3 تطورات تحيي الآمال بحسم الأزمة السورية

تعيين كيري وإقناع الأسد بالتواري لصالح البعثيين.. وتطور موقف موسكو

TT

هل يسعى الرئيس السوري، بشار الأسد، إلى حل من خلال التفاوض يضع حدا لهذه الحرب الأهلية الدامية التي تشهدها بلاده؟ هذا هو الأمل الذي يحاول مبعوث الأمم المتحدة الخاص، الأخضر الإبراهيمي، أن يبقيه حيا من خلال المناورات الدبلوماسية حتى وإن كان يراها البعض وهما. وساعدت ثلاثة عوامل في خروج هذا الأمل إلى الوجود. العامل الأول هو تعيين باراك أوباما لجون كيري وزيرا للخارجية. وعلى عكس هيلاري كلينتون، التي سبقته في هذا المنصب، يتمتع كيري بإدراك عميق لعقلية الرئيس السوري. وسافر كيري بصفته عضو مجلس الشيوخ عن الحزب الديمقراطي إلى دمشق لحضور اجتماعات استمرت عدة ساعات مع الأسد. وتمكنت زوجة كيري، ماريا تيريزا ثيرستين، التي ولدت في البرتغال، بمرور السنوات، من إقامة علاقات وطيدة بين الأسرتين من خلال صداقتها مع زوجة الأسد، أسماء الأخرس. كذلك من المثير للاهتمام أن ابنة كيري، فانيسا، متزوجة من طبيب إيراني وهو ما يعزز فهم أسرة كيري للمنطقة.

وهاجم كيري بصفته مرشحا رئاسيا عام 2004 الرئيس جورج بوش، ووصفه بأنه قائد «مندفع يصوب السلاح قبل تحديد الهدف»، مدمن على «دبلوماسية رعاة البقر»، ودعا إلى إصلاح شامل للسياسة الخارجية. وقدم كيري خلال الأسبوع الماضي تلميحات مثيرة عن «أفكار جديدة» لإنهاء الصراع في سوريا. العامل الثاني الذي قد يمنح مصداقية لآمال عقد اتفاق هو تنامي اعتقاد الأشخاص المقربين من الأسد أن الطريقة الوحيدة لتمكين البعثيين من الاحتفاظ بقدر من السلطة هي إقناع الرئيس بالتواري إلى الظل.

العامل الثالث هو تطور الموقف الروسي، فموسكو تدرك أن الرهان على الأسد يؤدي إلى عزلة روسيا في الشرق الأوسط. لذا فإذا أمكن التخلي عن الأسد من دون أن يبدو هذا كهزيمة لروسيا، ربما تبدي موسكو استعدادا للتعاون. وتخبرنا مصادرنا بأنه تم وضع الخطوط العريضة لاتفاق خاص بالأسد بمساعدة شخصيتين سياسيتين لبنانيتين مقربتين منه. وبحسب هذا الاتفاق المقترح، سيكون على الأسد الموافقة على مرحلة انتقالية ليس له دور فيها.

واختيار الكلمات مهم لإصرار الأسد على أنه «لن يتنحى» قبل نهاية مدته الرئاسية في مايو (أيار) عام 2014. وتنص مسودة الاتفاق على تسمية الأسد لأحد نائبيه كرئيس للحكومة الانتقالية التي سيكون لأحزاب المعارضة حق تسمية ثلث وزرائها. وسيحق للائتلاف الحاكم بقيادة حزب البعث الاشتراكي اختيار ثلث آخر. أما الثلث الباقي فمن المفترض أن يتشكل من «شخصيات محترمة» يقبلها الطرفان.

ستقترح الحكومة الانتقالية تعديلات دستورية يتم طرحها في استفتاء، وستجري انتخابات رئاسية وبرلمانية في غضون عام. ويأمل الأسد في أن يظل رئيسا حتى نهاية فترته الرئاسية التي تنتهي العام المقبل. خلال تلك الفترة سينقل سلطاته التنفيذية إلى رئيس وزرائه مع الاحتفاظ ببعض الوظائف الرمزية كرئيس للدولة.

يرغب الأسد مقابل التنحي في الحصول على الحصانة من الملاحقة القضائية من الاتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وأي دعوى جنائية من خلال المحكمة الجنائية الدولية ينبغي أن يتم التصديق عليها من قبل مجلس الأمن، وهو ما يستطيع «الفيتو» الأميركي وقفه، لكن الأسد يأمل في أن يتمكن كيري من منحه الحصانة المطلوبة.

ويرغب الأسد أيضا في الحصول على ضمانات بتوقف دول أصدقاء سوريا، المجموعة التي تضم 100 دولة، عن دعم مجموعات المعارضة المسلحة بمجرد تشكيل الحكومة الانتقالية.

ستساعد الجبهة التي تقودها الولايات المتحدة في وقف إطلاق النار وتمكين الجيش السوري من تأمين حدود البلاد واستعادة القانون والنظام.

ما يرفضه الأسد تقديم تعهد بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.. فرغم فرار غالبية أعضاء أسرته إلى خارج سوريا بحثا عن الأمن، يرفض الأسد الاقتراحات بضرورة الرحيل عن سوريا هو الآخر.

لقي الاتفاق المقترح ترحيبا حذرا من جانب عدد من فصائل المعارضة السورية، لكن الغالبية، وخاصة فصائل المعارضة المسلحة، لا تثق في الأسد وترى أن الاتفاق المقترح ليس سوى خدعة لكسب الوقت.

ويتشكك غالبية أعضاء تكتل «أصدقاء سوريا» في مصداقية الأسد، حيث تشدد العديد من الدول العربية، وبخاصة مصر، على أن يكون رحيل الأسد عن السلطة بصورة لا لبس فيها الخطوة الأولى، لا الأخيرة، في أي مرحلة انتقالية.

المشكلة الأخرى هي أن الأسد ربما لم يعد يمتلك سلطة اتخاذ القرار في دمشق عندما أنشأت إيران شبكة خاصة بها داخل النخبة الحاكمة.. فقد ذكر علي خامنئي، المرشد الأعلى، أكثر من مرة أنه لن يسمح بسقوط الأسد.

ويرى المحللون أنه على الرغم من وجود بصيص من الأمل، لكن كيري والإبراهيمي قد يكتشفان أن الضوء في نهاية النفق لم يكن سوى سراب.