الجهني: قتال بن لادن لأميركا كان وراء أول انشقاق في «القاعدة»

العضو السابق في التنظيم لـ«الشرق الأوسط»: من اعتقدنا أنهم مثاليون كانوا فقط يحبون المال والمنصب

الجهني: قضيت في غوانتانامو 4 سنوات بعد نشاط امتد من أفغانستان إلى الفلبين
TT

أفصح لـ«الشرق الأوسط» عضو سابق في تنظيم القاعدة أن قتال بن لادن لأميركا وحدها والتركيز عليها كان وراء أول انشقاق حدث داخل تنظيم القاعدة، مشيرا إلى أن خلافات كبيرة دبّت بين المقاتلين، خصوصا العرب منهم قبل الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001، وأسامة بن لادن وبعض أعضاء التنظيم الذين عارضوا حصر الجهاد في مقاتلة الولايات المتحدة وطالبوا بتوسيع نطاقه.

وقال خالد الجهني العضو السابق في التنظيم في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أدى الأمر حينها لانشقاق اليمني حمزة القعيطي عن التنظيم وإقامته معسكرا آخر بفضل تلقيه دعما خارجيا قبل أن تتم تسوية هذا الخلاف مع بن لادن وأسفرت عن إغلاق معسكره الجديد ورجوعه تحت لواء تنظيم القاعدة، لكن ذلك لم يحدث مع مجموعات أخرى تركت «المعسكر القاعدي» لهذا السبب.

وأضاف الجهني الذي دخل إلى أفغانستان في عام 1996 عن طريق ممر خيبر بتسهيلات من بعض النافذين في التنظيم والذين لديهم علاقات مع حرس الحدود الباكستاني، والتقى أسامة بن لادن بعد ذلك بعامين بتنسيق من أبو الفرج الليبي، أن قياديين من تنظيم القاعدة نصحوا أسامة بن لادن بعدم معاداة الولايات المتحدة أو تنفيذ ضربات داخلها لأن أفغانستان لا تتحمل أي هجوم من الدولة العظمى كما أن مؤسساتها في طور البناء بعد سيطرة طالبان ولا يمكن تحمل أي هدم جديد، لكن بن لادن رفض تلك النصائح ونفذ تهديداته بضرب برجي مركز التجارة العالمي.

يقول الجهني إن ذلك أيضا كان موقفه، مشيرا إلى لقاء عمل جمعه مع بن لادن قبل ضربات الحادي عشر انتهى إلى شعوره بالتردد في الانضمام للتنظيم الأمر الذي لمسه زين العابدين محمد حسين الملقب بـ«أبو زبيدة» وأبو الفرج الليبي، فعرضوا عليه الانتقال إلى كتيبة رمزي يوسف التي تضم خالد شيخ محمد وكانت حينها تنوي القتال خارج أفغانستان، لكنه رفض ذلك أيضا.

وأشار الجهني أن قائد تنظيم القاعدة لم يكن يعاني من أي أمراض مزمنة أو متاعب صحية حسب قوله، وأن بن لادن قال له حينها: «المطلوب أن لا تخذلنا ولا نخذلك»، وأضاف العضو السابق أنه في الوقت الذي بدأت فيه طائرات سلاح الجو الأميركي بقصف أفغانستان صدرت أوامر من قيادة التنظيم بأن يلجأ 350 مقاتلا لجبال تورا بورا وكان من بينهم أسامة بن لادن، وأدى القصف لمقتل 10 من أعضاء التنظيم خلال 30 يوما، وعندما لمس التنظيم انهيار معنويات المقاتلين جراء القنابل والصواريخ التي نزلت عليهم، خرج عليهم عضو التنظيم سليمان أبو غيث بخطاب حمل معه جرعات وصفها بالتخديرية أعلن خلالها أن التنظيم سيعاود ترتيب صفوفه في أقرب وقت، أعقبها حديث من بن لادن أكد فيه أنهم سينتصرون وأن الولايات المتحدة ستنسحب لتكبدها خسائر يومية جراء الحرب، لكن المفاجأة التي لم يتوقعها أحد صدور أوامر بالانسحاب من جبال تورا بورا، وكان أسامة بن لادن في طليعة المنسحبين مع مجموعته الخاصة التي تضم 20 مقاتلا واتجه لمكان مجهول واتجه نائبه أيمن الظواهري لمكان آخر.

