الاجتثاث يطال مؤسس «العراق الجديد» مدحت المحمود.. وأول المعترضين «دولة القانون»

الساعدي: كان يوقع قرارات الإعدام قبل صدام حسين

مدحت المحمود (أ.ب)
TT

بررت هيئة المساءلة والعدالة قرارها الخاص بشمول رئيس السلطة القضائية في العراق القاضي مدحت المحمود، منذ عام 2004 وحتى اليوم، بإجراءاتها بكونه من «أعوان النظام السابق». ومنحت الهيئة المحمود حق الطعن على قرارها خلال مدة لا تتعدى الستين يوما، وذلك طبقا لما أعلنه نائب رئيس الهيئة بختيار عمر في تصريح صحافي أمس.

وقال عمر إن «أربعة أعضاء صوتوا على اجتثاث المحمود ضد اثنين اعترضا على ذلك، فيما تحفظ العضو السابع». وبينما لم يسم نائب رئيس الهيئة العضوين المعترضين فإنهما، طبقا لما تم تداوله، ممثلا ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي. ولم تكتف دولة القانون بالاعتراض على اجتثاث المحمود أثناء التصويت عليه داخل الهيئة، بل اعتبرت أن عملية اجتثاثه سياسية وليست قانونية. وقال عضو البرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون، القاضي محمود الحسن، في تصريحات صحافية، إن شمول المحمود بإجراءات المساءلة والعدالة أمر مخالف للقانون، وإنه يحمل بعدا سياسيا. وأضاف أن «هناك كتلا سياسية قامت بالضغط على ممثليها في الهيئة لإصدار هذا القرار لغرض إدخال القضاء في المحاصصة الحزبية والقومية والطائفية». واتهم الحسن كتلا لم يسمها بأن «لديها نية لاستخدام الهيئة كأداة لتصفية الحسابات وبشكل يخالف للقانون»، مؤكدا أن «القرار لن يكون نافذا ما لم تتم المصادقة عليه من قبل الهيئة القضائية إذا ما تم الطعن عليه».

من جانبها، كشفت هيئة المساءلة والعدالة عن ملابسات قرارها الخاص بشمول رئيس المحكمة الاتحادية العليا (كان يشغل منصب رئيس مجلس القضاء الأعلى حتى قبل يومين من شموله بالاجتثاث) بإجراءات هيئة المساءلة والعدالة، موضحة أن «القرار الخاص به كان قد تم اتخاذه منذ عام 2006، وبناء على شكاوى تم رفعها من قبل نواب، من بينهم حيدر الملا والشيخ صباح الساعدي». وقال عضو الهيئة العليا للمساءلة والعدالة صلاح الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «الجميع يعرف أن الخلافات السياسية لعبت دورها في التأثير على مجريات عمل الهيئة التي بقيت مجمدة منذ عام 2006 وحتى قبل شهور عندما صدر قانونها وتم التصويت على أعضائها وبدأت تعمل». وأضاف الجبوري أن «الهيئة بدأت في فتح ملفات القضاء والملفات المؤجلة، ومنها ملف المحمود المشمول بتلك الإجراءات منذ ذلك الوقت، وبالتالي فإن القرار تم تفعيله الآن».

وردا على سؤال بشأن ما إذا كان القرار يحمل بعدا سياسيا أم يبقى في إطاره القانوني قال الجبوري «أود أن أوضح أن القرارات التي تتخذها الهيئة قانونية، ووفقا للمعايير المعروفة، لكن كل شيء في العراق اليوم لا يخلو من بعد سياسي»، مؤكدا في الوقت نفسه أنه «حتى ما يقال عن اتباع سياسة الكيل بمكيالين من قبل الهيئة أمر غير صحيح، حيث إن الهيئة تكيل بمكيال واحد، لكن الوزارات والمؤسسات التنفيذية هي التي تكيل بمكيالين عند التنفيذ». وبشأن اعتراضات دولة القانون على قرار الهيئة قال الجبوري إن «هذا الاعتراض سياسي وإلا لماذا كان اجتثاث المطلك أو ظافر العاني ليس سياسيا، والآن شمول المحمود سياسيا؟».

أما النائب الذي تصدى طوال الفترة الماضية للقاضي مدحت المحمود والذي اتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، الشيخ صباح الساعدي، فقد أكد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «أسبابا سياسية واضحة هي التي عطلت طوال السنوات الماضية منذ عام 2006 وحتى اليوم إجراءات اجتثاث المحمود، على الرغم من أننا كنا قد أرسلنا كل الوثائق والشكاوى التي أرسلها لنا مواطنون تم قطع صيوان آذانهم وغيرهم ممن ارتكب المحمود جرائم بحقهم»، معتبرا أن «المجاملات السياسية والضغوط التي مورست على الهيئة هي التي عطلت القرار كل هذه السنوات». وردا على سؤال بشأن السبب الذي جعل الهيئة تتخذ قرارها الآن قال الساعدي إن «الهيئة وبقرار شجاع تمكنت الآن على الرغم من ضغوط دولة القانون من فرض إرادتها ورأيها القانوني ضد كل من يحاولون إعطاء الأمر صبغة سياسية، علما بأنه مشمول بالقرار رقم 812 والصادر عام 2006». ودعا الساعدي إلى «اعتقال المحمود حال رجوعه في المطار وتقديمه إلى محاكمة علنية بما ارتكبه من جرائم، بدءا من الإعدامات التي مارسها في عهد صدام حسين ضد حزب الدعوة والمجلس الأعلى وحركة الوفاق الوطني والشيوعيين»، مشيرا إلى أن «صدام حسين لم يكن يوقع قرار إعدام ما لم يكن عليه توقيع المحمود».

على صعيد متصل، اعتبر المدير التنفيذي الأسبق لاجتثاث البعث، مثال الألوسي، أن «مدحت المحمود تم تثبيته من قبل الحاكم المدني الأميركي السابق بول بريمر، وأن كل من كان يعينه بريمر لم يكن يجرؤ أحد على المساس به». وقال الألوسي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «المحمود هو أحد مؤسسي ما يسمى بالعراق الجديد، ولعله الأهم لأنه هو الذي تسلم السيادة من قبل الأميركان قانونيا، وهو أحد صانعي الدستور الجديد، ولعب دورا خطيرا طوال السنوات الماضية». وردا على سؤال عما إذا كانت تنطبق عليه قوانين الاجتثاث وكانوا يعرفون بذلك قال الألوسي «نعم قوانين الاجتثاث تنطبق على القاضي مدحت المحمود لأنه كان أحد أبرز مستشاري صدام حسين القانونيين، وحتى لو لم يكن منفذا فعليا فإنه يتحمل مسؤولية كبيرة انطلاقا من مواقعه السابقة». وحول اعتراضات دولة القانون على عملية اجتثاثه قال الألوسي إن «دولة القانون لا تزال تعيش عقلية أن الحكومة أقوى من القضاء، لأن المحمود برر لها كل شيء، كما فشل في أن يجعل من القضاء سلطة مستقلة».

يذكر أن المحمود هو من أفتى باعتباره رئيسا للمحكمة الاتحادية بأحقية رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي في تشكيل الحكومة رغم خسارته في الانتخابات التشريعية الأخيرة بدلا من إياد علاوي رئيس ائتلاف العراقية الذي فاز في الانتخابات.