الجماعة الإسلامية بمصر تغير صورتها القديمة بمظاهرة ضد العنف

نظمت وقفة كبيرة بمفردها لأول مرة

TT

وقف محمد شعبان (40 عاما)، ذو البشرة السمراء واللحية السوداء، بجلبابه الفلاحي وعمامته البيضاء، صباح أمس الجمعة أمام المنصة الرئيسية التي أقامتها الجماعة الإسلامية لمليونية «لا للعنف» أمام جامعة القاهرة، وهو يدقق النظر في من حوله، وفي محيط المكان الذي توافد عليه الآلاف من أعضاء الجماعة التي كانت تنتهج العنف المسلح ضد الدولة في تسعينات القرن الماضي. محمد أحد كوادر الجماعة الإسلامية، ذاق مرارة الحبس لأكثر من عشر سنوات في عهد النظام السابق، حضر مع مجموعة من أعضاء الجماعة من أسيوط في الصعيد للقاهرة، ضمن عشرات السيارات التي نقلت أعضاء الجماعة من مختلف أنحاء الجمهورية، وأراد أن يتجول في محيط المكان المخصص للمظاهرة مبكرا وسط عشرات من الباعة الجائلين الذين انتشروا في المكان. وشارك في «مليونية» الجماعة أمس عشرات الآلاف من المتظاهرين.

أراد عضو الجماعة الإسلامية الذي تبدو عليه ملامح البساطة أن يؤكد على الرسالة التي خرجت الجماعة وحزبها البناء والتنمية من أجلها، وهي التأكيد على رفض العنف في الممارسة السياسية، رغم أن صورتها في الشارع السياسي ارتبطت بالعنف منذ نشأتها. لكن الجماعة الإسلامية وقياداتها، حسبما يروي محمد شعبان، أرادوا التأكيد على رسالة سلمية في العمل السياسي، بعد انتشار حوادث العنف والاشتباك في المظاهرات خلال الفترة الماضية، لأن استعراض القوة ليس في صالح الجميع، كما يقول.

ولم تكن الصورة السلمية التي حاولت أن تظهر بها قيادات الجماعة الإسلامية جديدة، ذلك أن قيادات الجماعة الإسلامية الذين قادوا مبادرة للمراجعات الفكرية لنبذ العنف من داخل السجون قبل نحو 14 سنة يصارعون طوال الوقت بعد الثورة عبر اتجاههم للعمل السياسي الصريح وتأسيس حزب خاص بهم، من أجل تغيير صورتهم لدى المواطن في الشارع، وينقلون فكر المراجعة من عشرات الكتب التي سطروها داخل السجون إلى الشارع السياسي، حتى تبدو الجماعة أكثر اعتدالا.

وتعد الجماعة الإسلامية من أكثر الحركات الإسلامية تنظيما في مصر، منذ تأسيسها في سبعينات القرن الماضي، واستطاعت أن تحافظ على هيكلها التنظيمي رغم الضربة القاسية التي واجهتها على يد النظام السابق باعتقال معظم قياداتها وأعضائها لعشرات السنوات. وظهرت الجماعة كتنظيم شبابي في الصعيد من مجموعة من طلبة الجامعة الذين حاولوا تطبيق الشريعة الإسلامية، وخاضوا من أجل تحقيق هدفهم مواجهات دامية، كان أبرز وقائعها اغتيال الرئيس الأسبق أنور السادات، والصدام المسلح بين أعضائها والنظام السابق في عقدي الثمانينات والتسعينات.

اللافت في مليونية الجماعة الإسلامية أمس أنها المرة الأولى منذ قيام ثورة 2011 التي تتصدى فيها الجماعة الإسلامية لتتحمل مسؤولية الدعوة وتنظيم مليونية يقوم عليها أعضاؤها، وبمشاركة محدودة من باقي القوى والتيارات السياسية والإسلامية الأخرى، ذلك أن مشاركتها السابقة كانت تأتي ضمن مظاهرات تدعو لها الحركات الإسلامية الأخرى سواء من الإخوان أو السلفيين.

ويميز عناصر الجماعة الإسلامية والكثير من كوادرها مظهر خاص في وجوههم، فهم من أبناء القرى والطبقة البسيطة من العمال والمزارعين، بالمقارنة بالإخوان والسلفيين الذين ينتمي عدد من كوادرهم لأعمال ونقابات مهنية، وعليه لم يكن من المستغرب انتشار آلاف الوجوه من المنتسبين للجماعة الإسلامية فوق الجلباب الفلاحي، رافعين شعارات تطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية وهم يهتفون «إسلامية إسلامية».