متشددون إسلاميون يتهمون جبهة الإنقاذ بتبني العنف قبيل مظاهرات سياسية اليوم

عصام دربالة لـ «الشرق الأوسط» : نرفض ضعف الدولة في مواجهة الفوضى.. ولا يمكن تغيير النظام بالمولوتوف

لوحة على أحد مداخل النادي الأهلي الرياضي بالقاهرة تحمل صور ضحايا «مباراة استاد بورسعيد» وهي الحادثة التي فجرت غضبا شعبيا في الشارع المصري لا تزال تبعاته موجودة حتى الآن (أ.ب)
TT

تنتظر مصر اليوم (الجمعة) مباراة جديدة في صراع المظاهرات السياسية، التي باتت حدثا أسبوعيا خلال الفترة الأخيرة، تسفر عادة عن وقوع اشتباكات وأعمال عنف، وتزيد من حالة الانقسام الموجود في الشارع، منذ صعود الإسلاميين إلى السلطة.. فبينما تعتزم الائتلافات والحركات الثورية المعارضة، ومنها حركة البلاك بلوك (الكتلة السوداء)، الخروج في مسيرات إلى القصر الرئاسي، للدعوة إلى إسقاط الرئيس محمد مرسي، تنظم الجماعة الإسلامية، ومعها عدد من التيارات السلفية، مظاهرة مضادة لإعلان الرفض للعنف، والذي تتهم رموز المعارضة بدعمه وتبنيه.

وقال رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية الدكتور عصام دربالة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «نرفض ضعف الدولة في مواجهة فوضى تمارسها جهات مدعومة من جبهة الإنقاذ الوطني».

ويقود جبهة الإنقاذ الوطني الدكتور محمد البرادعي. وتقول الجبهة إنها تنتهج العمل السلمي في معارضة السلطة الحاكمة.

وتأتي مظاهرات اليوم في وقت أقرت فيه الحكومة مشروع قانون ينظم المظاهرات، ينص على وجوب طلب ترخيص مسبق لها وإمكانية تغيير مسارها أو إلغائها، كما تستعد رئاسة الجمهورية لإجراء حوار وطني قالت: «إنه مفتوح أمام كل القوى السياسية من أجل مناقشة نقاط الخلاف».

وتشهد البلاد أعمال عنف واشتباكات في معظم المحافظات منذ يوم 25 يناير (كانون الثاني) الماضي، على خلفية الاحتفال بالذكرى الثانية للثورة، خلفت أكثر من 60 قتيلا، ونحو ألفي جريح. كما تعرض قصر الاتحادية الرئاسي (مقر الحكم) إلى عدة هجمات ألقيت فيها قنابل المولوتوف والحجارة على أسواره الخارجية.

وقطع متظاهرون خلال الفترة الماضية طرقا حيوية وخط المترو بالقاهرة أكثر من مرة، كما أغلقوا مجمع التحرير، أكبر مجمع خدمات حكومية بميدان التحرير، لأربعة أيام متواصلة، قبل أن يقرروا فتحه أمس.

ودعت الجماعة الإسلامية جموع الشعب المصري إلى المشاركة في مليونية حاشدة اليوم (الجمعة) أمام جامعة القاهرة بالجيزة تحت عنوان «معا ضد العنف»، بحضور عدد من الشخصيات العامة ومشايخ الدعوة السلفية، وقالت: إن «هدف المليونية الوقوف بحزم أمام فئة المخربين الذين يعتدون على المنشآت العامة».

وقال دربالة إن الهدف من المظاهرة رفض العنف والضعف والاستسلام للفقر، مشيرا إلى أن «الشعب المصري يرفض العنف والفوضى ويلتزم بالسلمية والتغيير عن طريق الذهاب إلى الصناديق الانتخابية». واتهم دربالة جبهة الإنقاذ الوطني المعارضة بالمسؤولية عن أعمال العنف، قائلا إنهم «يرفضون العنف الذي يقود للفوضى، والذي تمارسه جهات مدعومة من جبهة الإنقاذ».

وأكد أن «الشعب يريد طريقا ثالثا يرفض ضعف الدولة في مواجهة البلطجة وتعطيل مصالح المواطنين وحرق الممتلكات العامة والخاصة وقطع الطريق، وضعفها في حل مشكلات المواطنين، وضعفها في تحقيق العدالة الاجتماعية وضعفها في مواجهة الأزمة الاقتصادية واستخلاص حقوق الشهداء».

