون إدارته مع الكونغرس، وإبلاغ أعضاء الكونغرس بتفاصيل ملاحقة واعتقال الإرهابيين والتأكد من أن كل الإجراءات تتم وفقا للقانون والمعايير الأخلاقية.

وأوضح أوباما أن التحدي لا يقف عند تنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية بل يمتد إلى منع انتشار الأسلحة الخطيرة مشيرا إلى كل من كوريا الشمالية وإيران. وقال موجها حديثه إلى القادة الإيرانيين: «يجب أن يدرك القادة أنه حان الوقت للتوصل إلى حل دبلوماسي، وأننا سنفعل ما هو ضروري لمنعهم من امتلاك سلاح نووي». وأشار إلى العمل مع روسيا لتخفيض الترسانة النووية والتعاون مع الحلفاء والشركاء لمنع سقوط المواد النووية في «الأيدي الخطأ».

وشدد أوباما أن إدارته ستعمل للدفاع عن الحرية وحماية الديمقراطية في كل العالم، من أوروبا وآسيا إلى منطقة الشرق الأوسط، وقال: «سنقف مع الشباب الذين يكافحون من أجل الديمقراطية، وندرك أن العملية ستشهد فوضي ولا يمكننا أن نملي مسار الديمقراطية في دولة مثل مصر لكننا سنصر على ضرورة احترام الحقوق الأساسية».

وحول الأزمة السورية، قال الرئيس الأميركي: «سنزيد الضغط على النظام السوري الذي يقتل شعبه، كما سندعم قادة المعارضة الذين يحترمون حقوق جميع السوريين». وأضاف: «سنقف بقوة إلى جوار إسرائيل في سعيها للأمن والسلام الدائم وهذه هي الرسائل التي سأحملها معي عندما أتوجه إلى الشرق الأوسط الشهر القادم».

وفي سياق تطرقه ولو بشكل عابر إلى السياسة الخارجية، قال أوباما إن التجربة النووية الجديدة التي أجرتها كوريا الشمالية الثلاثاء ستزيد من عزلتها وتعهد بالوقوف إلى جانب حلفاء الولايات المتحدة الآسيويين وتعزيز نظام الدفاعات الصاروخية وقيادة العالم في رد حازم على طموحات بيونغ يانغ العسكرية.

وفي طرح جديد من نوعه، أعلن أوباما عن إطلاق محادثات رسمية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول معاهدة تجارية بين ضفتي الأطلسي تهدف إلى إقامة منطقة تبادل حر، كما أعلن عن خطة جديدة للتصدي للهجمات الإلكترونية على المؤسسات والبنى التحتية الأميركية، مشيرا إلى قيامه بإصدار مذكرة لتعزيز الحماية ضد القرصنة من دول أجنبية وجماعات تحاول التسلل إلى الشبكات الإلكترونية.

ودعا أوباما الكونغرس إلى التحرك حيال التغير المناخي وقال: «يمكننا أن نختار أن نصدق الرأي العلمي الطاغي والتحرك قبل أن يفوت الأوان». والتزاما منه بالخط الذي اعتمده منذ سنوات، قال أوباما إن على روسيا والولايات المتحدة ضم جهودهما لتخفيض ترسانتيهما النوويتين. وبالنسبة إلى الهجرة، قال أوباما إنه سيعمل على قانون لإصلاح نظام الهجرة يرسم المهاجرين غير الشرعيين طريقا للحصول على أوراق قانونية خلال أشهر. وسيجول أوباما هذا الأسبوع على كارولينا الشمالية وجورجيا ومعقله شيكاغو لتسويق خططه على طريقة الحملات الانتخابية.

