باومان يرفض دعوات المقاطعة ويشبهها ببناء الجدران

عالم الاجتماع البولندي اليهودي شبه جدار الفصل بجدران «غيتو وارسو»

TT

رفض العالم الاجتماعي البولندي اليهودي الشهير زيغمونت باومان، طلبا من أكاديميين وناشطين فلسطينيين عرب بعدم زيارة إسرائيل ومقاطعتها بعد دعوة وجهت له لإعطاء محاضرات ومناقشة بعض أعماله هذا الأسبوع، وقال إنه ضد المقاطعة معبرا عن رفضه لجدار الفصل. ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن باومان قوله «لا أحب فكرة وجود جدران لأنها تستند إلى رفض تبادل الآراء والحوارات (المفاوضات)، ولا أحب فكرة المقاطعة للسبب ذاته».

ويرى باومان في تصريحات نشرتها «هآرتس» أنه يجب على إسرائيل التوقف عن معاداة الفلسطينيين والعالم والتفكير بانعزال وقوقعة، وأنه يجب دعم حقوق الفلسطينيين. وعشية وصوله ركزت الصحف الإسرائيلية على تصريحات سابقة له، شبه فيها جدار الفصل حول الضفة الغربية الذي بنته إسرائيل بجدار «غيتو وارسو». ويرى باومان أن إسرائيل تحولت مع الوقت إلى دولة عدائية وبلا وازع أخلاقي، وقال إن السياسة الإسرائيلية تنفذ في ظل شبح الهولوكوست، سواء كانت سياسات الإجراءات القاسية ضد الفلسطينيين، أو موضوع بناء المزيد من المستوطنات والجدران.

ويعتبر باومان من أهم علماء الاجتماع وقد اهتم بدراسة انعكاسات الهولوكوست على الأفراد والمجتمعات التي تعرضت لها، ويوصف بأنه مؤسس مفهوم ما وراء الحداثة. وطالما انتقد باومان الصهيونية وإسرائيل، ومن وجهة نظره فإن إسرائيل لا ترغب في السلام، بل توظف المحرقة لإضفاء الشرعية على أعمالها العدائية وغير المقبولة إنسانيا.

وتقول صحيفة «هآرتس»، إن باومان ضد استخدام ذكرى المحرقة لخدمة مصالح سياسية مباشرة. ومن وجهة نظره فإن التعامل باستمرار مع «محرقة تلوح في الأفق» يؤدي إلى التقوقع والانعزالية، وينسف إمكانية المصالحة مع المجتمع الدولي. وفي أكثر من مرة رد مسؤولون إسرائيليون على تصريحاته باعتبارها «أنصاف حقائق وعمومية».

وباومان من مواليد 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 1925 في بولندا، لأبوين يهوديين. وفي عام 1939، عندما كان في سن الـ14، هرب مع والديه إلى الاتحاد السوفياتي. حارب في الجيش البولندي، وبعد الحرب خدم لمدة بضع سنوات كضابط في الجيش البولندي. ودرس باومان علم الاجتماع في جامعة وارسو وبعد ذلك في لندن، ومنها هاجر إلى إسرائيل ثم تركها عام 1971.

كان محاضرا في جامعة ليدز البريطانية وتقاعد في عام 1990. وكتب أكثر من 50 كتابا. وفي العقدين الماضيين ركز على فترة ما بعد الحداثة.

وسيلقي باومان غدا في مؤتمر جمعية علم الاجتماع السنوي في إسرائيل محاضرة حول عدم المساواة في إسرائيل وتأثير تركز الثروة في يد فئة قليلة في المجتمع، وسيطلق كتابا جديدا في حفل في كلية روبين في نتانيا ومكتبة بيت أريئيلا في تل أبيب.

وكان باومان قد تلقى قبل زيارته لإسرائيل المقررة اليوم، رسالة من الحملة الوطنية للمقاطعة الثقافية والأكاديمية لإسرائيل، طالبوه فيها بالنأي بنفسه عن المؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية باعتبارها شريكا في الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين. وجاء في الرسالة: «ستكون هذه أفضل لفتة للمؤسسة الأكاديمية الإسرائيلية بأنها لن تكون يوما جزءا من المؤسسة الأكاديمية العالمية إذا بقيت شريكا في الجرائم».

وأضافت الحملة: «يحدونا الأمل في أن الشخص الذي أعلن أنه (لا يجوز الصمت في مواجهة الجرائم الإسرائيلية واضطهاد الفلسطينيين) مشبها التمييز والمذابح التي يتعرض له الشعب الفلسطيني ببداية ما تعرض له اليهود في أوروبا وصولا إلى المحرقة، سيحترم دعوتنا لمقاطعة مؤسسات شريكة للدولة الإسرائيلية». غير أن باومان رفض هذا النداء وقال إنه من حيث المبدأ هو ضد المقاطعة. وقال حفيده لـ«هآرتس»: «جدي ضد المقاطعة. لا يحبها. يرى أنها تشكل عقبة وغير مفيدة».

وسألت «هآرتس» باومان عن مشاعره عشية زيارة إسرائيل، وقال إنها «للأسف لا تختلف كثيرا عما كانت عليه»، منتقدا بشدة إدارة ظهر قادة إسرائيل للمشاكل الاجتماعية وفقدانهم المهارة اللازمة لعلاجها، ويضاف هذا من وجهة نظره إلى الصورة البشعة التي خلفتها السنين الطويلة للاحتلال.

وأضاف: «يؤلمني جدا مشاهدة كيف نتخلى عن واجباتنا الاجتماعية التي فرضها علينا التاريخ اليهودي المأساوي».