تراشق لفظي في مجلس النواب المغربي بسبب «ابتسامة» وزير

قوانين مقترحة من المعارضة تثير جدلا

TT

تبادل نواب حزب العدالة والتنمية الإسلامي، الذي يقود الائتلاف الحكومي في المغرب، ونواب حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض أمس (الثلاثاء) الاتهامات في اجتماع للجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، الذي كان مخصصا لتقديم اقتراح قانون للفريق الاشتراكي يتعلق بإنشاء «هيئة قضايا الدولة» كمؤسسة مستقلة تنظر في المنازعات القضائية للدولة، وتساهم في محاربة الفساد.

ونشب الخلاف بين نواب الحزبين في بداية الاجتماع عندما أبدى عبد الله بوانو، رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية، ملاحظة بشأن إدراج اللجنة اقتراحات قوانين جديدة للمناقشة قبل أن يتم الحسم في مقترحات سابقة عرضت عليها، منها مقترح قانون حول لجان تقصي الحقائق، وقانون الحق في الحصول على المعلومة، وطلب إعادة النظر في طريقة عمل اللجنة.

بيد أن إدريس لشكر، الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات، ثار ضد الملاحظة التي أبداها بوانو واعتبرها بمثابة اعتراض على مناقشة مقترح القانون المتعلق بإنشاء هيئة قضايا الدولة الذي تقدم به حزبه، وذهب بعيدا في تفسيره، مشيرا إلى أن الحكومة و«العدالة والتنمية» يريدان إقبار القوانين المقترحة من قبل المعارضة داخل اللجنة، وهدد باللجوء إلى المجلس الدستوري للبت في هذا الأمر، كما قال إن الدستور الجديد يمنحه الحق في عرض القانون المقترح مباشرة في جلسة عامة إذا اعترضت عليه اللجنة. ولم يقف الخلاف بين الطرفين عند هذا الحد، إذ بينما كان لشكر يتحدث بانفعال عن «حقوق المعارضة» في الدستور، توقف عن الكلام وثار أيضا في وجه إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير المكلف الميزانية في وزارة المالية الذي ينتمي لحزب العدالة والتنمية، وكان حاضرا في الاجتماع ممثلا للحكومة، وسأله لماذا تبتسم؟ وزاد قائلا: «ليس من حقك أن تبتسم بل أن تنصت فقط».

واستشاط نواب «العدالة والتنمية» غضبا، وانخرطوا في الدفاع عن الوزير الأزمي، وعلى رأسهم النائبة آمنة ماء العينين، واحتجوا على ما وصفوه بـ«تعسف المعارضة» التي أصبحت «تحصي حركات وهمسات الحكومة»، مستشهدين بما حدث للوزير الأزمي نفسه أثناء مناقشة موازنة وزارته في مجلس المستشارين (الغرفة الثانية للبرلمان)، عندما اعترض حكيم ابن شماس، من حزب الأصالة والمعاصرة المعارض بشدة على تحريك الوزير رأسه أثناء الاجتماع.

وفي هذا السياق، رد بوانو قائلا: «لن نسمح بالتهكم على أي كان، ومن كان له حساب مع وزير فليعمل على تصفيته خارج البرلمان»، مؤكدا أنه «لا اعتراض لديه على القانون الذي له أهمية قصوى في مجال الحكامة ومحاربة الفساد».

وقال النائب محمد بن عبد الصادق إن لشكر يريد أن «يستغل كلامه إعلاميا ضد الحكومة والأغلبية، وهذا ظلم؛ لأن ما قاله غير صحيح».

وتدخل النائب عبد الواحد الأنصاري، من حزب الاستقلال المشارك في الحكومة، وطلب عدم تحويل البرلمان إلى «مكان للجدل»، ودافع عن وجهة نظر نواب حزب العدالة والتنمية، وقال إن ملاحظة بوانو لم يكن القصد منها الاعتراض على مناقشة مقترح قانون الفريق الاشتراكي داخل اللجنة، وإن حديث لشكر عن توجه لتقليص حقوق المعارضة داخل البرلمان «حق أريد به باطل»؛ لأن جل القوانين التي أدرجت للنقاش داخل اللجنة كان مصدرها المعارضة. بعد انتهاء الجدل شرع لشكر في تقديم مقترح القانون، وطلب في هذا السياق إعادة النظر بشكل جذري في الإطار القانوني والمؤسسي «الوكالة القضائية للمملكة» التي تقوم حاليا بمهمة النظر في المنازعات القانونية للمؤسسات الحكومية، وهي تابعة لوزير المالية، ويعود تاريخ إنشائها إلى عام 1928، كما طالب بتوسيع مهام واختصاصات هذه المؤسسة من خلال تحويلها إلى هيئة قضايا الدولة، وذلك على غرار ما هو معمول به في باقي الدول الديمقراطية. واستشهد في هذا الإطار بعدة نماذج غربية وعربية، منها النموذج الأميركي، الذي أحدث مؤسسة المحامي العام، والنموذج الإيطالي والإسباني، ثم النموذجان المصري والأردني.

وأوضح أن هيئة قضايا الدولة سيناط بها «ترسيخ حكامة قانونية جيدة، ووقاية المؤسسات الحكومية من المخاطر القانونية في القرارات التي تتخذها والعقود والاتفاقات التي تبرمها»، كما أن «هدفها المساهمة الفعالة في محاربة الفساد وتفعيل قاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة»، واستعرض فصول ومواد هذا القانون.