مصادر في كيدال: مساع فرنسية غير مباشرة لتوحيد الطوارق في مالي

تهدف لحل «الوطنية لتحرير أزواد» و«أزواد الإسلامية» وتشكيل حركة واحدة

TT

بينما تواصل القوات الفرنسية والأفريقية، بالتنسيق مع الجيش المالي، تقدمها في شمال مالي والسيطرة على المدن الواحدة تلو الأخرى، أكد أتاي أغ محمد، القيادي في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن «مباحثات تجري بين الحركة الوطنية وحركة أزواد الإسلامية في مدينة كيدال لاتخاذ موقف موحد من الأحداث الجارية».

وكانت حركة أزواد الإسلامية قد أعلنت في يناير (كانون الثاني) الماضي انشقاقها عن جماعة أنصار الدين الإسلامية، ويقود الحركة الجديدة العباس أغ إنتالا، الذي كان كبير مفاوضي جماعة أنصار الدين في الوساطة الأفريقية التي قادتها بوركينا فاسو بين أطراف الأزمة في مالي.

وفي سياق المفاوضات التي تشهدها مدينة كيدال، أقصى شمال شرقي مالي قرب الحدود مع الجزائر، بين الحركتين، أكدت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن «كلتا الحركتين تسعى إلى انضمام الأخرى إليها، وفي الأخير قام عدد من الوجهاء المحليين في المدينة بقيادة وساطة بين الحركتين لدفعهما نحو التفاوض من أجل حل الحركتين معا، وتشكيل حركة جديدة تضم عناصر الحركتين وكل الفاعلين في إقليم أزواد». وفي هذا السياق، قال أغ محمد، القيادي في الحركة الوطنية لتحرير أزواد إن «الشرط الذي طلبته حركة أزواد الإسلامية قبل الانضمام إلينا هو أن نغير اسم (الحركة الوطنية لتحرير أزواد)، لكننا رفضنا ذلك وقلنا إنه غير قابل للتفاوض».

وقال أغ محمد، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «لقد دخلنا في تشاور مع حركة أزواد الإسلامية، من أجل التخلي عن حركتهم التي شكلوها بعد الانسحاب من جماعة أنصار الدين الإسلامية»، مضيفا أن الحركة الوطنية «متمسكة بأن ينضم إليها عناصر حركة أزواد الإسلامية بشكل شخصي وليس من خلال حركتهم»، على حد تعبيره.

وأضاف القيادي في الحركة الوطنية أن «هنالك أشخاصا لا يمكن أن نقبل انضمامهم لصفوف الحركة الوطنية لأن لديهم سوابق خطيرة، وارتكبوا جرائم فظيعة خلال نشاطهم في (أنصار الدين)، ومن بين هؤلاء قاضي أنصار الدين، وقائد الشرطة الإسلامية».

وأشار إلى أن الفرنسيين «ينتظرون من هؤلاء أن يثبتوا بما لا يترك مجالا للشك أنهم بالفعل تخلوا عن الجماعات الإسلامية المسلحة، وذلك من خلال انضمامهم إلى الحركة الوطنية التي تحمل مطالب عادلة ومعترفا بها»، قبل أن يضيف أن «عناصر حركة أزواد الإسلامية غير مسموح لهم بالخروج من مدينة كيدال، فيما تتمتع الحركة الوطنية لتحرير أزواد بحرية التنقل وتسيير الدوريات وسط وخارج المدينة».

وسبق أن أعلنت الحركتان السيطرة على مدينة كيدال بعد أن غادرتها الجماعات الإسلامية المسلحة، وذلك بالتنسيق مع القوات الفرنسية والتشادية الموجودة في المدينة.

يشار إلى أن عددا من الزعماء التقليديين الطوارق أخفوا أسلحتهم وفرقوا رجالهم منذ عدة أشهر، وذلك عندما قامت الجماعات الإسلامية المسلحة بإخراج الحركة الوطنية لتحرير أزواد من المدن الكبرى؛ غير أن أغلبية هؤلاء الزعماء أظهروا أسلحتهم مباشرة بعد تدخل الجيش الفرنسي وطرده للجماعات الإسلامية المسلحة وعلى رأسها جماعة أنصار الدين. وتحدثت بعض المصادر المحلية في مدينة كيدال لـ«الشرق الأوسط»، عن مساع فرنسية «غير مباشرة» هي التي تدفع نحو حل الحركة الوطنية لتحرير أزواد وحركة أزواد الإسلامية، ودمجهما في حركة جديدة تكون هي الواجهة السياسية والعسكرية للطوارق في شمال مالي، و«قطبا جديدا» يمكن التفاوض معه للتوصل إلى أي حل سياسي مستقبلي.

وفي سياق متصل، أكدت بعض الأنباء الواردة من شمال مالي ارتكاب جنود ماليين لتصفيات عرقية استهدفت العرب والطوارق في مدينتي ليره ونافونكي، غير بعيد من الحدود مع موريتانيا، إضافة إلى حالات نهب واسعة لممتلكات العرب والطوارق.

وأصدرت الحركة الوطنية لتحرير أزواد بيانا قالت فيه إن «الجيش المالي نفذ إعدامات بحق مواطنين من العرب والطوارق قبل أيام»، مؤكدة أن «هذه التصفيات العرقية تتم بإشراف عقيد بالجيش المالي من الطوارق هو مسؤول المنطقة العسكرية لمحافظة سيجو شرق العاصمة المالية».

وكانت منظمات دولية وإقليمية قد اتهمت في وقت سابق الجيش المالي بارتكاب تصفيات عرقية بحق العرب والطوارق والفلان، القوميات الأساسية في شمال مالي؛ غير أن الجيش المالي أكد مؤخرا أنه لا يستهدف ذوي البشرة الفاتحة من العرب والطوارق وإنما يسعى وراء المقاتلين الإسلاميين مهما كان لون بشرتهم.

كما أعلن الجيش المالي في الأيام الماضي أنه تمكن من السيطرة على مدينة «مانيكا»، أقصى شمال شرقي مالي،وهو ما نفاه أتاي أغ محمد، القيادي في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، حيث قال «لا أحد يسيطر حاليا على مدينة مانيكا، جميع وجهاء المدينة مجتمعون الآن في كيدال لاتخاذ موقف من الادعاءات التي يطلقها الجيش المالي وبعض الموالين له من المنتخبين المحليين».

وكانت مدينة «مانيكا» هي مهد التمرد الذي بدأته الحركة الوطنية لتحرير أزواد العام الماضي، وذلك حين قامت وحدة عسكرية تابعة للحركة يوم 17 يناير (كانون الثاني) بمهاجمة المدينة وطرد الجيش المالي منها، ليبدأ بذلك تمرد أشعله الطوارق القوميون وجنا ثماره الطوارق الجهاديون والجماعات الإسلامية المسلحة الوافدة على الإقليم.