عملية عسكرية كبرى ضد منفذي الهجوم الطائفي في باكستان

سكان كويتا رفضوا دفن ضحاياهم 3 أيام احتجاجا على بطء تحرك السلطات

ناشطون من المجتمع المدني يضيئون الشموع وفاءً لضحايا هجوم كويتا في بيشاور أمس (أ.ف.ب)
TT

نفذت قوات الأمن الباكستانية أمس عملية أدت إلى مقتل أربعة أشخاص يشتبه بأنهم شاركوا في أعمال العنف الطائفية التي شهدتها البلاد واعتقلت سبعة آخرين أحدهم يعتقد أنه مدبر الهجوم الذي أدى إلى مقتل 89 شيعيا يوم السبت الماضي.

وقال مسؤولون إن العملية تمت في ضواحي كويتا (جنوب غربي باكستان) حيث وقع اعتداء السبت وحيث يرفض الشيعة من عرقية الهزارة لليوم الثالث على التوالي دفن ضحاياهم مطالبين بتحرك من السلطات الباكستانية.

وقال أكبر حسين دراني الوزير المكلف الشؤون الداخلية في إقليم بلوشستان الواقع جنوب غربي البلاد وعاصمته كويتا، إن «الذين قتلوا كانوا قتلة مأجورين على أعلى المستويات» ضالعين في اغتيال قاض وثلاثة مسؤولين كبار في الشرطة من الشيعة. وأضاف أن أحد الأشخاص السبعة المعتقلين لعب دورا بارزا في التخطيط لاعتداء السبت الذي نفذ في سوق هزارة تاون، وهي ضاحية في كويتا تقيم فيها مجموعة كبيرة من الشيعة.

ولم يتضح مباشرة إن كانت هذه الحملة كافية لإقناع المسؤولين الشيعة الغاضبين حيال عجز السلطات عن وقف موجة العنف غير المسبوقة على طائفتهم، بإنهاء حركة الاحتجاج التي اتسعت لتطال كبرى مدن باكستان كراتشي وأدت إلى إغلاق الطريق الرئيسي إلى مطار إسلام آباد. من جهته، قال الكولونيل مقبول أحمد من القوات شبه العسكرية: «لقد عثرنا أيضا على مواد لصنع قنابل وذخائر وسترات للانتحاريين».

وجاءت هذه العملية قبيل وصول وفد من وزراء الحكومة الفيدرالية في إسلام آباد إلى كويتا للتفاوض مع مسؤولين شيعة في المكان حول إنهاء الاعتصام. وكان رئيس الوزراء الباكستاني رجا برويز أشرف أكد بعد اعتداء السبت أن منفذي أعمال العنف ضد الأقلية الشيعية سيتم اعتقالهم وإحالتهم إلى القضاء.

ووجهت المحكمة العليا في باكستان أمس انتقادات للحكومة لعدم قيامها بما يكفي لمواجهة العنف الطائفي في جنوب غربي البلاد. واستدعى رئيس المحكمة العليا، افتخار محمد تشودري، الذي رأس لجنة من ثلاثة قضاة شكلت لمراجعة الوضع الأمني في بلوشستان، مسؤولين بارزين في الحكومة. ونقل التلفزيون الرسمي عن تشودري قوله: «الأمور من سيئ إلى أسوأ».

وقد تبنت الاعتداء المجموعة المسلحة المحظورة «عسكر جنقوي» وكذلك الهجوم ضد الشيعة الأكثر دموية في البلاد الذي أوقع 92 قتيلا الشهر الماضي في كويتا أيضا. وتلت ذاك الهجوم احتجاجات مشابهة انتهت بعد إقالة إسلام آباد الحكومة المحلية وفرض سلطة الحاكم.

وتشهد بلدة كويتا الصغيرة نشاطات مكثفة للأجهزة العسكرية والاستخباراتية فيما تشك الجماعات الحقوقية في تواطؤ السلطات مع عناصر متطرفة أو غير مؤهلة. وأعرب رئيس مؤتمر شيعة بلوشستان داود آغا الذي تشارك مجموعته في الاحتجاجات عن الترحيب بالحملة وأكد أن الإعلان عن موعد دفن القتلى سيتم. لكن حزب وحدة المسلمين الشيعي أكد استمرار الاعتصام.

وبلغ العنف بين السنة والشيعة في البلاد مستويات غير مسبوقة في العام الماضي حيث عانت عرقية الهزارة الشيعية أكثر بكثير في بلوشستان حيث تواجه السلطات كذلك تمردا بلوشيا انفصاليا.

وأسفرت الهجمات على الشيعة في باكستان هذا العام عن مقتل 200 شخص حتى الآن. وأكدت منظمة هيومان رايتس ووتش مقتل أكثر من 400 شيعي في 2012 وهو رقم غير مسبوق بالنسبة إلى هذه المجموعة. وكررت منظمة العفو الدولية دعواتها إلى باكستان لتحسين جهودها في حماية الهزارة معتبرة فشل السلطات في سوق المذنبين إلى القضاء «صادما».

وواصل مئات المتظاهرين الشيعة الاعتصام أمس بين العاصمة ومدينتها التوأم روالبيندي (وسط) ما أجبر السلطات على إغلاق الطريق الرئيسية إلى المطار وأثار زحمة سير خانقة. وفي كراتشي اعتصم مئات الشيعة في 10 مواقع مختلفة على الأقل، في حين شهدت المدينة حركة سير خفيفة مع إغلاق المدارس ومناطق التسوق لليوم الثاني على التوالي. وأعلن مسؤولون أمنيون مقتل خمسة أشخاص على الأقل في الليلة الماضية، منهم ثلاثة سنة وشيعيان لدوافع طائفية. ويشكل الشيعة نحو 20 في المائة من سكان باكستان البالغ عددهم 180 مليون نسمة وأكثريتهم من السنة.