اتهام للجيش الصيني بالتورط في الهجمات الإلكترونية ضد أميركا

شركة لأمن الإنترنت تحدد مبنى بشنغهاي مصدرا للعمليات.. وبكين تنفي

حارس عسكري أمام مدخل «الوحدة 61398» التابعة للجيش الصيني في شنغهاي أمس (رويترز)
TT

أفاد تقرير صادر عن شركة أميركية لأمن الإنترنت بأن وحدة تابعة للجيش الصيني هي المسؤولة عن عدد كبير من هجمات القرصنة المعلوماتية التي تعرضت لها شركات مالية ووكالات حكومية وصحف داخل الولايات المتحدة.

ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا لشركة أمن الإنترنت «مانديانت»، وهي شركة تقدم استشارات للحكومة الأميركية في مجال الأمن المعلوماتي، يوضح أن مجموعة صينية يرمز لها بالرمز «ABT1» (الوحدة رقم 61398) تمثل أخطر المجموعات المتخصصة في هجمات القرصنة التي ترعاها وتمولها الحكومة الصينية، قد قامت بـ147 هجمة إلكترونية على مدى سبع سنوات، ومهاجمة مواقع لسرقة كميات هائلة من المعلومات من مواقع الوكالات الحكومية الأميركية، خاصة في مجال الطاقة.

ونشرت الصحيفة صورا عبر الأقمار الصناعية لموقع المبنى الذي يشتبه بأنه مصدر الهجمات، وهو مبنى مكون من 12 طابقا في مدينة شنغهاي (في منطقة سكنية مليئة بالمطاعم والمحلات التجارية) وتابع لجيش التحرير الشعبي الصيني. وأكد مسؤولون في الاستخبارات الأميركية أنه لا يوجد مجال للشك بأن نسبة كبيرة من الهجمات على الشركات الأميركية والمنظمات والوكالات الحكومية تأتي من هذا المبنى برعاية الحكومة الصينية. وأوضحت الصحيفة أن البيت الأبيض على دراية بالتقرير، لكنه يقوم بحسابات دبلوماسية كبيرة، ويخطط البيت الأبيض لإطلاق تحذيرات والحديث مع القادة الصينيين خلال الأسابيع المقبلة حول تصاعد تلك الهجمات التقنية المتطورة، والمطالبة بوقفها.

وقال تومي فيتور المتحدث باسم مجلس الأمن القومي: «لقد أثرنا مرارا في محادثاتنا مع المسؤولين الصينيين ومسؤولي الجيش الصيني موضوع الهجمات الإلكترونية، وأعربنا عن قلق الولايات المتحدة من المستويات العالية لتلك الهجمات، وسوف نستمر في القيام بذلك».

ويشتبه التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، في أن تلك المجموعة تقوم بسرقة بيانات ومعلومات وتحاول اختراق البنية التحتية للكيانات الحكومية الأميركية، خاصة في قطاع الطاقة والقطاع المالي.

وأشار التقرير إلى هجمات على شبكة الطاقة الكهربائية الأميركية ومحطات المياه وخطوط الغاز. ووفقا للتقرير فإن إحدى الهجمات استهدفت شركة تقوم بتشغيل 60 في المائة من خطوط أنابيب النفط والغاز في أميركا الشمالية. ويعتقد أنها شنت هجوما آخر استهدف شركة أمن الكومبيوتر «RSA» المسؤولة عن الحسابات السرية لقواعد بيانات الشركات والوكالات الحكومية الأميركية.

ويقول التقرير الذي صدر أمس في 60 صفحة إن تحليل مسارات القرصنة أشار إلى أنها آتية من هذا المبنى، مما يثير التساؤل حول أسباب هذا العدد الكبير من الهجمات التي تأتي من منطقة واحدة صغيرة نسبيا. وكشف التقرير عن أكثر من 140 هجمة ومحاولة اختراق إلكترونية تمت منذ عام 2006، ويقول معدو التقرير: «أبحاثنا تشير إلى أن الحزب الشيوعي الصيني قام بتكليف الجيش للقيام بعمليات تجسس منهجية وسرقة بيانات إلكترونية تابعة لمنظمات في جميع أنحاء العالم».

