الناطق باسم الحركة التصحيحية في حزب الأغلبية بالجزائر: اتفقنا على أن يكون القائد الجديد نظيف اليد والتاريخ

قارة قال لـ «الشرق الأوسط» إنه تم اختيار عبد الرزاق بوحارة ليكون أمينا عاما لجبهة التحرير الجزائرية لكن وفاته حالت دون ذلك

TT

وصف محمد الصغير قارة، الناطق الرسمي باسم الحركة التصحيحية التي أطاحت بعبد العزيز بلخادم من الأمانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني (أغلبية حكومية)، الوضع الذي يمر به الحزب بعد وفاة عضو مجلس الأمة عبد الرزاق بوحارة بـ«الصعب» و«الخطير».

وقال قارة، في حوار أجرته معه «الشرق الأوسط»، إن قيادات الحزب وصلت إلى إجماع لتزكية الراحل بوحارة كأمين عام جديد للحزب، وحينما تقرر إبلاغه بالقرار كان يرقد في المستشفى. وتأسف قارة لسلوك بعض المنتمين للحزب ممن وصفهم بـ«الدخلاء والمندسين»، الذين قدموا أسماءهم كمرشحين للأمانة العامة في اليوم الذي توفي فيه بوحارة. وأضاف قارة أن الأوضاع داخل الحزب صعبة، بسبب التركيبة البشرية لأعضاء اللجنة المركزية التي تفتقر للانسجام والتوافق، وانبثاق تكتلات ولوبيات تعمل على انتخاب أمين عام جديد يحافظ على مصالحهم الشخصية باستعمال طرق ووسائل غير شرعية. ونفى قارة وجود أي صراع بين التقويميين ووزراء الحزب. وفي ما يلي نص الحوار:

* ما مدى صحة الأنباء التي تحدثت عن التوصل إلى إجماع بشأن تولي الراحل بوحارة منصب الأمين العام خلفا لعبد العزيز بلخادم؟

- نعم، تمكنا خلال الفترة التي أعقبت تنحية بلخادم من التوصل إلى الاتفاق بشأن الشروط الواجب توفرها في الأمين العام الجديد. وكان الاتفاق على أن يكون الأمين العام الجديد نظيف اليد، وانعدام وجود أي شبهة تتعلق بتورطه في قضايا فساد بمختلف أنواعه وأشكاله، كذلك نظافة التاريخ سواء بالنسبة له كشخص أو لعائلته. ثم تأتي شروط تندرج ضمن المسار السياسي والحزبي، ومستوى التكوين ونوعيته، ومدى تشبع الشخص بآيديولوجية الحزب وأفكاره، وهو ما يعني أن يكون تربى في الحزب وليس مستوردا. طبعا، نحن لا نبحث عن شخص يتصف بالكمال، لكن بهذه الشروط يمكن أن يتحقق الإجماع بشأنه، ونستطيع أن نسوقه ونقنع المناضلين أعضاء اللجنة المركزية. وبكل صراحة توصلنا إلى قناعة مفادها أن الراحل بوحارة كان يمكن أن يحقق الإجماع لأنه يتصف بأغلب الصفات المطلوبة.

* بوحارة الآن انتقل إلى رحمة الله، هل هناك شخصيات أخرى مقترحة أم أن الأمر لا يزال موضع نقاش ومشاورات؟

- نحن وصلنا إلى مرحلة اتخاذ القرار بنسبة 99 في المائة بشأن المرحوم بوحارة، لكن للأسف حينما قررنا إبلاغه بالقرار كان يرقد في المستشفى، وتعذر علينا رؤيته من أجل تبليغه بالأمر. والآن، أود التأكيد على أن الخليفة الذي نبحث عنه يجب أن تتوافر فيه نفس الشروط. وبطبيعة الحال، نحن لا نبحث عن ملاك أو إنسان منزه، لكن يجب أن يتمتع بالحد الأدنى من هذه الشروط. لكن ما أريد قوله هو أنه بعد وفاة بوحارة لم تكن هناك فرصة للحديث عن هذا الموضوع. ونحن نتأسف لسلوك بعض الأشخاص الذين لم يحترموا العادات والأخلاق والقيم التي عرف بها حزب جبهة التحرير الوطني. كان على هؤلاء ألا يتحدثوا عن موضوع اختيار الأمين العام على الأقل بعد مرور ثلاثة أيام على وفاة الراحل. فهؤلاء مندسون في الحزب، وفي يوم الدفن هناك من تقدم بترشحه.