وشدد دربالة على أنه «لا يمكن تغيير النظام الحاكم بالإحراق وقنابل المولوتوف»، وأضاف: «من تولى الحكم من خلال الصندوق الشفاف، لا يرحل إلا بالصندوق الشفاف.. لا بمجرد الشغب والهتاف».

ومن جهتها، قررت جماعة الإخوان المسلمين المشاركة «رمزيا» في مليونية الإسلاميين اليوم، وأرجعت السبب إلى رفضها للحشد بالقول إنها «تتبنى استراتيجية التركيز على البناء والتنمية للمجتمع كله».. وقال مراد على المستشار الإعلامي لحزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان: «إن الحزب مُصر على استكمال مؤسسات الدولة ليستطيع الوطن استعادة الاستقرار»، و«لن يجرنا أحد لعنف ولن نستجيب لدعوات تريد نشر الفوضى في مصر كما حدث في العراق وباكستان».

إلا أن عبود الزمر عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، برر غياب جماعة الإخوان المسلمين بـ«الحسابات السياسية»، وقال الزمر لـ«الشرق الأوسط»: «الإخوان يخشون وقوع أي مصادمات خلال المظاهرة قد تؤدي إلى تورطهم فيها؛ مما يعقد الموقف أكثر على الرئيس مرسي» المنتمي للجماعة.

وأضاف الزمر، الذي قضى 30 عاما في السجن بعد إدانته بقتل الرئيس الراحل أنور السادات: «نحن قادرون على تأمين المظاهرة ولن يستطيع أي مخرب المساس بها».

ومن جانبه قال المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبد اللطيف إنه في ضوء دعوات مختلف القوى السياسية والثورية للتظاهر اليوم (الجمعة)، فإن الوزارة تؤكد مجددا إيمانها الكامل بحرية التعبير السلمي عن الرأي، والتزامها بحماية المتظاهرين السلميين وتأمين المنشآت العامة والخاصة، كما أكد في بيانه أمس حرصه على أن يخرج مشهد المظاهرات بعيدا عن أي مظاهر للعنف.

وأقرت الحكومة المصرية مساء أول من أمس (الأربعاء) مشروع قانون ينظم المظاهرات، ينص على وجوب طلب ترخيص مسبق لها وإمكانية تغيير مسارها أو إلغائها. وسيحال مشروع القانون إلى مجلس الشورى، الذي يهيمن عليه الإسلاميون. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن وزير العدل أحمد مكي قوله إن «مشروع القانون وضع من أجل إعادة السلمية للمظاهرات التي تعتبر من أقوى الحقوق المتاحة للشعب المصري».

ومن جهته، أمر النائب العام المستشار طلعت إبراهيم عبد الله بالتحقيق في البلاغ المقدم من المحامي الإسلامي ممدوح إسماعيل، ضد الدكتور البرادعي، الذي يرأس أيضا حزب الدستور، لاتهامه بالتحريض على أحداث العنف ومحاولات اقتحام قصر الاتحادية الرئاسي.

وعلى صعيد المبادرات السياسية لحل الأزمة، عقدت جبهة الإنقاذ الوطني أمس اجتماعا مغلقا مع قيادات حزب النور السلفي، لاستعراض مبادرة حزب النور للتوسط بين الجبهة والرئيس مرسي والضمانات اللازمة لبدء حوار حقيقي مع الرئاسة. وتطالب جبهة الإنقاذ بضمانات قبل الدخول في أي حوار، من بينها أن تذاع الجلسات على الهواء مباشرة، كما تطالب بإقالة الحكومة الحالية التي يرأسها الدكتور هشام قنديل وتشكيل حكومة إنقاذ وطني جديدة.

وأجلت رئاسة الجمهورية الحوار المزمع إلى الأسبوع القادم. وقالت: إنها سوف تعلن في وقت لاحق عن الموعد المحدد بعد اكتمال الجهود التحضيرية، وأضافت في بيان سابق لها، أنها تواصل جهودها الساعية إلى توسيع دائرة المشاركة في جلسات الحوار، حيث تقوم بالاتصال بكل القوى الفاعلة في المشهد السياسي، وكذلك مع القوى التي لم تشارك في الجلسات السابقة.