عقوبات أميركية جديدة تخنق تجارة الذهب بين تركيا وإيران

كيري وأشتون ومون يطالبون طهران ببذل جهد في المفاوضات حول برنامجها النووي

TT

حض وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيرته في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إيران، على بذل جهود بشأن برنامجها النووي خلال المفاوضات الدولية نهاية فبراير (شباط).

واستقبل وزير الخارجية الأميركي الجديد مون وأشتون يوم الخميس، وأدلى للمرة الثالثة خلال أسبوع بموقفه بشأن الملف النووي الإيراني. وركز كيري على أهمية شراكة الولايات المتحدة مع أوروبا فيما يتعلق بإيران، وتقديم حل سلمي لمفاوضات مجموعة الـ«5+1» مع إيران حول البرنامج النووي الإيراني، وقال: «المبادرة التي تقودها كاثرين أشتون هي جهد بالغ الأهمية لتجنب المواجهة وتقديم حل سلمي لتحديات البرنامج النووي الإيراني، ونأمل أن تحدث المفاوضات مزيدا من التقدم، وربما إتاحة فرص إضافية».

وخلال لقائه مع الأمين العام للأمم المتحدة، كرر كيري دعوته لإيران لإثبات سلمية برنامجها النووي، وقال: «البلدان التي لديها برامج سلمية ليس لديها مشكلة في إثبات ذلك، ولن نكون أسرى لعملية مماطلة يوما بعد يوم، وعلى الإيرانيين إثبات أنهم مستعدون لتلبية رغبتنا واستعدادنا، وأنهم منفتحون لحلول دبلوماسية».

ومن المقرر عقد جولة جديدة من المفاوضات بين طهران ومجموعة «5+1» (الولايات المتحدة، الصين، روسيا، بريطانيا، فرنسا وألمانيا) في 26 فبراير في كازاخستان، بعد جولة أخيرة في موسكو انتهت بالفشل في يونيو (حزيران) 2012. إلا أن هذه المحادثات «لا يمكن أن تتقدم إلا في حال أتى الإيرانيون إلى الطاولة مصممين جديا على تقديم اقتراحات ومناقشتها»، بحسب كيري، الذي سبق أن دعا طهران إلى المشاركة في محادثات «عميقة بالفعل» في كازاخستان.

من جانبها، أكدت أشتون التي تدير مفاوضات القوى الـ6 الكبرى مع إيران، أنها «لطالما سعت إلى النجاح» في الخروج من هذه الأزمة، من خلال الالتزام «ببذل ما في وسعها باسم مجموعة (5+1)».

وفي السياق نفسه، أبدى الأمين العام للأمم المتحدة «أمله الصادق في حصول تقدم مثمر» في كازاخستان. وقال مون في تصريحات لصحيفة «واشنطن بوست» إنه يريد تسريع المحادثات الدبلوماسية مع إيران، وقال: «لا ينبغي إعطاء مزيد من الوقت للإيرانيين، وعلينا ألا نضيع الوقت وقد رأينا ما حدث مع كوريا الديمقراطية». وأضاف: «على مجلس الأمن الدولي أن يأخذ موقفا حاسما وحازما وفعالا وسريعا بما يرسل رسالة واضحة لإيران بأن العالم غير مقتنع بأنهم لا يسعون لامتلاك سلاح نووي».

وتشتبه الأسرة الدولية في سعي الجمهورية الإسلامية في إيران للتزود بأسلحة نووية تحت ستار برنامج مدني، وهو ما تنفيه طهران قطعا. وفرضت الأمم المتحدة والدول الغربية على إيران سلسلة عقوبات.

وتبحث الولايات المتحدة مع القوى الكبرى مخططا يدعو إيران إلى تجميد بعض أنشطتها النووي المثيرة للقلق مقابل تخفيف بعض العقوبات الاقتصادية، بينما تطالب إيران الحكومات الغربية بالاعتراف رسميا بحق إيران في استخدام اليورانيوم المخصب في محطات الطاقة النووية.

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن إيران طلبت مؤخرا عشرات الآلاف من معدات المغناطيس بدرجة عالية المستخدمة في أجهزة الطرد المركزي، إشارة إلى أن إيران تخطط للتوسع في برنامجها النووي. وفي الوقت نفسه، قامت إيران مؤخرا بخطوات لتخفيف مخاوف الغرب وقامت بتحويل جزء من مخزون اليورانيوم إلى شكل معدني لا يمكن استخدامه بسهولة في إنتاج أسلحة. ومن المتوقع أن يركز تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية على تلك الخطوات المزدوجة لإيران.

من جانب آخر، قال مصرفيون، أمس، إن عقوبات أميركية مشددة تخنق تجارة الذهب مقابل الغاز بين تركيا وإيران، وتمنع أيضا بنك خلق التركي المملوك للدولة من تسوية مدفوعات الدول الأخرى لطهران عن مشتريات النفط.

ويسعى المسؤولون الأميركيون لوقف صادرات الذهب التركية، التي تستخدم كمدفوعات غير مباشرة لإيران مقابل واردات الغاز الطبيعي، حتى لا تكون شريانا ماليا لطهران التي حجبتها العقوبات الغربية عن النظام المصرفي العالمي، بسبب برنامجها النووي.

وكانت تركيا، أكبر مشترٍ للغاز الطبيعي من إيران، تدفع لطهران ثمن الواردات بالليرة التركية لأن العقوبات تمنعها من الدفع بالدولار أو اليورو.

وكان الإيرانيون بعد ذلك يستخدمون الليرة التي كانت توضع في حسابات في بنك خلق لشراء الذهب في تركيا، ثم ينقل مندوبون سبائك بملايين الدولارات في حقائب إلى دبي، حيث يمكن بيعها مقابل العملة الصعبة أو شحنها إلى إيران. ويقوم بنك خلق أيضا بتسوية جزء من مدفوعات الهند عن النفط الإيراني.

وقال مصرفيون إن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة بقانون في الصيف الماضي وبدأت تنفيذها في السادس من فبراير تضيق الخناق على مبيعات المعادن النفيسة لإيران، وتمنع بنك خلق من تسوية مدفوعات النفط التي ترسلها دول أخرى لطهران.

وقال مصرفي تركي كبير لـ«رويترز»: «لا يمكن لبنك خلق أن يقبل مدفوعات أخرى غير مدفوعات المشتريات التركية من النفط والغاز، ولا يجوز لإيران أن تشتري بهذه الأموال إلا الأغذية والأدوية والمنتجات الصناعية».

وتابع: «مقايضة الغاز بالذهب صعبة جدا، بعد الجولة الثانية من العقوبات. لا يمكن للإيرانيين أن يسحبوا النقود ويشتروا بها ما يريدون. عليهم أن يثبتوا ما يشترونه.. لذلك ستتراجع صادرات الذهب بالتأكيد».

ولمح وزير الاقتصاد التركي ظفر جاغليان، الأسبوع الماضي، إلى تراجع هذه التجارة حين قال إنه على الرغم من أن تركيا لن ترضخ للضغوط الأميركية لوقف صادرات الذهب إلى إيران، فإنه من المتوقع تراجع الطلب الإيراني على المعدن النفيس.

وقال دبلوماسي غربي: «تستطيع القول إن الولايات المتحدة حققت مرادها.. إذا أرادت تركيا أن تواصل استيراد الطاقة من إيران، فلا سبيل لها سوى مقايضة السلع التي لا تشملها العقوبات».