تونس: الجبالي يعلن فشل مشاورات تشكيل حكومة «تكنوقراط»

استقالات تعصف بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية الشريك في الترويكا الحكومية

رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس الوزراء التونسي حمادي الجبالي خلال المشاورات حول تشكيل الحكومة مع قادة الأحزاب بدار الضيافة في قرطاج أمس (أ.ب)
TT

أعلن رئيس الوزراء التونسي، حمادي الجبالي عن فشل المبادرة التي أطلقها يوم اغتيال المنسق العام للجبهة الشعبية، شكري بلعيد في السادس من الشهر الحالي. وقال الجبالي في كلمة مقتضبة في مؤتمر صحافي، حضرته «الشرق الأوسط»: «استكملنا مع الأحزاب السياسية المشاورات وتبين لنا أنه ليس هناك وفاق كاف حول المبادرة كما قدمتها، ولذلك سأذهب للسيد الرئيس غدا (اليوم) للنظر في الخطوات القادمة ولكن لاحظت في الجلسة الأولى وخصوصا في هذه الجلسة الحوارية بين الأحزاب تطورا مهما حول البحث عن وفاقات.. للخروج بحل آخر».

وأضاف الجبالي: «حرصا مني على أن أكون صريحا مع شعبنا لم أخلط بين المسارين، قلت بصراحة، المبادرة كما قدمتها هي حكومة كفاءات غير متحزبة لا تكون موضوع تجاذبات، وتكون لكل التونسيين، وتعمل ببرنامج واضح، وتوصلنا للانتخابات القادمة، وتلبية ما يمكن من متطلبات شعبنا».

وزاد الجبالي قائلا: «لم تحظ المبادرة بالوفاق، ومن خلال استطلاع الآراء والنقاشات حولها، تبين لنا أنه ليس لها أغلبية في المجلس التأسيسي ولا أحمل أي طرف ولا أتهم أي طرف، ولكن كما قلت هناك تطور نوعي هو الذهاب إلى وفاق آخر، وشكل آخر من التركيبة الحكومية».

وأردف: «الباب لم يغلق وسننظر في هذا الوفاق.. حكومة الكفاءات الوطنية لم تحظ بهذا الوفاق، ومع ذلك فأنا من طبعي غير متشائم، ومتأكد من أن العقل التونسي والذكاء التونسي سيجود بحل قريب خدمة لشعبنا».

ومن المنتظر أن يقدم الجبالي استقالته لرئيس الجمهورية محمد منصف المرزوقي، ومن المنتظر أيضا إعادة تكليف الجبالي بتشكيل الحكومة الجديدة وفق ما أعلنته حركة النهضة على لسان عدد من قادتها، من أبرزهم رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي، ورئيس مجلس الشورى، فتحي العيادي، ورئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، عامر العريض.

وكان الغنوشي نفى إمكانية استقالة حمادي الجبالي من منصبيه بصفته رئيسا للحكومة وأمينا عاما لحركة النهضة، بينما قال فتحي العيادي، رئيس مجلس شورى الحركة لـ«الشرق الأوسط» إن قائمة تضم أكثر من 20 قياديا من الحركة يمكنهم أن يتولوا رئاسة الحكومة خلفا للجبالي. وأشار إلى أن عبد اللطيف المكي، وزير الصحة العمومية الحالي من بين الأسماء المقترحة.

وذكر الغنوشي، قبيل الإعلان عن نتائج المشاورات، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، إن «الجبالي سيظل أمينا عاما لحركة النهضة، ورئيسا للحكومة، بعد قرار مجلس الشورى رفض حكومة التكنوقراط».وتابع: «تونس في هذه المرحلة في حاجة لحكومة ائتلاف وطني، حتى تجد من يدافع عنها في المجلس التأسيسي، وفي الساحة الشعبية». وتوقع الغنوشي أن يعلن الجبالي عن انتهاء المشاورات حول حكومة التكنوقراط قريبا.

بيد أن العيادي جدد تمسك حركة النهضة بخيار تشكيل حكومة ائتلافية تستند إلى شرعية الانتخابات في الوقت الذي أعلنت مجموعة من قيادات حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» أحد أهم شركاء النهضة في الحكم استقالتهم من الحزب ضمنهم محمد عبو، الأمين العام. كما قدم أعضاء المكتب الجهوي للحزب في مدينة المهدية (وسط شرق تونس) استقالة جماعية.

وعبرت قيادات حزب المؤتمر عن دعمها لموقف حركة النهضة، وعارضت مبادرة الجبالي بعد أن هددت في السابق باستقالة ممثليها في الحكومة قبل أن تعود وتجمد قرار الاستقالة.

واستبعد العيادي لـ«الشرق الأوسط»، قبيل إعلان فشل المشاورات، أن يبادر الجبالي إلى تقديم استقالته من رئاسة الحكومة، وقال إن حركة النهضة تتمسك به رئيسا للحكومة الجديدة إلا إذا رفض تشكيل الحكومة بعد الاستقالة. وعبر عن أمله في أن يتم اليوم (الثلاثاء) على أقصى تقدير تكليف الجبالي بتشكيل الحكومة من جديد، واشترط أن يكون ذلك مرتبطا بقبول الجبالي بقرار حركة النهضة في تكوين حكومة سياسية ائتلافية. وأضاف أن حركة النهضة على استعداد للتفاوض حول وزارتي العدل والخارجية.

وكان عصام الشابي، القيادي في الحزب الجمهوري المعارض قد عبر أمس في تصريحات إعلامية محلية عن رفض حزبه المشاركة في أية حكومة قادمة، سواء كانت حكومة كفاءات أو حكومة ائتلافية، وقال إن الحزب سيدعم الحكومة القادمة التي تعمل على تحييد وزارات السيادة، دون أن يشارك في تركيبتها بصفة مباشرة.

وبخصوص الأزمة التي يعيشها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب رئيس الجمهورية)، قال الأزهر الشملي، عضو المكتب السياسي لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» إنه استقال من الحزب بمفرده دون أن يكون على علم باعتزام الأمين العام للحزب تقديم استقالته. وقال الشملي لـ«الشرق الأوسط» إن استقالته جاءت على شكل قرار فردي احتجاجا على الاستبداد بالرأي داخل الحزب، واتخاذ قرارات فردية دون التقيد بقرارات المجلس السياسي للحزب. وتناقلت وسائل الإعلام المحلية أنباء استقالة عبو والشملي وسهير الدردوري وسامية عبو، وهم من قياديي حزب المؤتمر.

وكان الجبالي قد استأنف أمس مشاوراته مع مجموعة من الأحزاب السياسية دون التوصل إلى أرضية وفاق نهائية حول تشكيل حكومة الكفاءات الوطنية التي دعا لها منذ 6 فبراير (شباط) الحالي.

وتمسكت حركة النهضة بالاحتفاظ بوزارة الداخلية وقررت عدم التفريط فيها. وذكرت مصادر مقربة من الحركة أنها مستعدة لتغيير وزير الداخلية الحالي، باسم آخر من حركة النهضة مع استعدادها للتشاور حول وزارتي العدل والخارجية.