اللجان النيابية في لبنان تقر قانون «اللقاء الأرثوذكسي» وسط معارضة حزبي الحريري وجنبلاط

المستقبل يصفه بـ«اليوم الأسود للتشريع» وعون يحتفل بـ«أنصع الأيام بياضا» وبري يعد بعدم التصويت عليه بوجود معارضة

TT

أقرت اللجان النيابية اللبنانية اعتماد قانون جديد للانتخابات، المعروف بقانون «اللقاء الأرثوذكسي» الذي ينص على انتخاب كل طائفة نوابها وفقا للنظام النسبي، وهو ما اعتبرته هيئات في المجتمع المدني «انتكاسة للديمقراطية» و«عودة بلبنان إلى الوراء»، بينما وصف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري ما حصل بأنه «يوم أسود للتشريع في لبنان».

ورغم أن المشروع يحتاج إلى موافقة الهيئة العامة للمجلس لإقراره، إلا أن خطوة إقراره في اللجان المشتركة تمتلك رمزية كبيرة، نظرا لأن المشروع يحظى بأكثرية 70 نائبا في البرلمان، وهو سيقر بطبيعة الحال إذا ما عرض على التصويت لأنه يحظى بدعم نواب الأحزاب المسيحية جميعها يضاف إليهم النواب الشيعة من حركة «أمل» و«حزب الله». غير أن أمام المشروع عراقيل عدة أبرزها اعتراض تيار «المستقبل» والنائب وليد جنبلاط عليه، إضافة لرئيس الجمهورية وتلويحه بالطعن عليه إذا ما وصل إليه، وهو أمر يبدو متيسرا لأن كل التقديرات تشير إلى أن الهيئات القضائية المختصة سوف تبطل القانون إذا ما وصلها لمناقضته «مبدأ العيش المشترك» الذي تنص مقدمة الدستور اللبناني على أنه «لا شرعية لأي شيء يناقضها».

وقال مرجع لبناني بارز لـ«الشرق الأوسط» إن إقرار المشروع في اللجان النيابية ليس نهاية المطاف إذ لا تزال إمكانية التوافق على مشروع جديد قائمة «حتى ما قبل يوم من الانتخابات»، مشيرا إلى رد على سؤال إلى أن «المهل القانونية يمكن تجاوزها في نص أي مشروع يتم التوافق عليه». وأوضح المرجع أن اتصالات مكثفة سوف تجري بين القيادات اللبنانية من أجل تجنب الوصول إلى الأسوأ.

وأشار رئيس كتلة نيابية معارضة إلى أنه تلقى وعدا من الرئيس بري بأنه لن يتم التصويت على أي مشروع في غياب مكونات أساسية من المجلس في إشارة إلى كتلتي المستقبل وجنبلاط، لكن رئيس الكتلة اعتبر أن ما حصل يشكل «ضربة كبرى للعيش المشترك بين اللبنانيين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه لا ضمانات بعدم إقرار المشروع في ظل مواقف القيادات المسيحية، مستذكرا بأن هكذا تصرفات أدت في السابق إلى خراب المسيحيين وتكرارها لن يفيدهم ولن يفيد لبنان. وتفيد معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» بأن تيار العماد ميشال عون كان ضاغطا بقوة لإقرار المشروع، بعد سقوط إمكانية الاتفاق على «القانون المختلط» الذي قدمته كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي عولت مصادر عربية على دوره للخروج من هذا المأزق.

وكانت اللجان النيابية المشتركة قد بدأت أمس مناقشة مشروع القانون في حضور ممثلين عن مختلف الكتل، وأقرت مبدأ زيادة عدد النواب من 128 إلى 134. قبل أن ينسحب منها نواب كتلة «المستقبل» ثم نواب كتلة جنبلاط بعدما لاحظوا اتجاها إلى التصويت على المشروع المثير للجدل، فكان أن تم التصويت عليه وإعلان إقراره بتوصية إلى الهيئة العامة للتصويت عليه.

وبينما وصف الحريري في تغريدة له على «تويتر» إقرار مشروع «اللقاء الأرثوذوكسي» في اللجان النيابية المشتركة باليوم الأسود في تاريخ العمل التشريعي، كان النائب ميشال عون يحتفل بما سماه «اليوم التاريخي» قائلا: إن «اليوم هو الأنصع بياضا في تاريخ لبنان، اليوم عادت الحقوق لأصحابها من دون المس بحقوق الآخرين، كما أنه أعيدت قيمة الصوت للأصوات المحرومة والمهمشة التي هي من جميع الطوائف لذلك نحن سعيدون لأننا حققنا هذا الإنجاز». وأكد أنه «لن يكون هناك احتكاك بين الطوائف لأن المنافسة ستكون داخل الطائفة الواحدة، والمستفيدون من الخلل الذي كان قائما لن يفرحوا بما أقر اليوم». واتصل عون برئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس حزب «الكتائب» أمين الجميل والبطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، بعد إقرار «الاقتراح الأرثوذكسي»: «لشكرهم للمشاركة في إنجاح القانون»، قائلا: إنه «ربما يصدر من هذا الواقع أمر جديد». ورأت كتلة «المستقبل» أن التصويت على ما سمي بالمشروع الأرثوذكسي «أدخل لبنان وطريقة الحكم فيه في منزلق خطير وغير مسبوق بهدد بتدمير ما سبق أن عاشه الشعب اللبناني من قيم وخاصة العيش المشترك والاعتدال». واعتبرت أن «ما أقدم عليه بعض النواب في جلسة اللجان لم يكن إلا نتيجة ساعة تخلت عن أسس لبنان وهو يوم أسود في تاريخ التشريع اللبناني». ورفضت الكتلة المشروع الذي وصفته بـ«المدمر لمبادئ الميثاق الوطني وأسس العيش المشترك، التي أقدمت عليها بعض الجهات»، معتبرة إياه «أفضل هدية للعدو الإسرائيلي». وأكدت الكتلة أنها «تصر على التمسك بموقفها ولن تتوقف عن معارضة المشروع الانتحاري بكل الوسائل الديمقراطية المتاحة والوقت لا يزال معادا للعودة عن العصبية وتحولها إلى خطيئة مميتة وتدارك الأمر عبر عدم إقراره في الهيئة العامة لمجلس النواب».