أقدم قصور الرئاسة المصرية وأكثرها فخامة تحت حصار المحتجين

قصر القبة مقر ملوك ورؤساء العالم ويتوسط مساكن كبار المسؤولين في الدولة

محتجون معارضون للرئيس المصري محمد مرسي في اشتباكات مع الشرطة أمام قصر القبة الرئاسي بالقاهرة بعد أن قام المتظاهرون برشق الشرطة بالحجارة والزجاجات الحارقة (رويترز)
TT

«مشهد غريب لم نره من قبل. قنابل الغاز في كل مكان. المولوتوف وصل إلى شرفات العقارات المجاورة للقصر الرئاسي».. هكذا عبر علاء نجم، أحد سكان منطقة حدائق القبة بالقاهرة والمجاورة لقصر القبة الرئاسي بوسط القاهرة، عن الأحداث التي شهدها أكبر القصور الرئاسية في مصر الليلة قبل الماضية.

عبارات نجم لم تختلف كثيرا عن كلمات سائق التاكسي نور الدين عبد الحميد (36 عاما)، قائلا: «شاهدنا ليلة ليس لها مثيل أفقدتني رزق يوم كامل، حيث كنت دائما أقف أمام محطة مترو الأنفاق المُقابلة لسور القصر لأنقل سكان المنطقة، لكن ما فعله المتظاهرون ضد الرئيس محمد مرسي جعلني أترك مكاني خوفا على حياتي وسيارتي»، مضيفا: «ما حدث في محيط القصر جعلنا نترحم على أيام الرئيس السابق حسني مبارك، حيث لم يكن أحد يجرؤ على المرور من أمام بوابة القصر الكبيرة».

وتعرض أقدم قصور الرئاسة المصرية وأكثرها فخامة في منطقة القبة لحصار المحتجين حتى الساعات الأولى من صباح أمس (السبت)، بعد أن زحف ثوار ميدان التحرير إلى قصر القبة الرئاسي في مليونية تحت اسم «كش ملك» لأول مرة منذ اندلاع احتجاجات ضد الرئيس مرسي في الذكري الثانية لثورة «25 يناير» عند قصر الاتحادية في ضاحية مصر الجديدة، لرفض سياسات النظام الحاكم والمطالبة بتشكيل حكومة إنقاذ وطني.

ويقع «قصر القبة» بمنطقة سراي القبة إلى الشمال قليلا من وسط القاهرة، وأصبح مقر الحكم في مصر الآن بعد انتقال الرئيس مرسي إليه عقب محاصرة الثوار لمقر قصر الاتحادية في حي مصر الجديدة، وكان سلفه مبارك يستخدمه كمقر للضيوف الأجانب من رؤساء العالم والزعماء والملوك وغيرهم.

ويقول علاء نجم وهو مسؤول في أحد الأجهزة الأمنية ويسكن بجوار قصر القبة إن «القصر يتوسط مساكن كبار المسؤولين في الدولة في منطقة شديدة الحراسة، وبعض أجزاء من أسواره عليها أسلاك شائكة مكهربة لمنع اقتحامه»، مضيفا أن «الشوارع المحيطة بقصر القبة شهدت أمس (السبت) تكثيفًا أمنيًا مشددًا، وانتشرت سيارات الأمن ورفع الحرس الجمهوري الحواجز الحديدية من أمام بوابات القصر الرئاسي، فيما قام عمال النظافة التابعون لمحافظة القاهرة بإزالة آثار الاشتباكات، والعبارات والرسوم المناهضة للرئيس من فوق أسوار القصر».

ويعد موقع قصر القبة مختلفًا عن موقع قصر الاتحادية، فالطبيعة الجغرافية لمحيطه زادت من حدة المواجهات التي اندلعت بين الأمن والمتظاهرين وأسفرت عن ضبط 30 متهما وإصابة مجندين بطلقات خرطوش.

وتابع نجم: «جبهات القصر كثيرة خاصة أنه في منطقة سكنية وفي بعضها ظلام دامس، وعلى طول سور القصر تمتد شجيرات قصيرة اختبأ خلفها المتظاهرون من محطة مترو سراي القبة حتى محطة كوبري القبة، علاوة على مرور كوبري (يربط منطقة حدائق القبة بحي مدينة نصر) أمام بوابة القصر استخدمه المتظاهرون في إلقاء الحجارة وزجاجات المولوتوف على الأمن، وكل ذلك زاد من تعقيد مسار مدرعات الشرطة وصعب على الأمن إحكام السيطرة على المتظاهرين».

بني قصر القبة في عهد الخديوي إسماعيل، وكانت تحيط به الحقول الزراعية والقرى الريفية، ويشير مؤرخون إلى أن القصر صار في فترة حكم الخديوي توفيق الذي ولد فيه محلا لأفخم الاحتفالات وحفلات الزفاف الملكية، وعندما اعتلى فؤاد الأول عرش مصر عام 1917 صار القصر مقر الإقامة الملكية الرسمي، وخلال فترة إقامته فيه قرر إقامة سور بارتفاع 6 أمتار وبوابة جديدة وحديقة خارجية، كما أضيفت محطة سكة حديد خاصة بالقطار الملكي حيث كان الزوار يأتون مباشرة سواء من الإسكندرية أو من محطة مصر المركزية للقطارات في القاهرة.

وشهد القصر إلقاء الملك فاروق أولى خطبه عبر الإذاعة المصرية في 8 مايو (أيار) عام 1936 منه، واحتفظ فاروق بمجموعاته الخاصة في ذلك القصر، حيث ضمت مجموعات نادرة من الطوابع والساعات والمجوهرات منها بيضة فيبرجيه كانت تخص آخر قياصرة روسيا إضافة لعديد التحف الأخرى.

وبعد ثورة يوليو (تموز) عام 1952 صار القصر أحد القصور الرئاسية الثلاثة وكان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر يستقبل الزوار الرسميين فيه، كما سجي جثمانه هناك بعد وفاته انتظارا لجنازته.

ويتخوف سكان العقارات المحيطة من القصر الرئاسي الذي تبلغ مساحته 80 فدانا إضافة إلى الحديقة التي تحيط به وتبلغ مساحتها 125 فدانا والتي تؤهله ليكون مقرا للرئاسة والحكم وإقامة الرئيس مرسي، من حدوث مصادمات خلال الأيام المقبلة، ويقول علاء نجم: «معظم سكان العقارات المحيطة بالقصر رغم وجود حراسات عليها، فإن سكانها يفكرون في تركها خوفا على حياتهم».