خامنئي يوجه انتقادات حادة لنجاد.. ويحذر المسؤولين من تراشق الاتهامات

قال: إذا قررنا امتلاك سلاح نووي فأميركا لن تتمكن من منعنا

آية الله علي خامنئي قبل أن يلقي كلمة أمام حشد من الأذريين من أهالي تبريز التقاهم في طهران أمس (أ.ف.ب)
TT

وجه المرشد الأعلى في إيران آية الله علي خامنئي إلى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، انتقادات حادة، دون أن يذكر اسمه، على خلفية الأزمة الناشبة بين الرئيس الإيراني ورئيس مجلس الشورى الإسلامي (البرلمان) علي لاريجاني. ونصح خامنئي رؤساء السلطات الثلاث وبقية المسؤولين، حسب وكالة أنباء «مهر» الإيرانية، أمس، «بالالتزام بالأخلاق في مواقفهم، وأن يتجنبوا التراشق بالاتهامات فيما بينهم».

وأشار المرشد الأعلى خلال استقباله جمعا من الأذريين من أهالي مدينة تبريز إلى حادثة السجال الحاد بين نجاد ولاريجاني داخل البرلمان قبل نحو أسبوعين، ووصفها بأنها «غير جيدة ولا تتلاءم مع مكانة وشأن مجلس الشورى الإسلامي، وقد أثارت الاستياء لدى الشعب»، وأضاف: «أن يقوم رئيس لإحدى السلطات (أحمدي نجاد)، باتهام رئيسي السلطتين الأخريين (البرلمانية برئاسة علي لاريجاني، والقضائية برئاسة صادق لاريجاني)، على خلفية دليل غير ثابت، فهذا مخالف للشرع والقانون، وتضييع لحقوق الشعب»، وأضاف أن «الشعب يريد الهدوء الأخلاقي والنفسي. إنما أنا في الوقت الحاضر أوجه النصيحة».

وكان نجاد ولاريجاني تبادلا الاتهامات بالفساد والمحاباة والخروج على الأخلاق خلال جلسة خاصة على خلفية استجواب وزير العمل الإيراني عبد الرضا شيخ الإسلامي، الذي صوت البرلمان على إقالته لاحقا. وتطورت حدة النقاش بعد أن بث الرئيس الإيراني تسجيلا صوتيا أمام النواب لمحادثة بين فاضل لاريجاني شقيق رئيس مجلس الشورى ورئيس السلطة القضائية صادق لاريجاني، يطلب خلالها من سعيد مرتضوي، المقرب من الرئيس الإيراني، «مقابلا» لحصوله على دعم سياسي من شقيقيه.

وردا على التسجيل الصوتي، اتهم لاريجاني أحمدي نجاد بمنع القضاء من التحرك ضد «المقربين منه الذين يواجهون ملفا قضائيا». وقال إن «الرئيس لا يحترم ألف باء الأخلاق ويشيع عدم احترام الأخلاق في المجتمع بعمله هذا». واتهم لاريجاني أيضا أحمدي نجاد بأنه «هدده» ببث التسجيل الصوتي ضد شقيقه إذا لم يتوقف إجراء إقالة وزير العمل. وبدوره، أكد أحمدي نجاد أن لاريجاني يعرقل «عمل الحكومة» بإلغائه مراسيم أو تعيينات قررها مجلس الوزراء.

وأشارت تقارير إلى أن السبب الرئيسي وراء إقالة وزير العمل من منصبه، فشله في إقالة سعيد مرتضوي المدعي العام السابق لطهران، من منصبه كرئيس لمؤسسة الضمان الاجتماعي، وهو ما طالبه به البرلمان.

وأطلقت السلطات الإيرانية سراح مرتضوي بعد يومين من احتجازه دون ذكر للأسباب، ونقلت صحيفة «كيهان» المحافظة، أن خامنئي منع نجاد ولاريجاني من التصعيد، أو التحدث في مؤتمرات صحافية، ولم تستبعد مصادر أن يكون خامنئي وراء قرار الإفراج عن مرتضوي.

وقال خامنئي أمس إن استجواب وزير العمل شيخ الإسلامي في مجلس الشورى «من الأساس لم يكن صحيحا، وذلك بالاستناد إلى دليل لا صلة له بالوزير»، لافتا إلى أن «الدفاع الذي أدلى به رئيس إحدى السلطات عن نفسه، إزاء التهمة التي وجهت له، كان فيه نوع من الإفراط غير الضروري».

