قرى وأحياء موالية تعيق تقدم المعارضة في الداخل السوري

تحولت إلى ثكنات ومراكز للجيش النظامي

TT

مع بدء الاحتجاجات الشعبية ضد النظام السوري، لعبت الأحياء والقرى المؤيدة للنظام في مختلف المدن والمناطق السورية دورا كبيرا في مساعدة القوات النظامية خلال قمعها للمظاهرات التي كانت تخرج من الأحياء المعارضة. لكن في الوقت الراهن يؤكد ناشطون معارضون أن «القرى الموالية تحولت إلى خزان لما يسمى بـ(اللجان الشعبية)، حيث تم تجنيد الشبان ودفعهم إلى إقامة حواجز على الطرق، ثم ما لبثت أن تحولت هذه اللجان إلى (ميليشيات) مسلحة ترافق القوات النظامية في عملياتها العسكرية». وبحسب ناشطين فإن «المدفعيات النظامية تتركز في الأحياء والقرى الموالية، فيما يقوم سكان هذه الأحياء بعمليات خطف ونهب وحرق للمنازل التي يتم اقتحامها».

وتتوزع في مدينة حمص وسط سوريا الكثير من الأحياء الموالية التي يتحدر أهلها من الطائفة العلوية، ومنها الزاهرة والنزهة والعباسية والأرمن ووادي الذهب. ويشير أحد الناشطين المعارضين لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هذه الأحياء تم استحداثها بعد وصول الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى السلطة، حيث استقدم سكانها من منطقة (المخرم) الريفية شرق حمص». وأضاف: «معظم سكان هذه الأحياء ينتمون إلى أجهزة الأمن والجيش.. الأمر الذي يجعل مساعدتهم للنظام الحاكم بديهيا».

ووفقا للعقيد عارف الحمود، نائب رئيس الأركان في «الجيش السوري الحر»، «فقد خرجت من هذه الأحياء مع بداية الثورة تشكيلات أطلق عليها (اللجان الشعبية) من أجل قمع المظاهرات التي كانت تخرج سلمية في ذلك الوقت، فهاجموا الأحياء المنتفضة، مثل السبيل والبياضة والخالدية وباب السباع، وأهانوا الأهالي». ويشير الحمود لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «اللجان التي كانت تقوم بقمع المظاهرات تحولت حاليا إلى كتائب مسلحة تدعى (كتائب البعث)، وتم توزيعها على حواجز عسكرية لمساعدة القوات النظامية»، مؤكدا «وجود عصابات مدعومة من النظام تخرج من هذه الأحياء لتخطف الناس وتعتقلهم وتسرق منازلهم قبل حرقها». ويوضح الحمود أن «هناك خطوط تماس واضحة باتت تقسم مدينة حمص إلى أحياء للنظام وأخرى تحت سلطة (الجيش الحر)، ما يجعل تأثير الأحياء الموالية ضعيفا نسبيا مقابل تأثيره القوي في العاصمة دمشق». ورغم أن الأحياء التابعة للنظام في دمشق لا تتجاوز الثلاثة، فإن مساكن الضباط وعائلاتهم التي تنتشر بالقرب من القطع العسكرية المتمركزة في ضواحي العاصمة تشكل عائقا كبيرا أمام عمليات «الجيش الحر»، وفقا للعقيد حمود.

وتتوزع هذه المساكن بين ضاحية الأسد في حي حرستا ومنطقة الديماس والكسوة، إضافة إلى مساكن الفرقة الرابعة التي تقع في منطقة السومرية. وبحسب ناشطين معارضين فإن «أهالي هذه المساكن تسلحوا وانخرطوا في ميليشيات تدعم القوات النظامية».

وفي ريف حماه، حيث يعيش موزاييك طائفي يجمع السنة والعلويين والمسيحيين والإسماعيليين، تنتشر الكثير من القرى الموالية التي تحوي تجمعات عسكرية تتمثل بـ«الأمن العسكري» وفوج للقوات خاصة. ومن هذه المناطق مدينة محردة ذات الغالبية المسيحية، وقرية قمحانة التي يعيش فيها خليط من السنة والعلويين، وقرية معان في الريف الشمالي ذات الغالبية العلوية، إضافة إلى السقيلبية والربيعة كفربهم. ويكشف الناشط المعارض أبو غازي الحموي لـ«الشرق الأوسط» عن أنه «قد تم ترحيل النساء والأطفال من بعض هذه القرى وتحولت إلى ثكنات عسكرية تتركز فيها آليات القوات النظامية». وأشار إلى «ارتكاب بعض سكان هذه القرى مجازر بحق أهالي المناطق الثائرة، مثل مجزرة القبير التي نفذها شبيحة من القرى المجاورة».

أما في ريف إدلب (شمال سوريا)، فيشير ناشطون معارضون إلى أن «قريتي الفوعة وكفريا ذات الأغلبية الشيعية تساعدان الجيش النظامي الذي يركز مدفعيته في هاتين القريتين لقصف القرى المجاورة التي تدعم الثورة». ويكشف أحد أعضاء «تنسيقية حلب للثورة السورية» عن «عمليات تجنيد لشبان من قريتي اللبول والزاهرة الشيعيتين الواقعتين في شمال غربي حلب؛ لضمهم إلى اللجان الشعبية الموالية للنظام الحاكم، والموكل إليها مهمة قمع «الثوار».