الصليب الأحمر يعاود نشاطه داخل سوريا.. وعدد النازحين يقترب من المليون

«لجان التنسيق» تتهم المجتمع الدولي بالتقصير وعدم التعامل مع الوضع على أنه «كارثي»

TT

أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مساء أول من أمس تكثيف عملياتها على جبهات القتال الأمامية في سوريا من أجل «تقديم الطعام والمساعدات الطبية للمدنيين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة». وذكر مسؤول رفيع في اللجنة أنها «تعمل مع الجانبين لضمان وصولها إلى المناطق المتضررة في سوريا التي مزقتها الحرب مما جعل الموقف الإنساني في الوقت الحالي كارثيا».

ووصل عمال الإغاثة، التابعون للصليب الأحمر، إلى منطقة الحولة التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة في محافظة حمص للمرة الثانية خلال أسبوعين يوم الخميس الماضي، حيث قدموا مساعدات طبية بالتوافق مع الحكومة السورية بعد أن منعوا من العمل في المنطقة لثلاثة أشهر. وقال بيير كراينبويل، مدير عمليات اللجنة في مؤتمر صحافي في جنيف «عدت من سوريا مقتنعا بأننا يجب أن نوسع عملياتنا خلال الأسابيع والأشهر القادمة وأن بإمكاننا ويتعين علينا زيادة وجودنا في المناطق الأكثر حساسية ومن بينها تلك الخاضعة لسيطرة المعارضة».

ويأتي السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بالوصول إلى حمص بعد أسبوعين على وصول المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، التابعة للأمم المتحدة، إلى منطقة أعزاز بالقرب من الحدود التركية. ونقلت وكالة «رويترز» عن كراينبويل، قوله إن «المناطق ذات الأولوية هي إدلب وحلب في الشمال حيث الموقف غير مستقر ومائع، وكذلك المنطقة المحيطة بحمص وحماه»، موضحا أن «الموقف وصل بالنسبة للسكان إلى مستوى هو من وجهة نظرنا لا يقل عن الكارثي، فالمدنيون يقتلون أو يصابون كل يوم والملايين نزحوا عن ديارهم والآلاف فقدوا أو اعتقلوا».

ويتزامن توصيف الصليب الأمر الدولي للمناطق ذات الأولوية مع ما أعلنته المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، في تقريرها الدوري الأخير، إذ أشارت إلى أن غالبية النازحين الوافدين إلى لبنان في الأسابيع الأخيرة قدموا من حمص وإدلب ودمشق وحلب تحديدا. وبحسب مفوضية اللاجئين، فإن عدد النازحين الذين تركوا سوريا يقترب من المليون، وتشير آخر الإحصاءات المحدثة في 14 فبراير (شباط) الجاري إلى وجود 830.675 نازحا سوريا، يتوزعون على دول الجوار بشكل خاص، بينهم 678.788 مسجلون لدى المفوضية. ويستضيف لبنان وحده 283 ألف نازح سوري، يتوزعون في منطقتي الشمال والبقاع تحديدا.

ويرى معارضون أن معاناة السوريين داخل سوريا لا تختلف كثيرا عن خارجها، وإن كان عنصر الأمان بات مفقودا في الداخل. وتقول الناطقة الرسمية باسم لجان التنسيق المحلية في سوريا ريما فليحان لـ«الشرق الأوسط»، إن المشترك بين النازحين السوريين في الداخل واللاجئين إلى الخارج هو معاناتهم من النقص في الحاجات الأساسية، وذلك ناتج بالدرجة الأولى عن إهمال المجتمع الدولي والأمم المتحدة وعدم التعامل مع الوضع السوري انطلاقا من أنه بلغ مستوى كارثيا عاليا.

وشددت فليحان على أن «تغاضي المجتمع الدولي وسكوته من الأساس هو كارثة بحد ذاته، خصوصا أن عدم السماح لدخول المساعدات جعل الوضع الإنساني يتفاقم أكثر فأكثر داخل سوريا، والمجتمع الدولي يتحمل مسؤولية كبيرة لأنه لم يقم بالضغط من أجل تقديم المساعدات الإغاثية للسوريين». وسألت فليحان: «ماذا يعني أن يسمح النظام السوري بالدخول للجنة الدولية للصليب الأحمر؟ وماذا يعني أن تشير تقارير الأمم المتحدة والصليب الأحمر إلى أوضاع كارثية؟ وأين المساعدات الإنسانية التي قيل إنها ترسل إلى الداخل السوري ويتم توزيعها عبر منظمات سورية؟». وأكدت فليحان أنه «لو كان صحيحا أن المساعدات الإنسانية تأتي إلى السوريين لما كنا رأينا أوضاعا كارثية إلى هذه الدرجة، والتي ستظهر أكثر فأكثر في الفترة المقبلة إذا ما استمر الوضع على حاله، بالتزامن مع استمرار المجتمع الدولي في التخلي عن السوريين».

وكان مدير العمليات في الصليب الأحمر الدولي قد لفت إلى أن «رحلة اللجنة إلى الحولة هذا الأسبوع أظهرت المخاطر، حيث اضطر عمال اللجنة للعودة إلى دمشق عندما قطع القتال الطريق إلى حمص»، معتبرا أن «سوريا ليست الحالة التي تستطيع فيها بسهولة رسم خريطة لخط المواجهة وتقول هذه الجماعة هنا وتلك الجماعة هناك». وشدد على أن «الموقف شديد السيولة، فربما تكون القرية في يوم تحت سيطرة جانب ثم تتحول في اليوم التالي إلى الجانب الآخر».

ويعاني السوريون في المناطق الثائرة من نقص كبير في الحاجات الأساسية من مأكل ومشرب ودواء، بالتزامن مع انقطاع خدمات الكهرباء ومواد التدفئة والاتصالات. ويشير أحد الناشطين المعارضين في مدينة حماه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «نقصا حادا تعانيه مناطق ريف حماه تحديدا في الخبز وحليب الأطفال والأدوية»، لافتا إلى أن «بعض المساعدات تأتي عن طريق إدلب والحدود التركية وتشمل مواد إغاثية كالحليب والطحين والخبز». ويوضح أن «الأهالي باتوا يتكيفون مع النقص الحاصل في مواد كثيرة ويحاولون تمويل أنفسهم بأنفسهم وتأمين حاجاتهم».