مليون يهودي يهجرون إسرائيل منذ قيامها

رؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة يعربون عن القلق على يهودية اليهود

TT

في ظل القلق على يهودية اليهود في العالم، يعقد في القدس هذه الأيام المؤتمر السنوي لرؤساء المنظمات اليهودية في الولايات المتحدة، بمشاركة ألف شخصية. ومن شدة الاهتمام بهذه المؤسسة، ظهر أمام المؤتمر كل من الرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس، ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، وعدد كبير من الشخصيات الإسرائيلية البارزة.

وعبر الكثير من المتحدثين في المؤتمر عن قلقهم من العلاقات بين اليهود الأميركيين وإسرائيل وكذلك من انفضاض أوساط واسعة من الجيل الشاب من يهود أميركا عن اليهودية واختلاطهم بالزواج من غير اليهود وكذلك مما سموه «ضياع الهوية اليهودية لليهود المهاجرين من إسرائيل»، الذين يبلغ عددهم، حسب التقديرات، مليون يهودي منذ قيام إسرائيل (عدد يهود إسرائيل اليوم 6 ملايين).

ولجنة رؤساء المنظمات اليهودية تعتبر أهم وأكبر مؤسسة لليهود الأميركيين. تأسست سنة 1956. بمبادرة الرئيس الأميركي، دوييت أيزنهاور، الذي شكا يومها من كثرة المتحدثين باسم اليهود. وطلب أن تتحد كل المنظمات اليهودية في إطار واحد، بحيث تبحث في خلافاتها الداخلية فيما بينها وتوحد الموقف اليهودي في القضايا الكبرى. وقد انضوت تحت لواء هذا الإطار 50 منظمة يهودية، من اللجنة الأميركية الإسرائيلية للعلاقات العامة «أيباك» ومنظمة مؤدي حزب الليكود في اليمين وحتى «أميركيون من أجل السلام الآن» في اليسار. وحسب سكرتير الحكومة الإسرائيلية السابق، تسفي هاوزر، تعتبر هذه المنظمة ذات تأثير كبير على الإدارة الأميركية وكذلك على السلطة في إسرائيل. وهي تعقد مؤتمرها السنوي في إسرائيل في فبراير (شباط) من كل سنة، وتكرسه للأبحاث في شؤون اليهود في العالم بشكل عام وفي الولايات المتحدة بشكل خاص، وتستمع إلى عدد كبير من الشخصيات السياسية والأمنية والأكاديمية والاجتماعية لتتعرف منهم على مشاكل إسرائيل وكيفية معالجتها.

وفي هذه السنة، كان المؤتمر سببا للبحث في مشكلة «يهودية اليهود خارج إسرائيل»، وهي «المشكلة التي يتجاهلها الإسرائيليون منذ سنين طويلة، ولكن حكومة بنيامين نتنياهو تبدي اهتماما غير عادي بها يمكن اعتباره ثورة»، حسب صحيفة «معاريف». فحسب معطيات عرضت في المؤتمر، بلغت نسبة الشباب اليهودي من العلمانيين في الولايات المتحدة الذين تزوجوا من غير يهوديات نحو 80%. وهناك تراجع عن الشعور بالعلاقة الوشائجية للشباب اليهودي الأميركي بإسرائيل. وقسم كبير من اليهود الذين هجروا إسرائيل خلال الستين سنة الأخيرة، لم يعودوا يرتبطون بها ولا يزورونها. وهناك ضعف يصيب المنظمات اليهودية ونشاطها. ويقول الباحث في «معهد تخطيط سياسة الشعب اليهودي» في تل أبيب، البروفسور دوف ميمون، إن هناك مظاهر مقلقة في العلاقات ما بين اليهود الأميركيين وإخوتهم اليهود الإسرائيليين وخلافات كثيرة في قضايا كثيرة. وكلما جرى الحديث عن مجموعات جيل أصغر تتعمق أكثر هذه الخلافات.

ويقول جدعون مئير، المدير العام الأسبق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، إن «قسما غير قليل من مفاهيم القربى بين إسرائيل واليهود في العالم بدأت تضمحل. فقط اليهود الأغنياء في أميركا يرسلون أولادهم إلى مدارس تعلم القيم اليهودية، ويجب أن نجد طريقة لجذب هؤلاء اليهود لزيارة إسرائيل والمكوث فيها سنة أو أكثر، حتى يعززوا الروابط بها ويدركوا أنها دولة لجميع اليهود في العالم. فالغالبية الساحقة جدا من يهود العالم لم يزوروا إسرائيل بعد».

وكشفت صحيفة «معاريف»، عن خطة وضعتها حكومة نتنياهو، وتسعى الوزارات والمؤسسات المختلفة لتطبيقها لمحاربة هذه الظواهر، وعودة العلاقات الحميمة بين اليهود من الطرفين، تتضمن: تشجيع اليهود على الهجرة لإسرائيل، ولكن بطريقة معتدلة، فمن لا يريد الهجرة يمكن تطوير علاقات أخرى معه ليظل على علاقة مع إسرائيل، بالزيارات التعليمية أو التطوعية، عقد مؤتمر خاص للشباب اليهودي الأميركي لتطوير العلاقات مع إسرائيل، وتوسيع مشروع «تغليت»، الذي يتم بموجبه دعوة آلاف الشباب لزيارة إسرائيل، التركيز على الشباب ذوي المواهب القيادية بشكل خاص لربطهم بإسرائيل.

وكشفت الصحيفة أن خللا كبيرا وقع في أثناء إطلاق الحملة لتنفيذ الخطة، إذ أعدت وزارة الاستيعاب الإسرائيلية فيلما أغضب قادة المنظمات اليهودية، ولكن نتنياهو منع بث الفيلم على الفور. والفيلم يظهر شابة يهودية أحيت ذكرى ضحايا الحروب الإسرائيلية ذات مرة في بيتها، وذلك بإضاءة الشموع. فعندما حضر صديقها الأميركي غير اليهودي راح يعانقها ويطري على الجو الرومانسي الذي وضعت فيه بيتهما المشترك. وقد اعتبر قادة اليهود هذا الفيلم استعلائيا يظهر الشاب الأميركي غبيا لا يفهم المشاعر.