أزمة في دار الفتوى اللبنانية بين المفتي وأعضاء المجلس الشرعي.. ووساطة ميقاتي لم تثمر

مصادر مقربة من قباني لـ«الشرق الأوسط»: ولاية المجلس منتهية.. ومسقاوي: يهمنا رأب الصدع

TT

تتجه الأنظار إلى اجتماع من المقرر أن يعقده المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى عند العاشرة من صباح السبت المقبل في دار الفتوى ببيروت، بناء على دعوة موجهة من نائب رئيس المجلس الوزير السابق عمر مسقاوي، لمناقشة وإقرار جدول الأعمال، وذلك على خلفية رفض مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني «دعوة المجلس إلى جلسة عادية ولا حتى استثنائية، عملا بأحكام المادة 47 من المرسوم 18 / 1955»، وفق ما ورد في نص الدعوة.

وتشهد دار الفتوى منذ نحو ثلاثة أشهر خلافا حادا بين أعضاء المجلس الشرعي والمفتي قباني، الذي سارع إلى تحديد موعد مفاجئ لانتخابات المجلس نهاية العام الفائت، من دون العودة إلى أعضائه وإلى رؤساء الحكومات اللبنانيين الحالي والسابقين، الأعضاء حكما في المجلس.

ويشرف المجلس الشرعي على إدارة الأوقاف وتنظيم أمور المسلمين الشرعية في لبنان، وفق ما يحدده النظام الداخلي لدار الفتوى، ويضم 24 عضوا منتخبين، بينما يعود إلى المفتي تعيين 8 أعضاء آخرين، ويكون رؤساء الحكومات السابقون أعضاء حكما فيه.

وفي حين لم يخلُ السجال حول هوية من يحق له الدعوة إلى انتخابات المجلس من طابع سياسي بين المفتي قباني وتيار المستقبل تحديدا، عند بدء الأزمة، فإن تدخل رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي لم يصب لصالح المفتي قباني، الذي تفرد بالدعوة إلى انتخابات، من جهة، ثم رفض الاعتراف بتمديد المجلس الشرعي لنفسه ولاية جديدة «منعا للفراغ» إلى حين إجراء الانتخابات، من جهة أخرى. ويصر المفتي قباني على اعتبار التمديد، وهو الرابع لهذا المجلس، غير شرعي، باعتبار أن ولايته الممددة انتهت نهاية عام 2012، علما بأن المجلس أنهى ولايته الأولى نهاية عام 2005.

وتقول مصادر إسلامية مطلعة على موقف المفتي لـ«الشرق الأوسط» إن «المساعي التي يقوم بها الرئيس ميقاتي وعدد من أعضاء المجلس مع المفتي قباني لم تثمر حتى اللحظة في التوصل إلى أي حل»، موضحة أن «ما تم طرحه لا يعدو كونه مجرد أفكار يتم التداول بها من دون التوصل إلى أي اتفاق».

وكان مسقاوي، نائب رئيس المجلس، قد توافق مع أعضاء المجلس على عقد اجتماع برئاسة المفتي قباني، يتم خلاله التوافق على الدعوة للانتخابات، بما يجنب الطائفة السنية الوقوع في انقسامات هي في غنى عنها، وسعى الرئيس ميقاتي إلى إقناع المفتي بذلك كحلّ وسط. لكن المصادر الإسلامية عينها تشدد على أن «رفض المفتي قباني الدعوة إلى جلسة ينطلق من إصراره على أن تكون أي حلول ضمن الأطر القانونية، على غرار عقد لقاء تشاوري يحضره شخصيا بمشاركة رؤساء الحكومات وأعضاء المجلس الشرعي»، مشيرة إلى أن هذا الأمر اصطدم «برفض بعض الأعضاء وفي مقدمهم رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الذين يصرون على عقد اجتماع لا لقاء تشاوري».

ومن المرجح أن يحضر الاجتماع المنتظر يوم السبت، والمؤجل لمرات عدة، بحسب مصادر مطلعة، الرئيس ميقاتي ورؤساء الحكومات السابقون: فؤاد السنيورة وعمر كرامي وسليم الحص. ويأتي انعقاده غداة نشر المديرية العامة للأوقاف الإسلامية قبل أيام لوائح الشطب، وتضم أسماء من يحق لهم المشاركة في انتخابات المجلس الشرعي، وبلغ عددهم نحو 700 اسم. وتلزم المادة 12 من المرسوم الاشتراعي رقم 18 / 1955 المديرية العامة للأوقاف بنشر لوائح الشطب، بداية كل عام، بعد اطلاع اللجنة القضائية في المجلس الشرعي.

وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر مطلعة أن «نشر لوائح الشطب تم بإيعاز من المفتي قباني كمقدمة لتحديده موعدا بات قريبا لانتخابات المجلس الشرعي»، مرجحة أن «يكون الموعد نهاية شهر مارس (آذار) المقبل».

في المقابل، يؤكد مسقاوي، نائب رئيس المجلس الشرعي، أن اجتماع يوم السبت بحد ذاته «هو البند الأول على جدول الأعمال». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الهدف من الاجتماع التداول في أمور كثيرة، أبرزها مطالبتنا المفتي قباني مرارا وتكرارا بدعوة المجلس إلى الانعقاد للبحث في كيفية الإعداد للانتخابات»، مشددا على «أننا لا نسير على طريق التصعيد ولكننا نريد التقدم باتجاه حل المشكلة».

ويوضح مسقاوي أنه «من المفترض أن يصدق المجتمعون على التمديد لولاية المجلس، وهو محل اعتراض من قبل المفتي قباني، ويرد علينا بأنه لن يعترف بهذه الجلسة، لكننا عوضا عن الدخول في سجالات سندرس التمديد في الجلسة لإعطائه التوصيف القانوني الصحيح والتصديق عليه». لكن مصادر إسلامية مطلعة على موقف دار الفتوى تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المفتي قباني يعتبر نفسه غير معني إطلاقا بهذا الاجتماع لأنه مخالف للقانون، لأن من يدعو المجلس إلى الجلسة هو رئيسه (المفتي) وليس نائب الرئيس (مسقاوي).