مقر أكبر تجمع للمعارضة السورية في القاهرة يفتقر إلى المال والحراسة

يقع في ضاحية التجمع الخامس بالعاصمة المصرية وأعضاؤه يتواصلون بالإنترنت

TT

«سيد» هو الحارس الشخصي لرئيس الائتلاف السوري المعارض، الشيخ أحمد معاذ الخطيب، الذي يتخذ من العاصمة المصرية مقرا للائتلاف. وتبدو الحراسة والمقر المستأجر لرئيس الائتلاف الذي يقود محاولات لإجبار الرئيس بشار الأسد على الرحيل، ذات إمكانات متواضعة، ناهيك بافتقار الائتلاف للدعم المالي المطلوب.

و«سيد» رجل أربعيني، طويل وعريض، يرتدي ملابس تليق بحارس لرجل مهم. ويقول: «مهمتي تأمين الشيخ معاذ أثناء خروجه من المنزل إلى مكان عمله وبالعكس وفي تحركاته داخل مصر فقط». ورغم أهمية الدور الذي يقوم به محليا وإقليميا ودوليا، فإن المقر الرئيسي للائتلاف السوري، لا يوجد عليه أي نوع من أنواع الحراسة كمؤسسة تسعى لإسقاط نظام الأسد أو على الأقل التحاور مع بعض قادة نظامه على بدء مرحلة جديدة من التاريخ السوري.

ويقع المقر ذو اللون الأصفر في فيللا من طابقين ومستأجرة، في منطقة التجمع الخامس على بعد نحو ثلاثين كيلومترا جنوب شرقي القاهرة. ويخلو الطابق الأول من أي تجهيزات مكتبية، بينما يتميز الطابق الثاني بوجود 4 غرف مجهزة بالمقاعد والمكاتب وأجهزة الكومبيوتر الشخصية والطابعات والتلفزيونات. وفي إحدى الغرف، يجتمع الخطيب مع نائبه رياض سيف، بشكل شبه يومي.

و«الائتلاف الوطني» يتكون من مجموعات معارضة من داخل الثورة السورية، وتشكل في العاصمة القطرية الدوحة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012. وانتخب الخطيب الذي كان إماما للمسجد الأموي في دمشق، ويعتبر من الشخصيات المعتدلة، رئيسا للائتلاف، ويمثل أعضاؤه معظم قوى المعارضة، منها «المجلس الوطني السوري» و«الهيئة العامة للثورة السورية» و«لجان التنسيق المحلية» و«المجلس الثوري لعشائر سوريا»، و«المجلس الوطني الكردي»، وغيرها.

ويتوزع أعضاء الائتلاف المعارض في العواصم العربية والعالمية، منهم أربعة في القاهرة وهم الخطيب ونائبه رياض سيف، وهيثم المالح وحارث النبهان. ويقيم ممثلو المحافظات السورية بالداخل السوري، والباقون في تركيا وبعض العواصم الأوروبية. ويمثل بعد المسافات عقبة أمام عمل الكثير من قادة المعارضة، على عكس قادة المعارضة الليبية الذين تمكنوا سريعا من التجمع في شرق البلاد أثناء الانتفاضة المسلحة ضد نظام القذافي في مطلع 2011.

وعلى العكس من ظروف قادة «ثورة» ليبيا، تجد الغالبية العظمى من أعضاء الائتلاف السوري، خرجوا من البلاد لأسباب أمنية، خاصة بعد اندلاع الثورة منذ نحو 23 شهرا، باستثناء القليل ممن كانوا في الخارج أصلا مع عوائلهم مثل برهان غليون وعبد الباسط سيدا، أو من كان منفيا خارج البلاد مثل علي صدر الدين البيانوني بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان. ويعتبر المالح أكبر أعضاء الائتلاف سنا، أما أصغرهم فهي ريما فليحان التي تعد واحدة من ضمن ثلاث نساء فقط في الائتلاف.

وكما سلف ذكره، يعاني الائتلاف أزمة مالية، وهو يحتاج على الأقل إلى نحو 500 مليون دولار ليكون قادرا على تشكيل حكومة انتقالية، كما يقول المعارض السوري جورج صبرا نائب رئيس الائتلاف، وهو أمر كان قد أشار إليه في اجتماع باريس لدعم الائتلاف الشهر الماضي. ويقول مصدر مقرب من مكتب المعارضة بالقاهرة إن الحكومة المصرية كانت قد أشارت إلى أنها ستتحمل إيجار المقر، ولكن لم يظهر أي شيء حتى الآن.

وفي آخر اجتماع للائتلاف في تركيا، تبرعت قطر أيضا بـ20 مليون دولار، ولكن لم تصل إلى الائتلاف بعد، وفقا للمصدر نفسه الذي أشار كذلك إلى وصول مبلغ 300 ألف دولار من قبل رجال أعمال سوريين في دول الخليج، تم توزيعها على مناطق داريا والمعضمية بريف دمشق من خلال الائتلاف.

