منسق إغاثي لـ«الشرق الأوسط»: غياب الهيكلية سبب ضعف الإغاثة في الأردن

وزير أردني يقول إن أعداد اللاجئين السوريين المتزايدة تفوق إمكانات القطاع الصحي في البلاد

TT

قال وزير الصحة الأردني عبد اللطيف وريكات أول من أمس إن الأعداد الكبيرة من اللاجئين السوريين أصبحت تشكل عبئا كبيرا يفوق إمكانات وقدرات القطاع الصحي في المملكة. وأوضح خلال اجتماع مع رئيس بعثة «أطباء بلا حدود» في الأردن أنطوان فوشيه والوفد المرافق أنه تم تسجيل إصابات بأمراض سارية ومزمنة بين أعداد كبيرة من اللاجئين، مما شكل ضغطا شديدا على مستشفيات الوزارة ومراكزها الصحية وتحديدا في شمال المملكة، واستنزاف مخزونها من الأدوية والمطاعم والمستلزمات الطبية.

بدوره، قال منسق الحملة الإنسانية السورية - البريطانية الدكتور محمد الحاج علي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن عدد السوريين الذين لجأوا إلى المملكة منذ بداية الأزمة في سوريا تجاوز 350 ألفا، مما يعني زيادة سكانية بنسبة تزيد على 7 في المائة، في بلد يعاني من محدودية في الإمكانات الاقتصادية.

وخلال اجتماع وريكات مع وفد منظمة «أطباء بلا حدود»، نقلت وكالة الأنباء الأردنية (بترا) عن وريكات قوله إن الأردن يرحب بأي دعم ومساندة تقدم من دول العالم والهيئات والمنظمات الدولية لأنها ستمكنه من الاستجابة للتحدي والقدرة على الاستمرار في تقديم الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية للاجئين. وأضافت «بترا» أن فوشيه قال إن الأزمة السورية أصبحت عبئا كبيرا على الأردن، لا سيما في ما يتصل بالشأن الإنساني والطبي، وكشف عن أن المنظمة بصدد الترتيب مع وزارة الصحة لفتح مستشفى للأطفال في مخيم الزعتري في غضون أسبوعين بسعة 35 سريرا في المرحلة الأولى ومضاعفة السعة لتصل إلى 60 سريرا في المرحلة الثانية. وأشار إلى أنه سيتم في المرحلة الثانية إضافة تخصص النسائية والتوليد ورعاية المواليد الجدد داخل المخيم من عمر يوم إلى ستة أشهر.

من جانبه، أشار الدكتور الحاج علي إلى أن عدد قاطني «الزعتري» تجاوز السبعين ألفا، وبالتالي فقد «أصبحنا نتحدث عن مدينة صغيرة وليس عن مخيم»، مضيفا أن هذه المدينة ينقصها إلى جانب المساعدات الإنسانية والطبية «إدارة رشيدة وتوزيع عادل للمعونات، وهما أمران أساسيان لأي عمل إغاثي». وأضاف الباحث في جامعة كارديف في مقاطعة ويلز ببريطانيا: «تصدر نداءات استغاثة من المخيم لجهة حاجة السوريين إلى البطانيات، فترسل جميع الهيئات الإغاثية العربية والإسلامية والدولية البطانيات. ويتكرر هذا المثال على الأحذية والحليب وغيرها»، وهذا يؤدي إلى حصول فائض في بعض المواد الإغاثية بينما تهمل المواد الأخرى.

إضافة إلى ذلك، تبرز مشكلة «القطع لصالح الجمعيات الخيرية» في أي مواد تأتي من خارج المملكة باسم اللاجئين السوريين، وهنا نصح الدكتور الحاج علي بأن تشترى كل المواد الإغاثية من السوق الأردنية المحلية.

أما بالنسبة للسوريين خارج المخيمات في الأردن، فيشير الحاج علي إلى أن العبء الأكبر بالنسبة للهيئات الإغاثية يتمحور حول نفقات البيوت المستأجرة والطبابة والأدوية لساكني تلك البيوت.

كل ما سبق يصعب أمور الجهود الإغاثية في الأردن، ولهذا السبب تفضل المنظمات الإغاثية والجمعيات الخيرية السورية وغير السورية تركيا كمقصد لها نظرا لسهولة النفوذ عبر الحدود والخبرة التركية في التعامل مع الأزمات الإنسانية، بحسب الدكتور الحاج علي الذي أشاد بالمشروع الوطني للأطراف الصناعية ومقره في منطقة الريحانية على الحدود السورية - التركية، والذي يهدف إلى نقل المتضررين من الحرب الدائرة في سوريا من الداخل السوري إلى تركيا وتركيب أطراف صناعية لهم، مشيرا إلى أن «مثل هذه المشاريع غير متوفرة حاليا في الأردن لأن الحدود السورية - الأردنية ما زال يسيطر عليها نظام الأسد وبالتالي فهناك صعوبة في نقل المرضى من الداخل السوري»، مضيفا أن لديه معلومات عن أكثر من 1000 حالة بتر للأطرف السفلية في محافظة ريف دمشق وحدها.

وفي سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول المعوقات والتحديات التي تواجهها الإغاثة الطبية في المملكة، يحدد الطبيب السوري أربعة معوقات.. فإلى جانب الإدارة الرشيدة والتوزيع العادل للإعانات الذي يعتبره التحدي الأول، تبرز مشكلة المرضى السوريين الموجودين في المشافي الأردنية الخاصة كتحد ثان، فـ«هؤلاء المرضى بحاجة إلى تغطية تكاليف العمل الجراحي، والكثير منهم بحاجة إلى إعادة تأهيل يشمل العلاج الفيزيائي والدعم النفسي»، مقرا بأن هذا التحدي صعب ومكلف، خصوصا مع مصابي العمود الفقري الذين يعانون من الشلل أو ضعف حركة الأطراف السفلية.

أما التحدي الثالث فيتمثل في دعم المستوصفات الصحية لتقديم الرعاية الصحية الأولى كأمراض الأطفال والنسائية وغيرها، وتاليا القدرة على القيام بعمليات جراحية عوضا عن الذهاب إلى عمان ودفع مبالغ باهظة كتكاليف للعمل الجراحي. وفي هذا الصدد أقر الحاج علي بوجود مشاف ميدانية سعودية وقطرية ومغربية وفرنسية وغيرها، إلا أنها مجرد عيادات خارجية ولا تقدم خدمة العمليات الجراحية.

وفي ما يخص التحدي الأخير، يتحدث الحاج علي عن إشكالية «الترخيص بالعمل والسماح بمزاولة المهنة بالنسبة للأطباء السوريين الذين اضطرتهم الظروف إلى ترك عملهم واللجوء إلى الأردن»، راجيا من القائمين على نقابة الأطباء الأردنيين تخفيف القيود المفروضة حاليا على الزملاء السوريين والسماح لهم بمزاولة العمل.

يشار إلى أن «الحملة الإنسانية السورية - البريطانية» تأسست بعد اندلاع الثورة السورية قبل عامين من خلال تضافر جهود مجموعة من الأشخاص المقيمين في بريطانيا، بالإضافة إلى الجالية العربية والمسلمة، وهدفت إلى مساعدة الشعب السوري من النواحي الإنسانية والإغاثية والطبية، سواء لمن في داخل سوريا أو اللاجئين السوريين في دول الجوار، وقد قامت مؤخرا بزيارة استطلاعية إلى الأردن بهدف الوقوف على ما يحتاج إليه اللاجئ السوري في المملكة الهاشمية.