المالكي يأمر ببطلان قرارات هيئة المساءلة والعدالة للشهور السبعة الماضية.. ويكلف مقربا منه بإدارتها

تساؤلات حول استثناء بعثيين سابقين كبار من «الاجتثاث» لكونهم شيعة

TT

علم أمس أن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي أصدر قرارا ببطلان جميع قرارات هيئة المساءلة والعدالة التي أعفى أول من أمس رئيسها القيادي في التيار الصدري فلاح شنشل. كما كلف المالكي أمس باسم البدري عضو الهيئة عن حزب الدعوة الذي يتزعمه بإدارة الهيئة.

وقال صلاح الجبوري، عضو هيئة المساءلة والعدالة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن المالكي «وجه كتابا يحمل توقيع الأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق بتاريخ 14|2|2013 إلى الرئاسات الثلاث والوزارات والمحافظات والجهات غير المرتبطة بوزارة ببطلان القرارات التي اتخذتها الهيئة خلال الفترة الماضية». وأضاف الجبوري أن «الأمانة العامة لمجلس الوزراء بررت قرارها هذا بكون النصاب القانوني لم يكتمل بالنسبة للهيئة لكون البرلمان لم يصوت على الرئيس ونائبه طبقا للمادة 2 من قانون الهيئة رقم 10 لسنة 2008». وبشأن المقصود بـ«الفترة الماضية»، أوضح الجبوري أن المقصود هو «القرارات التي اتخذتها الهيئة منذ نحو سبعة شهور وهي المدة التي تم فيها التصويت على الهيئة السباعية (رئيس وأعضاء الهيئة) ولكن الثغرة التي دخل منها المالكي هي أن رئيس الهيئة ونائبه لم يصوت عليهما البرلمان وبالتالي المقصود بالأثر الرجعي قرارات الهيئة للشهور السبعة الماضية». وحول أعداد المعاملات التي اعتبرت ملغاة وكانت الهيئة قد اتخذتها خلال الفترة المعنية، قال الجبوري إن «الهيئة اتخذت قرارا باجتثاث 162 حالة كما أنها أحالت نحو 60 ألف شخص على التقاعد وهو ما يعني أن هذه القرارات لم تعد ملزمة من حيث التطبيق».

ويتضح من تاريخ كتاب المالكي أنه جاء في نفس اليوم الذي شملت فيه هيئة المساءلة والعدالة القاضي مدحت المحمود، رئيس المحكمة الاتحادية، بالاجتثاث، وهو القرار الذي وصفه المالكي في تصريحات أول من أمس بـ«الخاطئ»، داعيا إلى وجوب «تصحيحه بسرعة».

إلى ذلك، اعتبر النائب المستقل عن التحالف الوطني الشيعي الحاكم في البرلمان العراقي صباح الساعدي في مؤتمر صحافي أمس تكليف البدري بإدارة الهيئة «باطلا وانقلابا واضحا على الشرعية القانونية والدستورية ومحاولة لإعادة أركان حزب البعث المقبور وأزلامه»، متهما المالكي بـ«التحالف مع أعداء العراق من أجل بقائه بالسلطة». ووجه الساعدي كلامه للمالكي بالقول «لن نسمح لك ولغيرك بإعادة البعث الصدامي». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال الساعدي إن «القضاء العراقي يمر الآن بمرحلة خطيرة تتمثل في عودة حزب البعث إلى أهم وأخطر مؤسسات الدولة»، مشيرا إلى أن «رئيس السلطة القضائية في العراق اليوم هو مستشار صدام حسين بالأمس». واعتبر الساعدي أنه «سوف يستمر في متابعة هذه القضايا حتى لو لم يؤازره أحد في وقت يتطلب الأمر أن تكون هناك وقفة برلمانية جادة إزاء مثل هذه الانتهاكات»، وأوضح أن «العديد من كبار مسؤولي النظام السابق تقربوا في غفلة من الزمن من الحاكم المدني الأميركي بريمر وثبتهم في مواقع مهمة وعندما تسلمت أحزاب كانت تقاوم حزب البعث السلطة تزلف لها هؤلاء بطرق معينة وأصبحوا الآن يحكمون وهذه هي خطة حزب البعث في أن يحكم ليس باسمه وإنما باسم أحزاب كانت شديدة العداء لحزب البعث وأنه يستغل هذه الأحزاب للبقاء في السلطة».

من جانبه، أكد نائب رئيس الهيئة والناطق الرسمي باسمها بختيار عمر أمين في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رئيس الوزراء طالما لم يصوت البرلمان على الرئيس ونائبه يحق له إنهاء تكليف الرئيس أو نائبه وتكليف آخر وهو ما حصل بالنسبة لقضية السيد فلاح شنشل». وردا على سؤال بشأن تصويت البرلمان على شنشل وعليه كنائب للرئيس، قال أمين إن «القانون ينص على أنه بعد انتخاب الرئيس ونائبه داخل الهيئة فإنه لا يعتبر ساريا ما لم يتم التصويت عليه داخل البرلمان وهو ما لم يحصل حتى الآن»، مشيرا إلى أنه «من المقرر أن يكون التصويت على الرئيس ونائبه في جدول أعمال جلسة البرلمان الثلاثاء لكي ننتهي من هذه القصة».

على صعيد متصل، أعلن رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي رفضه لقرار المالكي بإعفاء شنشل وأعاد تكليف الأخير برئاسة الهيئة، مشددا في كتاب بهذا الشأن على قانونية انتخاب شنشل ونائبه من قبل أعضاء الهيئة، مؤكدا أن الهيئة «مستقلة استقلالا تاما ومرتبطة بمجلس النواب حصرا».

ومما يثير التساؤلات أن تعديل قانون المساءلة والعدالة تمهيدا لإلغائه هو أحد أبرز مطالب المتظاهرين الذين يعتبرونه مسلطا على رقاب العرب السنة، بينما يتم استثناء قيادات عسكرية كبيرة ومسؤولين سابقين كبار كانوا بعثيين لكونهم من الطائفة الشيعية، وآخرهم رئيس المحكمة الاتحادية العليا فضلا عن قادة عسكريين كبار مثل عبود كنبر وأحمد هاشم وفاروق الأعرجي وعلي غيدان وغيرهم.

إلى ذلك، اعتبرت عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية ندى الجبوري أن «المشكلة في الاستثناءات التي يقوم بها المالكي أو مجلس الوزراء لا تزال كيفية بسبب عدم وجود قانون ينظم ذلك بوضوح وبالتالي فإن اللجنة الخماسية التي تعمل الآن من أجل تعديل قوانين المرحلة الانتقالية ومنها قانون المساءلة والعدالة المطلوب منها وضع معيارية محددة لذلك لكي يتم القضاء على الكيفية في الاستثناءات». وأشارت إلى أن «التجاذبات السياسية لعبت دورا في ذلك الأمر الذي جعل هذا القانون بدلا من أن يكون من أجل إنصاف الناس تحول إلى سيف مسلط على رقاب البعض، وأنصف البعض الآخر إلى حد استثنائهم»، مؤكدة أن «الاستثناء أمر مطلوب ولكن يجب أن يستند على معايير موضوعية وعلمية وليست كيفية».