وقبل نحو أسبوعين، تعهدت الدول المشاركة في مؤتمر المانحين في الكويت بتقديم 1.6 مليار دولار لدعم الوضع الإنساني في سوريا. يقول وليد البني، الناطق الرسمي باسم الائتلاف، لـ«الشرق الأوسط»: «لم تصل الأموال للائتلاف سوى في الإذاعات وعلى ورق الصحف.. تسلم الائتلاف 8 ملايين دولار فقط ووزعت في الحال على المحافظات السورية والمحتاجين للإغاثة»، مشيرا إلى أن الائتلاف لديه مشاكل في النفقات الإدارية، و«لدينا وعود بـ20 مليون دولار من إحدى الدول الخليجية».

وبحسب مصدر آخر مقرب من الائتلاف، تحدث شريطة عدم تعريفه: «لا أحد من أعضاء الائتلاف يتلقى رواتب، باستثناء عدد من الموظفين الإداريين لا يتجاوز عددهم ستة أشخاص، ولكن التوجه هو صرف مرتبات لعدد من الأعضاء ممن تفرغوا للعمل في المعارضة».

وتستحوذ شخصيات المعارضة على مناقشات الرعايا السوريين في القاهرة، وما إذا كانت قيادات الائتلاف قادرة على الانتصار على الأسد أم لا. وعلى المقاهي الحديثة في ضاحية التجمع الخامس، يصف البعض عبد الباسط سيدا ورياض سيف والبيانوني، بأنهم الأكثر هدوءا بين أعضاء الائتلاف. أما أفضل الأعضاء قدرة على الإقناع والتأثير فيقولون: إنهما معاذ الخطيب وجورج صبرا، بينما يعد الأكثر حنكة سياسية منذر ماخوس سفير الائتلاف لدى فرنسا ورياض سيف (نائب الخطيب)، إضافة للبيانوني.

ويتواصل أعضاء الائتلاف في ما بينهم بواسطة مواقع التواصل على الإنترنت، وتتضمن تبادل الرسائل التي تشمل طرح الآراء والأفكار والرؤى السياسية، ويصل عدد هذه الرسائل يوميا إلى أكثر من 50 رسالة. أما عن التواصل مع العواصم العالمية، فيتم عادة عن طريق رئيس الائتلاف وكذلك على مستوى مكونات الائتلاف في العواصم للتواصل مع رجال الحكومة في البلدان التي يقيمون بها.

وعن التواصل مع الداخل، يقول مصدر مقرب من الائتلاف إن «مكونات الائتلاف نفسها لها وجود في الداخل السوري ولها شبكات تواصل مع لجان التنسيق والحراك المدني في كافة المناطق»، مشيرا إلى أن هذه الاتصالات تتم عبر أجهزة اتصال خاصة متصلة بالأقمار الاصطناعية، بالإضافة إلى التواصل المباشر من القاهرة للداخل السوري.

ورغم صعوبة الوضع المالي وصعوبة التواصل، فإن الائتلاف تمكن من إنشاء عدد من الأفران (المخابز) في المناطق المحررة في شمال سوريا وكذلك في جنوب البلاد في درعا، بالإضافة إلى تأسيس مستشفيات ميدانية ونقاط إسعاف لمعالجة الجرحى ومداواة المرضى ممن فقدوا المستوصفات والمستشفيات في مناطقهم جراء أعمال القصف.

أما في ما يتعلق بالتنسيق مع «الجيش الحر»، فيوضح المصدر قائلا إنه توجد في الهيكلية المطروحة لرئاسة الائتلاف وظيفة منسق عسكري للتواصل مع قيادات «الجيش الحر».. «كما أن هناك علاقة مباشرة بين الخطيب والعميد سليم إدريس قائد (الجيش الحر) للتنسيق ومتابعة التطورات الميدانية والسياسية في ما بينهم».

ويضيف أن الائتلاف السوري «بانتظار إرسال ضابط ارتباط من قبل القيادة المشتركة لـ(الجيش الحر) إلى الائتلاف للاستشارات»، ويوضح أنه تقرر أيضا تشكيل لجنة عسكرية من أعضاء الائتلاف لمتابعة ودراسة الشأن العسكري لتقديم بيانات ومعلومات عن «الجيش الحر» للائتلاف، وأن هناك توجها لتعيين مستشار عسكري لدى الهيئة القيادية للائتلاف.

وردا على سؤال إن كان هذا الأمر سينعكس على العلاقات بين أعضاء الائتلاف، يقول المصدر إن «الائتلاف يمكن أن نقول إنه حتى الآن ما زال في مرحلة التشكيل واستكمال هيكليته ولجانه ومكاتبه، ولذلك من الطبيعي أن يكون هذا الأمر موضوع تجاذبات فئوية لأن الائتلاف يضم قوى متعددة، كل منها يحاول جذب مكاسب لطرفه»، مشيرا إلى أنه «تحدث في بعض الأوقات مناقشات حادة بين الأطراف والأشخاص ضمن الحدود المنطقية واللائقة، وخاصة الأمور المتعلقة بتشكيل الحكومة المؤقتة».

ورغم الحرص الشديد الذي يبديه أعضاء الائتلاف في تحركاتهم بالقاهرة، فإن «سيد»، حارس الخطيب، يقول إن «العمل مع الشيخ معاذ يجلب لي الراحة النفسية، وهذا من الأمور المهمة بالنسبة لي في العمل، ولذلك أبذل كل جهدي للدفاع عنه، وحتى الآن لم نتعرض لأي محاولة اعتداء من أي جهة».