وأوضح الجهني أنه خلال محاولة أعضاء الكتيبة الهروب إلى باكستان، تلقوا عرضا بتسهيل ذلك من قبل عملاء أفغان لكنهم أوقعوهم في يد القوات الأميركية التي اعتقلتهم في قاعدتها في قندهار، ولم يدر بخلدهم حينها أن المدن كافة قد وقعت في سيطرة الولايات المتحدة حيث كانوا بمعزل عن الأحداث طوال مدة بقائهم في الجبال.

وروى الجهني حكايته مع الاعتقال حيث نقلته طائرة أميركية في رحلة استمرت أربع ساعات إلى تركيا ومنها إلى غوانتانامو في 1 يناير (كانون الثاني) عام 2002، وبلغت مدة بقائهم في السجن ما يقارب أربعة أعوام، حتى تسلمته السعودية في أواخر عام 2005، مبينا أنه كان يعتقد أن من سافر للقتال معهم ملائكة، إلا أنه وجدهم بشرا مثله، حسب قوله، «يحبون المال والمنصب».

وشرح الجهني قلة عدد أتباع أسامة بن لادن في عام 1998 حيث لم يكونوا يتجاوزون في معسكراتهم الثلاثة المسماة «جهاد» و«الفاروق» و«عمر»، ثلاثين شخصا حتى انضم إليهم ناصر الوحيشي المكنى «أبو بصير» في تلك السنة ومعه 20 مقاتلا، ولأن الوحيشي كان طالب علم، فقد كانت لديه علاقات واسعة في اليمن والسعودية استطاع من خلالها جذب الشباب المقاتل بدعوى الجهاد في أفغانستان وكانت تصرف لهم رواتب شهرية تصل إلى 200 دولار مع تأمين مساكن للمتزوجين منهم.

ومرت تجربة الجهني مع الجماعات الجهادية بالانضمام للجماعة الإسلامية في الفلبين بزعامة سلامات هاشم، التي كانت تقاتل احتجاجا على مجازر ارتكبت بحق المسلمين على يد قوات الرئيس فرديناند ماركوس، كاشفا أن العقيد الليبي الراحل معمر القذافي كان يرسل سفن أسلحة للمقاتلين الإسلاميين بعد نشوب خلافات معه، إلا أن تلك التجربة لم تدم طويلا بعد تفكك الجماعة وإلقاء القبض على أحد أبرز قادتها وهو الفاروق في جاكرتا لتقوم بعد ذلك الحكومة الإندونيسية بتسليمه للقوات الأميركية التي اعتقلته في سجن قاعدة باغرام ليهرب من هناك بصحبة أبو ناصر القحطاني، وقتل في ما بعد جنوب العراق وتحديدا في مدينة البصرة.

وحسب الجهني، فإنه تلقى تدريبات متطورة في معسكر «خلدن» الذي أسسه عبد الله عزام أحد منظري الإخوان المسلمين، في ولاية خوست الأفغانية، الذي كان حينها الأشهر لأن كبار المقاتلين ومنهم «خطاب» و«أبو الوليد الغامدي» و«خالد شيخ» تخرجوا منه، وخضع مع مقاتلين سعوديين وجزائريين وتونسيين ويمنيين لدورات عسكرية في استخدام المدفعية والتفجير عن بعد بواسطة الإلكترونيات واستخدام المضادات وحرب المدن والعصابات تحت إشراف ابن الشيخ الليبي الذي اعتقلته القوات الأميركية في ما بعد وسلمته لحكومة العقيد معمر القذافي قبل سقوط حكمه، وقتل في السجن.