الجبالي يلتقي الغنوشي اليوم قبل إعلان نتائج مشاوراته مع الأحزاب

خياران أمامه.. إما الاستقالة أو تشكيل الحكومة الجديدة

TT

يعرض حمادي الجبالي، رئيس الحكومة التونسية، اليوم، النتائج النهائية لمشاوراته مع الأحزاب السياسية حول مبادرته التي دعا فيها إلى تشكيل حكومة كفاءات وطنية غير متحزبة،اصطلح على تسميتها «حكومة التكنوقراط».

ويواجه الجبالي، وهو أيضا أمين عام حركة النهضة، حزبه، الذي أعلن معارضته لحكومة التكنوقراط لصالح حكومة ائتلافية موزعة بين حقائب وزارية يكلف بها تكنوقراط، وأخرى تسند لوزراء سياسيين بإمكانهم تحقيق الجانب السياسي من أهداف الثورة.

ولم يتمكن الجبالي من إرضاء طرفين متناقضين حول مبادرته، ولم يشفع له تكوين مجلس حكماء تونس يضم شخصيات سياسية يغلب عليها الاعتدال، للخروج من مأزق معارضته لحركة النهضة (89 عضوا بالمجلس التأسيسي من بين مجموع 217 عضوا). ولا يزال الجبالي متشبثا بمبادرته، وسيبقى مخيرا بين التوجه إلى القصر الرئاسي لتقديم استقالته، ومن ثم استقالة حكومته، إلى الرئيس التونسي المنصف المرزوقي، وبين التوجه إلى قصر الضيافة بقرطاج لإعلان تشكيلة حكومته الجديدة، وذلك استنادا إلى الفصل 15 من القانون المنظم للسلط العمومية.

وعبر محمد الصالح الحدري الأمين العام لحزب العدل والتنمية، وهو حزب إسلامي تأسس بعد الثورة، لـ«الشرق الأوسط» عن مساندته لمبادرة رئيس الحكومة، وقال إنها تحظى بالثقة. وعبر الحدري عن أمله في أن يتم الاتفاق على تكوين حكومة تتركب من 25 وزيرا وكاتب دولة (وزير دولة) لا أكثر، ضمنهم عدد من السياسيين، وأكثرهم من الكفاءات، على أن يقع تغيير كل من وزيري الدفاع والداخلية. وإذا فشل الجبالي في تمرير مبادرته، فإن الاستقالة تبقى هي الحل الأخير أمامه، وعليه، طلب إعفائه من رئاسة الحكومة إلى الرئيس المرزوقي، على أن يكلف شخصية سياسية أخرى تشكيل حكومة جديدة. وعبر نجيب الغربي القيادي في «النهضة» عن تمسك الحركة بدعوتها السابقة لتشكيل حكومة ائتلافية تجمع بين وزارات الكفاءة ووزارات سياسية تتطلبها المرحلة الانتقالية، وتحافظ على الشرعية الانتخابية. وقال الغربي لـ«الشرق الأوسط» إن قيادات حركة النهضة ركزت اهتمامها في اجتماعها أمس بمدينة الحمامات (60 كلم شمال شرقي تونس) على نتائج المشاورات. وأضاف أن الموقف النهائي تجاه مبادرة الجبالي سيصدر اليوم (الاثنين).

وكشف الغربي، من ناحية أخرى، عن برمجة لقاء أخير اليوم بين الجبالي وراشد الغنوشي قبل عرض رئيس الحكومة نتائج مشاوراته مع الأحزاب السياسية التي قادها نهاية الأسبوع الماضي.

وأردف الغربي أن التونسيين لا ينظرون اليوم إلى السياسة بأعين مطمئنة بعد تواتر الانفلاتات من كل الأطياف السياسية، ودعا كل القيادات السياسية إلى مراجعة حساباتها من أجل نقطة التقاء يكون أساسها الوفاق السياسي.

وتعارض أحزاب المعارضة مواصلة هيمنة حركة النهضة على وزارات السيادة (العدل والداخلية والخارجية)، ودعت في أكثر من مناسبة إلى تحييدها لضمان شفافية وديمقراطية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها الخريف المقبل. وحسب القانون المنظم للسلط العمومية، فإن تشكيل الحكومة الجديدة يجب أن يتم في أجل 15 يوما، أي في بداية شهر مارس (آذار) المقبل. وفي حين صرحت قيادات حركة النهضة بأنها ستجدد الثقة في أمينها العام الجبالي، وهو ما أكده عبد اللطيف المكي القيادي في الحركة، فإن أطرافا سياسية معارضة صرحت بأن «النهضة» تنتظر استقالة الجبالي من الحكومة للتخلص منه، بعد أن أطلق مبادرته دون رجوعه إلى القيادة، معتبرة أن الجبالي قاد ما يشبه «الانقلاب الأبيض» ضد حزبه.

ومن جهته، انتقد محمد الحامدي المنسق العام للتحالف الديمقراطي المعارض، الأحزاب التي وقفت ضد مبادرة الجبالي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الأحزاب التي عارضتها، وخاصة حركة النهضة، وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، لم تنجح في السابق ولمدة أشهر طويلة في التوافق على تركيبة التعديل الوزاري، وأخضعت العملية السياسية للمحاصصة الحزبية التي أفشلت عملية التعديل.

وقال الحامدي إن حكومة الكفاءات المستقلة ستمكن المجلس التأسيسي من الانكباب على صياغة الدستور بعيدا عن التجاذب السياسي، في حين تتكفل الحكومة بتسيير دواليب الدولة إلى حين إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ويبدو أن لهجة التفاؤل الذي طبعت تصريحات الجبالي بعد مشاوراته الماراثونية مع كثير من الأحزاب السياسية لا يوجد لها صدى على مستوى المشهد السياسي، وخاصة في حركة النهضة التي تتصدر معارضي «حكومة التكنوقراط».

وترفض حركة النهضة المبادرة التي طرحها الجبالي بشكل قطعي، وهو الموقف ذاته الذي أعاد الغنوشي تأكيده مساء الجمعة في تجمع شعبي لمناصريه.

وقبل يوم من حسم الجبالي موقفه النهائي، والإعلان عن تركيبة الحكومة الجديدة أو تقديم الاستقالة، تداولت الساحة السياسية التونسية أسماء بصفة غير رسمية مرشحة للعب دور سياسي في حكومة التكنوقراط، إلا أن الأحزاب السياسية تقول إن الجدل لا يزال قائما حول مفهوم التكنوقراط والكفاءة الوطنية غير المسيسة.