قيادة الجيش الإسرائيلي تجري تدريبات على حرب شاملة

باراك لم يشارك في التدريبات للتنسيق مع القيادة السياسية بسبب وجوده في الولايات المتحدة

TT

كشف النقاب أمس في تل أبيب أن التدريبات التي أجرتها قيادة الجبهة الداخلية في المدارس الإسرائيلية، كانت جزءا من تدريبات شاملة أجرتها قيادة الجيش طيلة أسبوع كامل وانتهت أمس، وكانت تحاكي سيناريوهات وقوع حرب شاملة في المنطقة.

ومع أن الناطق بلسان الجيش أعلن أن التدريبات تمت وفقا للبرنامج السنوي التقليدي للتدريبات، فإن مصادر أمنية أكدت أن التوقيت لم يكن صدفة وأن قراءة في برنامج التدريبات وظروفها ومضمونها تدل على أن الجيش يتوقع حربا في القريب.

وكانت هذه التدريبات قد تناولت، وفق مصادر في الجيش، مدى استعدادات هيئة رئاسة الأركان لإدارة الحرب، بالتنسيق مع القيادة السياسية من جهة والقيادات الميدانية من جهة ثانية. وشاركت فيها الحكومة، رئيسا ووزراء أمنيين، ورؤساء الأذرع المختلفة في الجيش والتنسيق ما بين الجيش النظامي وجيش الاحتياط وتم فيها فحص عدة سيناريوهات للحرب في جبهة واحدة أو في عدة جبهات في آن واحد. وشارك في التدريبات حشد من قادة الألوية والسرايا والفرق والوحدات. وفحصت فيها عمليات التنسيق في أكثر من سيناريو بين سلاح الجو وسلاح البحرية وقوات اليابسة بكل فروعها، إلى جانب دوائر الاستخبارات العسكرية والإعلام والأجهزة اللوجستية. وقامت قوات الجبهة الداخلية بإجراء تدريبات في المدارس الإسرائيلية في جميع أنحاء البلاد، حول كيفية التصرف إذا داهمتها الحرب خلال ساعات التعليم.

وكان لافتا للنظر أن وزير الدفاع الإسرائيلي، ايهود باراك، لم يشارك في هذه التدريبات بسبب وجوده في الولايات المتحدة في زيارة تمتد لثمانية أيام، أمضى ستة منها في لقاءات ماراثونية مع وزارة الدفاع (البنتاغون) وقيادات الجيش الأميركي وكذلك مع وزير الخارجية، جون كيري.

وقالت صحيفة «معاريف»، أمس، إن قيادة التدريبات في الجيش أخذت في اعتبارها الاستنتاجات من التدريبات السابقة وكذلك من تجارب حرب لبنان الثانية وعملية «الرصاص المصبوب» (العدوان على قطاع غزة في أواخر سنة 2008 وأوائل سنة 2009) وعملية «عامود السحاب» (عدوان أواخر السنة الماضية). وأضافت أن «هذه التدريبات تأتي في إطار السعي لتحسين أداء الجيش ورفع مستوى استعداداته لمجابهة أي تدهور في الوضع الأمني بمختلف الأحجام والمقاييس». وأصر الناطق العسكري على التأكيد أنها تدريبات عادية مقررة سلفا وتتم في إطار الفحص الذاتي الدائم في الجيش لقدراته العسكرية على مستوى رئاسة الأركان وحتى أصغر فرقة.

وجدير بالذكر أنه عشية التدريبات المذكورة، صرح قائد كبير في الجيش الإسرائيلي بأن هناك مصلحة لإسرائيل بحرب ثالثة في لبنان «تنزع خطر صواريخ حزب الله». وقال العميد يهودا فوكس، قائد لواء الشبيبة الطلائعية في الجيش الإسرائيلي «ناحل»، في نهاية الأسبوع الماضي، إن «إسرائيل لا تريد ولا تخطط لحرب على لبنان أو لاحتلال للجنوب اللبناني، ولكن حزب الله يقوم كل الوقت بإعداد نفسه وقواته للهجوم على إسرائيل وتهديد أمن سكانه. والطريقة الأفضل لنزع هذا الخطر هي في اجتياح المناطق التي يسيطر عليها وتدمير البنى التحتية لقوته العسكرية الصاروخية وتدمير أكبر قدر من بطاريات الصواريخ التي يقيمها وبذلك نوفر لأنفسنا هدوءا لفترة طويلة».

وكان فوكس يتكلم أمام قادة لوائه، وهم في طريقهم إلى المرتفعات السورية المحتلة في الجولان، لإجراء تدريب على احتلال نموذج لقرية لبنانية مبنية فيها. وقال، وفقا لما نشر في الموقع الإلكتروني لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يومها، إنه أمام سوريا المفككة وحزب الله المتعاظمة قوته، لا بد من عمل يزيح الأخطار عن إسرائيل. فنحن نتابع بقلق كيف يعمل حزب الله للحصول على صواريخ متطورة وبعيدة المدى مصنوعة في روسيا. فهو ليس بحاجة إلى هذه الصواريخ ليدافع عن لبنان، بل ليهاجم المواطنين الإسرائيليين.

وفي رد على سؤال حول الأخطار الكامنة في حرب كهذه على الجيش الإسرائيلي، خصوصا بعد مفاجآت حرب لبنان الثانية سنة 2006، قال: «نحن واعون للأخطار. وعندما اخترنا الخدمة في القوات الطلائعية أقسمنا على القتال مهما يحمل من أخطار في سبيل الدفاع عن إسرائيل. ونحن لا نستهين بقوة العدو وقدراته، لكننا أقوى منه». وأضاف أن الهدف من الحرب التي يتحدث عنها «ليس تدمير آخر مدفع لدى العدو، بل تحطيم القوة الأساسية التي تضمن شل قواتهم ومنعهم من التفكير في الإعداد لحرب أخرى ضدنا». وقالت الصحيفة إن التوجه في الجيش الإسرائيلي، إذا احتاج إلى الحرب، هو أن يبدأ بقصف جوي مكثف يدمر قواعد الصواريخ والخنادق التي يتحصن فيها المقاتلون من حزب الله، وبعد ذلك اجتياح المنطقة بقوات اليابسة لكي تحسم نتيجة الحرب.

يذكر أن الجيش الإسرائيلي، كان دائما يرى في قوة حزب الله ليس فقط تهديدا أمنيا مباشرا، بل ورقة ضغط إيرانية بالأساس. بفضل وجود القوة العسكرية له في لبنان، وكذلك بفضل سوريا في الشرق وحماس والجهاد الإسلامي في الجنوب (قطاع غزة)، تشعر إيران بالقوة فتتشدد في موقفها من موضوع تطوير السلاح النووي. ولذلك أقدم الجيش الإسرائيلي على ضربته الأخيرة في غزة، التي انتهت باتفاق على التهدئة بإشراف ووساطة مصرية. وبتفكك سوريا وخروجها من موازنة الحرب، كما أكد القادة السوريون في الأيام الأخيرة، بقي حزب الله قوة أساسية. وهناك من يرى في إسرائيل أن هذا هو الوقت المناسب لضرب حزب الله، حتى يبقى الإيرانيون لوحدهم في المعركة، فإما يتراجعون عن تطوير السلاح النووي وإما يحشرون في حرب لا يكون لهم أي سند فيها من دول الجوار مع إسرائيل.