ويشير التقرير إلى تفاصيل تشبه أفلام الأكشن الأميركية، حيث يستخدم القراصنة الصينيون طريقة تسمى في دوائر القرصنة الإلكترونية «الغوريلا القبيحة» Ugly Gorilla تقوم بإرسال برامج تحمل فيروسات خبيئة وإنشاء حسابات بريد إلكترونية وهمية تبدو كأنها من موظف تنفيذي داخل الشركة، والحصول على المعلومات السرية وكلمات المرور.

وأشار التقرير إلى أن بعض الاختراقات كانت لفترة طويلة أحيانا تستمر لمدة عام وأحيانا لمدة أربع سنوات. وأكد التقرير أن 20 من الهجمات الإلكترونية تم تحديدها استهدفت المصانع الكيماوية وشركات التعدين والاتصالات السلكية واللاسلكية وشركات الأقمار الصناعية الأميركية.

وقال كيفين مانديا المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «مانديت»: «هناك تفسيران، إما أن تكون الهجمات آتية من الوحدة 61398 بالجيش الصيني بعلم وتوجيه الحكومة، أو أن يكون الأشخاص الذين يديرون هذه الوحدة يجهلون قيام أعضاء الوحدة بالآلاف من الهجمات الإلكترونية. ويصعب تصديق ذلك في بلد يتم فيه إحكام المراقبة والسيطرة على الإنترنت». وتشير معلومات استخباراتية إلى أن هجمات القرصنة تتم من خلال ضباط الجيش الصيني أو من خلال خبراء يعملون تنفيذا لأوامر من وحدة 61398 التابعة للجيش.

من جانبها، نفت السفارة الصينية بواشنطن ضلوع الحكومة الصينية أو الجيش في أي أعمال تتصل بالقرصنة الإلكترونية. وأكدت السفارة أن الصين هي ضحية لتلك الهجمات والأنشطة غير القانونية، وأن الكثير من مجموعات القرصنة داخل الولايات المتحدة تقوم بهجمات ضد شركات ومنظمات في الصين. وأصدرت وزارة الخارجية الصينية بيانا قالت فيه إن تلك الادعاءات غير مهنية ولا أساس لها من الصحة. وقال هونغ لي المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية: «الصين تعارض هجمات القرصنة الإلكترونية، وسنت القوانين واللوائح لمكافحتها، وقامت باتخاذ تدابير لتنفيذ القانون ضد أنشطة القرصنة عبر الإنترنت».

وقد لمح الرئيس باراك أوباما إلى قلقه من الهجمات الإلكترونية في خطابه حول حالة الاتحاد، مشيرا إلى قيام دول أجنبية لمحاولات اختراق لشركات أميركية دون أن يشير إلى الصين أو أي دولة أخرى. وقال أوباما: «لا يمكننا النظر إلى الوراء بعد سنوات من الآن، ونتساءل لماذا لم نفعل شيئا في مواجهه التهديدات الحقيقية لأمننا واقتصادنا».

وقبل أن تترك منصبها، قالت وزيرة الخارجية الأميركية السابقة هيلاري كلينتون: «علينا أن نجعل الأمر واضحا للصينيين، أن الولايات المتحدة ستضطر لاتخاذ التدابير اللازمة لحماية حكومتنا، والقطاع الخاص أيضا، من هذا النوع من التدخلات غير المشروعة». وقد أشار وزير الدفاع المنتهية ولايته ليون بانيتا في أكثر من خطاب ولقاء وجلسة استجواب مع أعضاء الكونغرس إلى خطورة القرصنة الإلكترونية واعتبرها تهديدا كبيرا يشبه هجمات 11 سبتمبر (أيلول) وهجوم بيرل هاربر.