سعود الفيصل: مكافحة الإرهاب مسؤولية دولية مشتركة تتطلب جهودا حثيثة ومتواصلة

في كلمته أمام مؤتمر الرياض الدولي لمكافحة الإرهاب

صورة تذكارية للمشاركين في مؤتمر الرياض الدولي المعني بمكافحة الإرهاب وفي الصورة الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود وكيل وزارة الخارجية السعودي للعلاقات متعددة الأطراف الذي ألقى كلمة الأمير سعود الفيصل أمام المؤتمر (واس)
TT

أكد الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي أن خطر الإرهاب والإرهابيين ما زال قائما وممتدا في كثير من الدول، مما يتطلب ضرورة مواجهته بكل الوسائل وعلى كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية.

وشدد على أن مكافحة الإرهاب تعد مسؤولية عالمية مشتركة وجهدا تكامليا، وتستوجب جهودا دولية لاحتوائها والتصدي لها في سبيل صون حياة الأبرياء وحمايتهم وحفظ الأمن في الأوطان ودعم السلم والأمن العالميين، وأكد الفيصل أنه من منطلق اهتمام بلاده بمقاومة هذه الظاهرة، فإنها اعتبرت مكافحة الإرهاب «مسؤولية دولية مشتركة تتطلب جهودا حثيثة ومتواصلة».

وأكد وزير الخارجية السعودي في كلمته أمس أمام المؤتمر الدولي المعني بتعاون الأمم المتحدة مع مراكز مكافحة الإرهاب ألقاها نيابة عنه الأمير الدكتور تركي بن محمد بن سعود وكيل الوزارة للعلاقات متعددة الأطراف، أن الإرهاب يهدد الجميع دون تمييز ويتسبب في تقويض التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ودعا سعود الفيصل إلى التزام الدول بالتعاون مع تحديات الإرهاب وفق استراتيجية طويلة المدى يركز فيها على بناء القدرات ومواجهة الفكر المتطرف وتحصين المجتمع، وإعداد المشاريع التي تقوض مخططات الإرهابيين من خلال تفعيل التنسيق والمشاركة بين المراكز المتخصصة في مجال مكافحة الإرهاب لتحسين تلك المشاريع والتعاون في تنفيذها.

موضحا أهمية دعم بناء قدرات الدول التي تحتاج لذلك وتحسين أفضل الممارسات ومساعدتها في مجال مكافحة الإرهاب، وتقديم التدريب والدعم وتعزيز التعاون والتنسيق مع الجهات المختصة في تلك الدول لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة والأنشطة غير الشرعية كتهريب الأسلحة وتجارة المخدرات وغسل الأموال ولمتابعة الإرهابيين وتعقبهم.

ويعد المؤتمر الدولي الذي انطلق أمس في فندق «ريتزكارلتون» بمدينة الرياض معني بالدرجة الأولى بتشجيع الشركاء على المساهمة في بناء القدرات، ويأتي بالتنسيق بين الحكومة السعودية والأمم المتحدة، حيث أشار الأمير سعود الفيصل في كلمته، إلى إدانة بلاده وشجبها دوما للإرهاب بكل أشكاله واستعدادها للتعاون مع جميع الجهود المبذولة لمكافحته لما في ذلك من دعم للاستقرار والأمن الدوليين، مشيرا إلى أن السعودية قامت في هذا المجال باتخاذ كثير من التدابير والإجراءات لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة على جميع المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.

وبين أن تبني الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب، وما تضمنته من مرتكزات، ما هو إلا دليل على أن الإرهاب «يتطلب لمكافحته تعزيز التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات بين الدول والمراكز ذات العلاقة في جميع الجوانب المتعلقة في مكافحة الإرهاب»، وهو أمر جسدته مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بدعوته إلى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة والتي تبناها المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب بالرياض 2005 م وأيدتها كثير من الدول والمنظمات الدولية والإقليمية مما أسهم في توقيع اتفاقية تأسيس المركز وتدشين معالي الأمين العام للأمم المتحدة لأعماله خلال الندوة التي عقدت في 19 سبتمبر (أيلول) 2011 م كأول مركز عالمي لمكافحة هذه الظاهرة تحت مظله الأمم المتحدة، وأن السعودية «إيمانا منها بأهمية التعاون والإسهام في دعم الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب قامت بتقديم دعم مالي لإنشائه على مدى الثلاث سنوات الأولى بمقدار 10 ملايين دولار».