* إذن أنت لا تقصد بهؤلاء الجناح المحسوب على الأمين العام السابق؟

- نحن لا نسميهم أنصار بلخادم، بل نعتبرهم دخلاء ومندسين في حزب جبهة التحرير الوطني، ليست لهم التربية الأخلاقية التي تربى عليها مناضلو الحزب الحقيقيون، لأنهم لو كانوا أبناء الحزب لما تصرفوا مثل هذه التصرفات. الرجل الآن في ذمة الله، وهم يقدمون ترشيحاتهم، وهذا الصنف هو من أوصل حزب جبهة التحرير الوطني إلى هذه المرحلة، لأن الحزب حسب تفكيرهم ما هو إلا ظهر يركب، وضرع يحلب، فهم لا يبحثون إلا عن مصالحهم الشخصية بطرق غير شرعية.

* في سياق حديثكم عن الشروط الواجب توافرها مثل الشرعية التاريخية، أود أن أسألكم: ماذا لو تم اختيار بوحارة أمينا عاما للحزب وتوفي بعد أسبوع.. ألا ترى أن الأمين العام الجديد ينبغي أن يكون من الشباب وليس من الكهول؟

- نحن لم نتحدث عن الشرعية الثورية كشرط، لم نقل قط ذلك، وليس شرطا أن يكون الأمين العام مجاهدا، الشرط الوحيد هو أن يكون رصيده التاريخي ورصيد عائلته نظيفا وخاليا من الشوائب. وبالنسبة لقضية التشبيب، بالنسبة إلينا المرحلة التي يعيشها الحزب حاليا هي مرحلة انتقالية، ونحن نرفض التشبيب حاليا لعدة أسباب. والذين يتشدقون الآن بهذه الشعارات، ويتحدثون عن ضرورة تشبيب الحزب، ويقولون إن نحو 80 في المائة من المناضلين في الحزب هم شباب، هؤلاء لا قيم لهم، ولا مبادئ ثابتة، ويتلونون مثل الحرباء، وحتى حينما كان بوحارة حيا كانوا يلغون هذا اللغو، ومن دون ذكر أسماء أقول إن هؤلاء هم الدخلاء المشبوهون حتى في تاريخهم، وحينما يتحدثون عن السن هم لا يقصدون عامل السن في حد ذاته، وإنما يحز في أنفسهم أن تبقى فئة المجاهدين موجودة في الحزب، هذه الفئة كونت لوبيا، دوره الوحيد هو تشويه تاريخ الحزب، وتشويه المناضلين الحقيقيين، ومحاربة المواطن البسيط الذي ينتمي إلى الأسرة الثورية، وهؤلاء معروفون، وهناك لوبي آخر يعتمد على المال. فهؤلاء موجودون حتى في قيادة الحزب. إنهم حينما يتحدثون عن نسبة 80 في المائة من الشباب داخل الحزب أقول لهم من أين جاء هؤلاء الشباب؟ ذلك أن أغلبهم جاءوا عن طريق الوساطة العائلية والصداقة. وأصبح هؤلاء الشباب أعضاء في اللجنة المركزية. إن هؤلاء لم يتمكنوا من الوصول إلى اللجنة المركزية عن طريق النضال الحزبي والسياسي، بل عن طريق وسائل أخرى. إذن لا يمكن الحديث عن الشباب من دون فتح المجال بالفعل للشباب المناضل والمنتمي للحزب فعلا، أما أن نحاصر الشباب والنساء المناضلين والمتشبعين بفكر الحزب، وتأتي فئة أخرى، ونتحدث بعد ذلك عن التشبيب، فهذا أمر غير مقبول. للأسف أصبحنا اليوم مسخرة في نظر الغير، وأصبح الكل يتحدث عن حزبنا باعتباره أصبح مطية للحلاقات، وبارونات المخدرات، للوصول إلى البرلمان. لذا فإن حديث هؤلاء عن التشبيب هو حق أريد بها باطل.

