عميل «الموساد» الأسترالي باع إلكترونيات لإيران وشارك في اغتيال المبحوح

سيل من المعلومات في الإعلام الإسرائيلي عن انتحاره

TT

بعد أن اعترفت إسرائيل بفضيحة اعتقال وانتحار عميل الموساد الأسترالي، كشف النقاب أمس في تل أبيب عن أنه كان قد أقام شركة تابعة للمخابرات الإسرائيلية باعت أجهزة إلكترونية لإيران، كمدخل للتجسس عليها. ولكن محامي الدفاع عنه، أفيغدور فيلدمان، نفى أن يكون موكله تورط في المساس بأمن إسرائيل. وصرح بأن اعتقاله أدى إلى منع تورطه في تسريب معلومات.

وأضاف فيلدمان أن بن زايغر، تعرض لضغوط نفسية شديدة خلال التحقيق معه. وكشف عن أنه التقاه في السجن، قبل يوم واحد من انتحاره في ديسمبر (كانون الأول) 2010 وبدا في ضائقة شديدة، لكن لم تظهر عليه علامات تدل على نيته الانتحار. وأضاف أن المحققين معه أبلغوه أنه في حال عدم الاعتراف فإنه سيمضي سنين طويلة في السجن وأن عائلته وجيرانه وأصدقاءه سينفضون عنه وينبذونه، لأنه سيبدو في نظرهم خائنا. واقترحوا عليه أن يعترف مقابل إبرامه صفقة مع النيابة يكون فيها الحكم عليه مخففا. وقد سأله عنها خلال لقائهما الأخير. وأضاف المحامي فيلدمان أنه عندما تلقى في اليوم التالي خبر انتحار موكله بن زايغر في زنزانته شنقا، بقي في صدمة نفسية لدقائق معدودات، غير مصدق النبأ. واتهم سلطات السجن والمحققين من المخابرات بالإهمال وإساءة التصرف في هذه القضية.

في المقابل، خرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، بالدعوة لإقامة لجنة تحقيق قضائية رسمية في هذه الفضيحة، حتى تعرف كل التفاصيل، بدءا بطريقة تجنيد بن زايغر والمهمات التي كلف بها، عبر اعتقاله وانتحاره، وحتى التكتم طيلة سنتين على القضية وفرض التعتيم على الصحافة إلى حين قام أعضاء الكنيست الثلاثة، أحمد الطيبي من القائمة العربية الموحدة وزهافا غالأون من حزب ميرتس اليساري ودوف حنين من الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، بكشفها في الكنيست رغم أنف السلطة. وقال المحرر السياسي للصحيفة، شيمعون شيفر، إن من يريد أن تكون إسرائيل دولة ديمقراطية حقيقية عليه أن يسعى لمعرفة كل خبايا هذه الفضيحة من أولها إلى آخرها.

وكانت وزارة الخارجية الأسترالية قد قررت إجراء تحقيق في القضية من جهتها، خصوصا بعد أن بدأت تنشر تلميحات في إسرائيل تتهم المخابرات هناك بأنها هي التي سعت إلى الحصول على معلومات حول طبيعة عمله. فقد نشر في إسرائيل أن اعتقال بن زايغر تم بعد أن جرى تحقيق معه في أستراليا، إذ فهموا في إسرائيل أنه بدأ يخبر محققيه هناك بمعلومات حساسة، تتعلق بعملية اغتيال محمود المبحوح في دبي في مطلع سنة 2010.

يذكر أن السلطات الإسرائيلية لا تزال تمنع نشر غالبية تفاصيل هذه القضية، بقرار صارم من المحكمة. وقد كشف إيتان هابر، مدير عام مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية في زمن حكم اسحق رابين، أن ضابطا برتبة مقدم في إسرائيل، يدعى عمانوئيل موانو، قد قتل خلال حرب لبنان الثانية، ومنذ أن قتل وحتى اليوم أي نحو سبع سنوات، لم تنشر صورته على الملأ.

ويقول هابر في تلميحات كثيرة، طرحها في شكل أسئلة، ولكنها احتوت بين السطور على الكثير من الإشارات القريبة من قضية بن زايغر: «لا يوجد غضب ولا صراخ ولم يكن ولن يكون هناك اضطراب إعلامي لأن أولئك الناس الذين يعرفون جواب هذا السؤال يعرفون أيضا أن يأخذوا في حسابهم صعوبة الحرب الاستخبارية الإسرائيلية ويدركون جيدا الضرر الذي قد يسببه نشر الصورة. فإن نشرا واحدا صغيرا يمكن أن يشوش على جهد ضخم في المجال الاستخباري. فلنفترض للحظة، للحظة فقط، أن جهاز استخبارات أجنبيا لكنه صديق جدا نقل إلى دولة إسرائيل معلومة عن رجل ما واشترط ألا يعلم أبدا من الذي نقل المعلومة التي أفضت إلى اعتقال ذلك الرجل. فماذا علينا أن نفعل؟ أيكون جزاؤنا على إحسان هذا الجهاز الاستخباري الأجنبي الصديق جدا إساءة للاحسان؟ وهل يظل ذلك الجهاز الاستخباري يقدم إلينا المادة المطلوبة فيما يأتي من الزمان بعد أن نكشف عن عنوان المرسل؟ ولنفترض شيئا آخر. لنفترض للحظة، للحظة فقط، أن إسرائيل نجحت في أن تضع يدها على جاسوس أجنبي أضر بالدولة ضررا شديدا. إنهم يعتقلونه ولا ينشرون شيئا ولا نصف شيء ويتركون مرسليه من رجال الاستخبارات المعادية في ظلمة مطلقة. ماذا يفعلون؟ يحذرون أحيانا ويسكتون، وفي حالات كثيرة يرسلون مرسلين للبحث عن المختفي، وهنا ينتظرهم معتقلو الجواسيس منا لاعتقال المرسلين الجدد أيضا الذين هم ذوو فائدة عظيمة جدا في تقديم المعلومات.