وأوضح أن تأسيس المركز الدولي لمكافحة الإرهاب تحت مظلة الأمم المتحدة لدليل على أن الإرهاب يتطلب لمواجهته تعزيز التنسيق والتعاون وتبادل الخبرات بين الدول والمراكز بشكل متكامل، داعيا المشاركين في المؤتمر إلى التعاون مع المركز للاستفادة منه، وأكد أن العمل الجماعي والتنسيق والتعاون بين الدول والمراكز في سبيل مكافحة الإرهاب وتداعياته، ووضع برامج ثنائية ومشاريع لتنفيذها في إطار الأهداف المشتركة والركائز الأربع للاستراتيجية العالمية سيحقق كثيرا من النجاحات لمعالجة كثير من التحديات الأمنية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وهو دليل على استمرار الالتزام بالتعاون المشترك لمواجهة هذه الظاهرة عبر الدراسة وتبادل الآراء والتعاون والحوار والخبرات وتقديم التوصيات بشأنها والتنسيق بهدف رفع القدرات لمواجهة ظاهرة الإرهاب من خلال التواصل بين الخبراء والمختصين للدول والمراكز وتطوير علاقة الشراكة بين الأمم المتحدة ممثلة في «المركز الدولي لمكافحة الإرهاب» والمنظمات الإقليمية والمراكز المتخصصة في سبيل تنفيذ الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب.

وأشار إلى تأييد بلاده لجهود الأمم المتحدة ودعم تنفيذ الاستراتيجية العالمية لمكافحة الإرهاب باعتبارها إطارا دوليا من المهم أن تعمل الدول من خلالها لمواجهة خطر ظاهرة الإرهاب التي تهدد الأمن والاستقرار العالميين.

وأشاد بدور المراكز الدولية لمكافحة الإرهاب الذي يعكس الالتزام الجماعي والاهتمام بهذا الموضوع، واستعداد المملكة لتبادل الخبرات في مجال الإرهاب وإعادة التأهيل والمناصحة، خصوصا وأن مواجهة الإرهاب ليست أمنية فقط، بل تشمل نواحي أخر، من ضمنها الفكرية عبر إقامة الحوار ونشر الدراسات والبحوث والفكر الوسطي واستخدام التقنية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني.

ويناقش مؤتمر الرياض من خلال أربع جلسات، الركائز الأربعة الأساسية للاستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب التي تمثل محاور المؤتمر وتشمل التدابير الرامية إلى معالجة الظروف المؤدية إلى انتشار الإرهاب، وتدابير منع الإرهاب ومكافحته، والتدابير الرامية إلى بناء قدرات الدول على منع الإرهاب ومكافحته وتعزيز دور منظومة الأمم المتحدة في هذا الصدد، والتدابير الرامية إلى ضمان احترام حقوق الإنسان للجميع وسيادة القانون بوصفه الركيزة الأساسية لمكافحة الإرهاب. فيما يدعو المؤتمر المراكز الدولية والإقليمية والوطنية الفاعلة والناجحة في مجال مكافحة الإرهاب وجمعها تحت مظلة مركز الأمم المتحدة ، ومناقشة سبل التعاون بين جميع المراكز الدولية المشاركة ، واستعراض قدرات المراكز المختلفة ومجال تخصصها والطرق الناجحة التي يستعملها كل منها في مجال مكافحة الإرهاب.

من جانب آخر أكد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة أن الركائز الأربعة لمؤتمر الرياض، تمثل الأسس الداعمة لاستراتيجية الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب وخطتها التي تعمل عليها مع الدول الأعضاء على مستوى متعدد الأطراف.

وقال: «نحرص على كيفية تطبيق الخطط وتحقيق التعاون بين مختلف الدول الأعضاء، ونسعى من خلال مؤتمر الرياض لتعزيز وتقوية قدرات كل الشركاء من مختلف الأطراف والمراكز التي حضرت معنا اليوم».

فيما ألقى الضابط التنفيذي لفرقة العمل العاملة في مجال مكافحة الإرهاب محمد رفيع الدين شاه كلمة ثمن خلالها الدعم السخي الذي قدمته السعودية وما زالت تقدمه للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب، وعده السبب الأول للنجاح الكبير الذي حققه المركز في الفترة الوجيزة منذ تأسيسه.