إيران تصادر تماثيل «بوذا» وتحظر بيعها

اعتبرتها ضمن «قائمة المحظورات»

TT

بعد أيام قليلة من تحذير «المرشد الأعلى» الإيراني علي خامنئي من موجة جديدة من «الغزو الثقافي» للجمهورية الإسلامية، تم إطلاق حملة في جميع أنحاء البلاد بهدف «حماية الأمة من توغل الأعداء».

وحتى الآن، يأتي «العدو الثقافي» من الغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، في شكل مغني البوب ونجوم السينما والرياضيين. وفي الثمانينات من القرن الماضي، على سبيل المثال، شن خامنئي حربا شعواء ضد مايكل جاكسون ومادونا، أما في الآونة الأخيرة، فتم شن حملة شرسة ضد النجم الإنجليزي ديفيد بيكام، وتمت إزالة كل الملصقات الإعلانية التي تحمل صوره للترويج لنظارات شمس وملابس داخلية من جميع أنحاء البلاد.

وشملت الحملة التي شنها خامنئي كلا من الدمية باربي وزوجها كين. وبعد أعوام من البحث، قام صانعو الدمى التابعون لخامنئي بصناعة دميتين جديدتين لمواجهة «الغزو الغربي».

ويأتي «الغزو الثقافي» هذه المرة من الشرق، في شكل تماثيل بوذا المصنوعة في تايوان، التي يتم تهريبها إلى إيران عبر دبي و«المنطقة التجارية الحرة» في جزيرة قشم الإيرانية.

وقال المسؤول عن حماية التراث الثقافي الإيراني سعيد جابري أنصاري: «نقوم بشن حملات على المحلات التي تبيع تلك القطع الأثرية، ونحن مصرون على تطهير البلاد من البوذية».

ولا تقتصر الحملة التي يتم شنها ضد تماثيل بوذا على التماثيل المصنوعة من الخشب والرخام واليشم، ولكن هناك ما يسمى بوحدات «حماية الثقافة»، التي تعمل جنبا إلى جنب مع الحرس الثوري الإيراني، لمصادرة الكتب التي تتحدث عن البوذية وفلسفة زن والفلسفة الشرقية.

ويقول جابري أنصاري إن رجاله قد صادروا أكثر من 1000 كتاب من شارع واحد من شوارع العاصمة الإيرانية طهران. وأصبحت تماثيل بوذا تمثل شكلا من أشكال الموضة في طهران، أما الشكل الأكثر شعبية لهذه التماثيل فهو تمثال بوذا الجالس وهو يبتسم، الذي يعرف باسم «بوذا السعيد»، والذي يباع مقابل نحو 10 دولارات، ويهديه الإيرانيون لبعضهم في السنة الإيرانية الجديدة التي تبدأ مع الاعتدال الربيعي. ومع ذلك، يبدو أن تمثال بوذا وهو غاضب، الذي يعرف باسم «يامانتاكا»، يباع بشكل جيد، ربما بالشكل الذي يعكس المزاج العام للإيرانيين في الوقت الحالي.

وقال جابري أنصاري: «يحاول العدو، من خلال الترويج للأفكار البوذية، تغيير طريقة حياة الشعب الإيراني وتغيير معتقداته الدينية. ولا يمكن لأحد في النظام المقدس للجمهورية الإسلامية أن يسمح بحدوث تلك المأساة».

ويرى جابري أنصاري، الذي يقدم المشورة لخامنئي فيما يتعلق بـ«الحرب الثقافية»، أن أعداء الجمهورية الإسلامية يحاولون استخدام البوذية كبديل للإسلام، مضيفا: «البوذية هي فلسفة جديدة مخادعة تحاول أن تضرب بجذورها في الجمهورية الإسلامية».

ومع ذلك، لا يوجد أي بوذيين في إيران، ولكن الاهتمام بالبوذية وغيرها من «المعتقدات» المتبعة في الهند والشرق الأقصى قد بدأ في الستينات من القرن الماضي، عندما قام بعض المفكرين الإيرانيين باكتشاف، أو إعادة اكتشاف، الهند والصين واليابان. وكان أحد أشهر الشعراء الإيرانيين الحاليين ويدعي سهراب سبهري قد اعتنق البوذية، وقال إنها تمثل «طريقته الخاصة في الحياة» وكتب بعض القصائد التي تتناول البوذية، وسار بعض الكتاب والشعراء وصناع السينما على الدرب ذاته، وتبنوا بعض جوانب البوذية. وفي السبعينات من القرن الماضي، قام الرسام ناصر عصار بإدخال بعض الفنون الشرقية، لا سيما اليابانية، إلى بعض أعماله الشهيرة، كما تم تناول مواضيع بوذية في أعمال فنانين آخرين، مثل إيران دارودي وباهمان موهاسيس، علاوة على وجود بعض الصور البصرية للبوذية في بعض لوحات رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي الموضوع تحت الإقامة الجبرية، بسبب معارضته لحكم الفرد الذي يتبناه خامنئي.

وحتى الآن، يتمثل التأثير الأساسي للحملة في الزيادة الحادة في أسعار التماثيل، ولا سيما تلك المصنوعة من اليشم. ويقول هوشانغ ساني، وهو صاحب متجر في طهران: «لا تزال التماثيل تأتي كما كان من قبل، ونتوقع مبيعات أكبر، حتى وإن كان ذلك بشكل غير رسمي أو غير شرعي، لا سيما مع اقتراب السنة الإيرانية الجديدة». وفي كثير من الأحيان تأتي محاولة حظر الشيء بنتيجة عكسية وتجعله أكثر شعبية.