وشدد خامنئي على أن «هذه النصيحة اليوم لا ينبغي أن تتخذ ذريعة من قبل البعض ليطلقوا شعارات ضد أشخاص آخرين ويصموهم بأنهم معادون للولاية وعديمو البصيرة»، في دعوة ضمنية لأنصاره بعدم مهاجمة الرئيس الإيراني علنا، كي لا يمس ذلك بمكانة البلاد، ولتفادي مزيد من الخلافات والانقسامات بين خامنئي وحلفائه من جهة، وبين نجاد وأنصاره من جهة أخرى.

ويشتعل الخلاف بين الطرفين بينما تقترب ولاية الرئيس الإيراني من نهايتها (في يونيو «حزيران») المقبل، في وقت يسعى فيه لاريجاني، وهو مرشح قوي لخلافة نجاد، إلى التقرب أكثر من خامنئي لتقوية موقفه في الانتخابات الرئاسية.

وكان لاريجاني قد تعرض بدوره إلى هجوم بالأحذية و«بقطع التربة» من قبل أنصار نجاد الأسبوع الماضي في مدينة قم المقدسة لدى الإيرانيين، أثناء إلقاء كلمة بمناسبة الذكرى 34 لقيام الثورة الإسلامية. واضطر رئيس البرلمان إلى قطع خطابه ومغادرة المكان فورا بعد أن رشقه نحو مائة من المحتجين بأحذيتهم. وأشار خامنئي أمس إلى «ما حدث في مدينة قم المقدسة، والإساءة التي تعرض لها رئيس مجلس الشورى الإسلامي.. وإطلاق الشعارات ضده، ووصمه بأنه عديم البصيرة ومنعه من إتمام خطابه»، وأضاف: «لقد نصحت المسؤولين مرارا بأن يتجنبوا ممارسات كهذه»، وتابع: «لو كان أولئك الأشخاص من المؤمنين حقا فليتجنبوا هذه الممارسات التي تعود بالضرر على البلاد».

إلى ذلك، قال خامنئي إن إيران لا تنوي امتلاك السلاح النووي، لكن إذا ما قررت ذلك فإن «الولايات المتحدة لن تتمكن من منعها». وقال: «نعتقد أن الأسلحة النووية يجب أن تلغى ولا نريد صنعها، لكن إذا قررنا خلاف ذلك فإن الولايات المتحدة لن تتمكن من منعنا».

ويبدو أن هذا التعليق يأتي ردا على الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي أكد في 12 فبراير (شباط) في خطابه حول حال الاتحاد أمام الكونغرس أن الولايات المتحدة ستفعل «كل ما يلزم لمنع (إيران) من امتلاك سلاح نووي». ويشتبه قسم من المجتمع الدولي، وفي مقدمته الغربيون وإسرائيل، في أن إيران تسعى إلى امتلاك السلاح النووي تحت غطاء برنامج نووي مدني مثير للريبة أدانته الأمم المتحدة في 6 قرارات بينها 4 تضمنت عقوبات. لكن إيران تنفي دائما بشدة أن تكون تنوي امتلاك سلاح نووي.

وهذا التصريح المستفز للمرشد الأعلى ليس الأول الذي يصدر عن مسؤول إيراني. فقد سبق أن كرر أحمدي نجاد أكثر من مرة أنه «إذا ما قررت إيران صنع القنبلة النووية فإنها لن تخاف من إعلان ذلك».

وأضاف آية الله خامنئي في كلمة نقلها التلفزيون أن «إيران قررت التخلي عن السلاح النووي ليس لأنه (امتلاكه من جانب طهران) سيربك الأميركيين، ولكن لأننا نرى لأسباب دينية أن الأسلحة النووية جريمة ضد الإنسانية».

ويقول الزعيم الديني الإيراني دائما إن امتلاك السلاح النووي «خطيئة» في نظر الإسلام، وكرر أمس هذه الفكرة، متهما الولايات المتحدة والدول الغربية بأنها «تكذب»، عندما تؤكد أن طهران تريد صنع القنبلة النووية.