الجبالي يمد مشاوراته حول الحكومة إلى الاثنين

مورو يدعو الغنوشي إلى التنحي عن قيادة الحركة * عضو «لجنة الحكماء» : ما يعرقل الإعلان عن التشكيلة الحكومية هو التزاحم على المناصب

رئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي يتوسط راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ومصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي خلال مشاورات رئيس الحكومة مع قادة الاحزاب بدار الضيافة في قرطاج أمس (أ.ف.ب)
TT

أعلن حمادي الجبالي رئيس الحكومة وأمين عام حزب النهضة الإسلامي الحاكم في تونس، مساء أمس، مد مشاوراته مع رؤساء الأحزاب السياسية في تونس حول قراره تشكيل حكومة تكنوقراط لإخراج البلاد من الأزمة التي أحدثها اغتيال المعارض شكري بلعيد, وذلك بعد أن كان هدد بتقديم استقالة اليوم إلى الرئيس التونسي منصف المرزوقي، في حال فشلت مشاوراته التي بدأها أمس.

وقال الجبالي: «نعتبر أن الوقت ليس هو الأهم، الأهم هو مصلحة تونس وإيجاد مخرج وحل للأزمة». وأفرزت مبادرة الجبالي انقساما جديدا في أوساط الطبقة السياسية التونسية بين مؤيد ورافض لتشكيل حكومة كفاءات. وعارضت حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب الرئيس المنصف المرزوقي) مبادرة الجبالي في حين ساندها حزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات.

وكانت أطراف سياسية قد نبهت إلى أن طرح سيناريو تقديم الجبالي لاستقالته إلى المرزوقي ومن ثم إعادة ترشيحه للحكومة مرة أخرى، ليس إلا فخا ينصب للجبالي يروم الانقلاب عليه تماما كما فعل من خلال إعلان مبادرته بتشكيل حكومة كفاءات (تكنوقراط) دون التشاور مع حزبه، وبقية مكونات المشهد السياسي في البلاد.

وذكرت المصادر ذاتها أن حركة النهضة اتفقت منذ يومين مع حزب المؤتمر وحركة وفاء وكتل برلمانية أخرى على تشكيل حكومة ائتلافية برئاسة عبد اللطيف المكي، وزير الصحة في حكومة الجبالي، والقيادي في حركة النهضة. ويستعد أنصار «النهضة» لتنظيم مسيرة مليونية مساء اليوم في شارع الحبيب بورقيبة في تونس العاصمة لدعم الشرعية ونبذ العنف.

في غضون ذلك، قالت وزارة الخارجية البريطانية أمس: «نحن نحترم خيارات الشعب الديمقراطية في المنطقة. سوف نتعامل مع أي جماعة، بما في ذلك ذوو الاتجاهات الإسلامية، شرط رفضهم العنف والتزامهم بالاتفاقات الدولية القائمة، واحترام العملية الديمقراطية». وأضاف متحدث باسم الخارجية في معرض جوابه عن أسئلة: «الشرق الأوسط»، عبر البريد الإلكتروني: «تونس شهدت تقدما كبيرا منذ قيام الثورة، بما في ذلك أول انتخابات حرة ونزيهة في عام 2011. كما عرفت تطورا في حرية التعبير، وأصبح لديها مجتمع مدني متحرك. وقد تطلب هذا ما يقارب سنتين، لكن علينا أن نتحلى بالصبر لأن التغيير يتطلب أجيالا».

وقال المتحدث: «سنواصل تشجيع القادة في تونس لضمان ألا تؤجج الأحداث الأخيرة المزيد من العنف، وضمان حوار وبناء توافق في الآراء لدعم عملية التحول الديمقراطي في تونس».

وزاد المتحدث قائلا: «نرحب بإدانة الحكومة التونسية المستمرة للتطرف والتزامها بالحقوق الديمقراطية والعدالة التي طالب بها الشعب التونسي، وسنواصل دعم عملية الإصلاح الجارية على الصعيد الثنائي (التونسي - البريطاني) أو عبر الاتحاد الأوروبي».

