الاتحاد الأوروبي يمدد العقوبات على سوريا ويرفض مد المعارضة بالسلاح

وزير خارجية لوكسمبورغ لـ«الشرق الأوسط»: لا أزمة سلاح في سوريا.. فهناك الكثير منه

كاثرين أشتون منسقة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي ووزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن على هامش اجتماعات وزراء الاتحاد في بروكسل أمس (إ.ب.أ)
TT

جدد الاتحاد الأوروبي أمس عقوباته المفروضة على سوريا لثلاثة أشهر قادمة، واستثنى منها ما يتعلق بالمواد والمعدات ذات الصلة بالاحتياجات الإنسانية أو حماية المدنيين. وبعد جدل طويل رفض مد المعارضة السورية بالسلاح، لكنه قرر فتح الباب لتأمين «وسائل حماية أكبر للمدنيين».

وكان قرار صدر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي يقضي بتجديد العقوبات التي تشمل قطاع النفط والسلاح فضلا عن الحظر المالي.

وفي بيان صدر عن اجتماعات وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أمس، أعرب الاتحاد عن ترحيبه بالدعوة التي أطلقها زعيم ائتلاف المعارضة السورية أحمد معاذ الخطيب للحوار مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد للتوصل إلى حل سياسي ينهي الصراع القائم في البلاد. كما أبدى التكتل الأوروبي الموحد قلقه البالغ إزاء ما وصفه بـ«الحالة الدراماتيكية» للوضع الإنساني للنازحين هربا من أعمال العنف وصعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى الداخل. وجدد الاتحاد الالتزام بتقديم الدعم لمهمة المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي، وكذلك تقديم الدعم لائتلاف المعارضة السورية فضلا عن الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين السوريين، وخصوصا في دول الجوار.

وكان الاتحاد الأوروبي فرض ما يزيد على 18 حزمة من العقوبات على السلطات السورية جراء الأحداث التي تشهدها البلاد منذ 23 شهرا شملت القطاع النفطي والمالي وقطاع الطيران، فضلا عن تجميد أرصدة العشرات من المسؤولين السوريين، لكن مناقشات أمس تركزت على مسألة رفع حظر التسلح «بصورة كلية أو جزئية» إلى المعارضة، فبينما تعارض أو تتردد الغالبية العظمى من الدول الأعضاء في الاتحاد في رفع حظر الأسلحة المفروض على سوريا ارتفعت أصوات تؤيد تسليح جماعات المعارضة السورية، في مقدمتها بريطانيا.

وقال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ: «نريد تقديم مزيد من الدعم للائتلاف السوري المعارض، نحن نقدم له دعما دبلوماسيا وسياسيا ولا بد من توسيع إطار هذا الدعم، ونقدم له ما يسمح له بحماية حياة الناس، ونحن نرى أنه لا بد من إعادة النظر في فرض العقوبات وخصوصا في حظر السلاح، في نفس الوقت نحن حريصون على عدم توريد أسلحة لأطراف غير مرغوب فيها»، في إشارة إلى الجماعات المتشددة، بينها جبهة النصرة التي أدرجتها الولايات المتحدة على لائحة الإرهاب. ولكن الطرح البريطاني الذي يلقى دعما من إيطاليا وفرنسا قوبل بتحفظ من عدة دول، ومنها ألمانيا التي أكدت رفضها رفع الحظر على السلاح حتى لا يتفاقم الوضع. وقال غيدو فسترفيلي وزير الخارجية الألماني إن «رفع حظر السلاح يعني مزيدا من العنف، كما أنه سيفتح الباب أمام سباق للتسلح في سوريا». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قال وزير خارجية لوكسمبورغ جان اسيلبورن: «لا أظن أن هناك أزمة في السلاح، فهناك ما يكفي من أسلحة، وسوريا تحتاج إلى أشياء أخرى كثيرة خلافا لما يدعو إليه البعض من حلول ذات طابع عسكري، ويجب التركيز على الحل الدبلوماسي، وأنا أفضل هذا الخيار بدلا من خيارات أخرى لها خطورة كبيرة». وبدوره قال وزير الخارجية البلجيكي ديديه رايندرز في رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا بد من الحصول على ضمانات بشأن كيفية وماهية الأطراف التي ستستفيد من وصول أسلحة إلى سوريا، وفي نفس الوقت وعلى المستوى الإنساني سنطرح في اجتماع جنيف تطبيق المعايير الدولية الإنسانية المعمول بها في العالم، وهذا مطلبنا منذ البداية ويتفق معنا في الرأي دول وأطراف أخرى كثيرة».

وانتهي اجتماع أمس إلى اتفاق أوروبي على تمديد العقوبات حتى نهاية مايو (أيار) وتعديلها إلى «تأمين دعم أكبر ومساعدة تقنية لحماية المدنيين»، بدلا عن رفع الحظر على توريد الأسلحة إلى المعارضة.

وفي غضون ذلك، وصفت مصادر دبلوماسية أوروبية في باريس الإتفاق الأوروبي بأنه «اتفاق الحد الأدنى» وأن الخلافات داخل صفوف الاتحاد «عميقة» وأن العواصم الأوروبية منقسمة إلى ثلاث مجموعات أولها ما زالت تدفع باتجاه رفع العوائق التي تمنع تسليح المعارضة وتتمثل ببريطانيا وإيطاليا وبدرجة أقل فرنسا. أما مجموعة «الممانعة» وهي الأكبر فتتشكل بالدرجة الأولى من الدول الإسكندنافية وبلدان غرب وشمال أوروبا فيما الآخرون إما «مترددون» أو «غير مهتمين» أو لا مواقف قاطعة لهم. وترى المصادر المشار إليها أن زيادة المساعدة التقنية والمعدات غير القاتلة «لن تحدث تغييرا في الواقع الميداني» بين النظام والمعارضة المسلحة خصوصا أن مثل هذه المعدات كالمناظير التي تتيح الرؤية الليلية وأجهزة الاتصال وغيرها تقدم منذ فترة طويلة للمعارضة.

ولا يرغب الأوروبيون ولا الأميركيون في وقوع السلاح «في أيد غير صديقة» وفق التعبير الأميركي. وقالت مصادر دفاعية أوروبية لـ«الشرق الأوسط» إن الغربيين «يسعون مع الجيش السوري الحر إلى تحديد الأطراف الموثوقة» التي لا يشكل وصول السلاح إليها خطرا مستقبليا. غير أن هذه الجهود لم تثمر بعد بشكل كاف ما يترك المسألة «مفتوحة» ورهنا بالتطورات المرتقبة على الصعيدين السياسي والميداني.

وأفادت هذه المصادر أن الغربيين «يعملون على تأطير المعارضة المسلحة وتنظيمها». وطالما لم ينته هذا العمل، فإن تسليحا للمعارضة على نطاق واسع «لن يتم».

وكان حارث النبهان عضو الهيئة السياسية لائتلاف المعارضة السورية أعرب في وقت سابق أمس عن أمله في أن يرفع الأوروبيون حظر توريد السلاح للمعارضة من أجل تمكين القوى الثورية من تحقيق تغيير موازين القوى على الأرض، و«يرغم النظام السوري على القبول والتعاطي مع فكرة الحل السياسي القائمة أصلا على خروج بشار الأسد ليفتح طريق الكلام مع الآخرين».