* إذن الحزب حاليا يمر بمرحلة صعبة تتميز بالصراع بين مجموعة من اللوبيات؟

- إن الوضعية التي يعيشها الحزب حاليا هي وضعية صعبة. وحينما أردنا سحب الثقة من بلخادم لم نكن نجري وراء أشخاص بعينهم، وكان الهدف إزاحة بلخادم فقط. وخلال تلك الفترة لم نتفق أو نتحدث بشأن الاسم المقترح لتولي هذا المنصب، لأننا قررنا أن يكون هذا الأمر بالتشاور مع كل الأطراف دون إقصاء. لكن بحكم التركيبة البشرية للجنة المركزية، التي انبثقت خلال المؤتمر الماضي، فقد تسببت بعض الخروقات في وصول أشخاص إلى اللجنة المركزية ليس لديهم أي ارتباط مع الحزب، الأمر الذي أسهم في انعدام الانسجام والتوافق بين أعضاء اللجنة المركزية. وأنا لا ألوم هؤلاء الأشخاص، وإنما ألوم المتسبب في ذلك.

* هل تم تحديد تاريخ لعقد الدورة المقبلة للجنة المركزية من أجل تزكية أو انتخاب الأمين العام الجديد؟

- الدورة المقبلة لا يمكن تحديدها إلا بعد نهاية هذا النقاش، لأنه لا يمكن الإعلان عن تاريخ الدورة ونحن في خلافات، هل نذهب إلى الدورة من أجل الصراع بالكراسي؟

* وماذا بشأن طريقة انتخاب الأمين العام، هل سيتم اللجوء إلى صندوق الاقتراع في حالة غياب توافق أو إجماع حول شخصية ما؟

- هناك من يتحدث عن فريقين، الأول مع الصندوق، والثاني ضد الصندوق، وكأن هؤلاء أصبحوا ديمقراطيين ويعلموننا السلوك الديمقراطي. نحن نقول ليس كل من يتجه إلى الصندوق هو ديمقراطي، الصندوق لا بد أن تتوافر فيه شروط، أما أن نتجه إليه في جو مشحون، فهو أمر غير ممكن تماما. هناك أناس ليست لديهم أي علاقة بالحزب وقدموا ترشيحاتهم. هذا أمر غريب. نحن في جبهة التحرير الوطني لدينا أخلاق وقيم، لدينا تربية وانضباط، كيف لإنسان انخرط أمس فقط في الحزب أن يرشح نفسه للأمانة العامة للحزب؟! حقيقة، إذا لم تستح فاصنع ما شئت، حينما تذهب إلى اللجنة المركزية تجد نحو 20 أو 30 شخصا رشحوا أنفسهم. الأمر أصبح مهزلة حقيقية.

* لكن في ظل هذا الوضع الذي يتسم بالاحتقان لا يمكن تحقيق إجماع حول شخصية معينة.. ألا يعتبر الصندوق حلا للمشكلة؟

- نحن لا نسعى إلى تحقيق إجماع، لكن نبحث عن توافق بشأن شخصية ما، وحينما نضمن أغلبية بشأن شخص ما سنتجاوز هؤلاء الذين تحدثت عنهم سابقا، وآنذاك يمكن أن نتجه إلى الصندوق لأننا نضمن النتائج.

* وماذا بشأن وزراء الحزب، البعض يتحدث عن وجود صراع بين التقويميين وهؤلاء؟

- أبدا، لا يوجد صراع أو نزاع، هؤلاء هم زملاء لنا، وأنا باعتباري الناطق الرسمي باسم الحركة التقويمية ألتقي بشكل يومي بهؤلاء، ونتناقش فيما بيننا. كنا سابقا نبحث معهم سبل الإطاحة ببلخادم، أما الآن فنحن نتناقش حول كيفية إدارة المرحلة المقبلة، واختيار الأمين العام الجديد.