إلى ذلك، هاجم نائب زعيم حركة النهضة، المخضرم عبد الفتاح مورو، راشد الغنوشي وطالبه بالتنحي. وقال مورو لصحيفة «ماريان» الفرنسية الإلكترونية، إن «على رئيس الحركة التنحي وإفساح المجال لشخصية أخرى تكون قادرة على تأمين السلم الاجتماعي في تونس». واتهم مورو رئيس «النهضة» وأعضاء فيها بـ«الانغلاق الفكري وعدم الانفتاح على الثقافات الأخرى». وأشار مورو إلى أن «تجربة حركة النهضة في الحكم تقدم الدليل على أنه لا يكفي أن تكون مسلما لتحكم الناس».

وذكر مورو أنه يستطيع التجول بين التونسيين دون حماية، وأن «الغنوشي لا يستطيع ذلك. سألت الغنوشي إن كان يستطيع التجول بين التونسيين فأجاب بأنه لا يستطيع». كما طالب مورو بمؤتمر خارق للعادة لحركة النهضة يتم فيه الإعلان عن تغيير مسار الحركة الحالي «الذي يقود البلاد إلى كارثة»، على حد قوله.

واتهم مورو الغنوشي بتحويل الحركة إلى «شأن عائلي»، كما هاجم تصريحات القيادي في حركة النهضة الحبيب اللوز أمام سفارة فرنسا، ناسبا إليه قوله: «على اللائكيين التونسيين الرحيل». وعلق مورو على ذلك بقوله: «اللائكيون التونسيون لهم حق في هذه البلاد، وعندما تكون في السلطة عليك أن تكون بمثابة رب العائلة».

وكشف مورو عن وقوفه وراء مبادرة الجبالي، التي دعا فيها لحكومة تكنوقراط: «أنا من نصحت الجبالي بهذه الفكرة». وأعرب مورو عن اعتقاده أن «النهضة» ستغادر الحكم في الشهور المقبلة؛ لأن الشعب التونسي لم يعد يريدها.

وتأتي تصريحات مورو التي نزلت على النهضويين مثل الصاعقة بعد الصدمة التي تلقتها من أمينها العام ورئيس الوزراء الجبالي الذي أعلن عن مبادرته بتشكيل حكومة تكنوقراط دون العودة لهياكل حزبه أو شركائه في السلطة.

ومن جانبه قال قيس سعيد عضو «لجنة الحكماء» في اتصال أجرته معه «الشرق الأوسط» أمس أن المشكل المعرقل للإعلان عن التشكيلة الحكومية الجديدة هو التزاحم على المناصب، إضافة إلى الخلافات داخل «النهضة» وما يسمى بتركيبة «الصقور والحمائم» مؤكدا «الدليل أن الحسم في مبادرة رئيس الحكومة لم تتم بسرعة ولم يتوحد أعضاء الحركة في تقديم بيان موحد فهم يرفضون مبادرة الجبالي وفي نفس الوقت متمسكون به كأمين عام للحركة خاصة أنه يمكن أن يستقيل». وحول الإعلان الذي من المنتظر أن يكون اليوم قال سعيد إنه قد يؤجل مرة أخرى.

مضيفا أن النهضة «لا تستشعر المأزق، حقيقة هي في وضع مريح، بالنظر لمقاعدها وتحالفاتها مع الكتل الأخرى ولكن ارتياحها اليوم يجب ألا يحجب عنها الانطباع لدى الرأي العام والسأم. وقد يؤدي هذا إلى مآزق في المواعيد المقبلة».

وحول مواقف مورو من الغنوشي قال سعيد «إذا حللنا كلام مورو بالنظر إلى مواقفه السابقة فلا يعتبر مفاجئا لأنه أبعد من قبل عن النهضة ولم يكن مرغوبا فيه، كما أن موقفه يدل على أنه اتخذ مسافة واضحة من الحركة». وأوضح «معركة مورو يخوضها منذ وقت طويل وضع كل ثقله في الميزان لمساندة رئيس الحكومة، هو موقف في سلسلة من المواقف».