وانتقد كثير من الجمهوريين خطاب الرئيس معتبرين أنه يكرس لفكرة قيادة الولايات المتحدة من الخلف ومساعدة الدول بتقديم المشورة والمساعدة. وانتقدوا عدم ذكر العراق في خلال الخطاب، وأشار بعض المحللين إلى أن الرئيس أوباما لم ينطق عبارة «الحرب على الإرهاب»، ولم يشر إلى إغلاق معتقل غوانتانامو الذي قطع خلال حملته الانتخابية الأولى وعدا بإغلاقه.

وخلال تركيزه على الشؤون الداخلية، أشاد أوباما بصمود الأميركيين في ظروف اقتصادية صعبة كما سعى إلى بث التفاؤل متعهدا بتعزيز أوضاع الطبقات الوسطى. وقال: «معا أزلنا ركام الأزمة، ويمكننا القول الآن بثقة متجددة إن حالة اتحادنا أقوى»، في الخطاب الذي ألقاه في مجلس النواب وقاطعه الحضور 68 مرة مصفقين. وقال أوباما إن على واشنطن أن تعالج مسألة العجز الكبير في ميزانيتها، معتبرا أن الاقتطاعات الحادة في النفقات بقيمة مليارات الدولارات التي تهدد الاقتصاد الأميركي في الأول من مارس (آذار) المقبل ما لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن العجز المالي، تعتبر «فكرة سيئة فعلا». وانتقد خطط الجمهوريين لتعديل نظام التقاعد والضمان الصحي للمسنين معتبرا أنها «أسوأ من ذلك حتى».

وقال أوباما «إن جهودنا يجب أن تتجه نحو اقتصاد يسجل نموا ويولد وظائف جيدة للطبقات الوسطى»، ساعيا إلى تنفيذ وعوده الانتخابية ببناء اقتصاد أكثر إنصافا. واقترح أوباما خلاله خطة لتحريك الاقتصاد الأميركي وجذب المستثمرين وزيادة الإنفاق الحكومي باستثمار 50 مليار دولار في تشييد وتحسين الطرق والجسور وإنفاق 15 مليار دولار في برامج للتوظيف بقطاع التشييد، كما اقترح رفع الحد الأدنى للأجر إلى 9 دولارات بالساعة وإجراء إصلاحات لتخفيض تكلفة الرعاية الصحية وإصلاح نظام الهجرة.

وجاء خطاب أوباما موجها بشكل واضح إلى جمهور أميركي داخلي وشدد فيه على أن استثمارات الحكومة يجب أن تحفز استحداث الوظائف. وقال ردا على حجج الجمهوريين: «لسنا بحاجة إلى دولة أكبر بل إلى دولة أكثر فاعلية تحدد أولويات وتستثمر في نمو يقوم على قواعد عريضة». غير أن الجمهوريين سارعوا إلى الرد على أوباما سعيا لنقض خططه. وقال السيناتور ماركو روبيو الذي عهد إليه الجمهوريون بالرد على خطاب حال الاتحاد «الرئيس أوباما يعتقد أن الانكماش الاقتصادي حصل لأن الحكومة لم تفرض ضرائب كافية، ولم تنفق أموالا كافية ولم تمارس الضبط والرقابة بشكل كاف». وتابع: «كما سمعتم اليوم، فإن حله لجميع المشكلات تقريبا التي نواجهها هو المزيد من الضرائب والمزيد من القروض والمزيد من النفقات».

وتطرق أوباما إلى مسألة ضبط الأسلحة النارية في البلاد داعيا في مرافعة مؤثرة إلى إقرار تدابير للحد من الجرائم بواسطة الأسلحة النارية، بعد المجزرة التي راح ضحيتها 20 طفلا في مدرسة ابتدائية في كونتيكت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وكان عدد من النواب الديمقراطيين دعوا عائلات ضحايا عمليات إطلاق نار إلى حضور الخطاب، فيما دعت السيدة الأولى ميشال أوباما والدي تلميذة قتلت بالرصاص في شيكاغو بعد أسبوع على حضورها حفل تنصيب أوباما في واشنطن في 21 يناير الماضي.