الحملة الأمنية المصرية تشل العمل في أنفاق غزة

TT

لم يعد إبراهيم وشقيقه سالم يسلكان فجرا الطريق الذي يخترق كروم الزيتون، التي تحد قرية القرارة من الناحية الشرقية، في طريقهما إلى مدينة رفح جنوب قطاع غزة، حيث كانا يعملان في أحد الأنفاق؛ فقد أدت الإجراءات الأمنية الأخيرة التي تنفذها الأجهزة الأمنية المصرية ضد الأنفاق التي تصل قطاع غزة بسيناء، إلى تعطل الكثير من هذه الأنفاق وتوقفها عن العمل كليا، وضمنه النفق الذي يعمل فيه الشقيقان.

وتقلصت إلى حد كبير مظاهر الحركة النشطة لسيارات الشحن التي تتحرك في الطرف الشمالي من الحدود، التي تتولى نقل البضائع من الأنفاق إلى مخازن التجار المنتشرة في أرجاء القطاع. ويلاحظ المرء الذي يتحرك على الشريط الحدودي، الذي تمر تحته الأنفاق، وجود عدد كبير من التجار وأصحاب المصالح الذين تبدو عليهم علامات القلق على مصائر بضائعهم التي قام وكلاء بشرائها لهم وينتظرون دخولها عبر الأنفاق إلى قطاع غزة.

وأحد هؤلاء التجار، هو سالم الذي يعمل في مجال تجارة الماشية، وكان أول من أمس موعد دخول مجموعة من الماشية تم شراؤها لحسابه في مصر عبر أحد الأنفاق، لكنه صدم عندما علم أن النفق الذي كان من المقرر أن يتم إدخال الماشية عبره، لم يعد صالحا للعمل بعدما قامت السلطات المصرية بإغراقه بالماء. وعزاء سالم الوحيد هو أن ينجح وكيله في إدخال الماشية عبر أحد الأنفاق التي ما زالت تعمل.

حدث تراجع واضح على وتيرة عمل الأنفاق قبل نحو عامين ونصف العام، في أعقاب أحداث أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة الذي أسفر العدوان الإسرائيلي عليه في 31 مايو (أيار) 2010 عن مقتل 9 أتراك وتوتر العلاقة بين تل أبيب وأنقرة، عندما اضطرت تل أبيب عقبها إلى تخفيف الحصار على غزة بشكل كبير، في محاولة منها لامتصاص ردة فعل المجتمع الدولي الغاضبة، ومحاولة منع تدهور علاقاتها مع تركيا. لكن مع ذلك، فإن قطاع غزة لا يزال يعتمد على الأنفاق في كثير من البضائع التي ما زالت إسرائيل تمنع دخولها القطاع عبر معابرها التجارية مع غزة، مثل مواد البناء والوقود والسيارات، أو المواد التي تظل كلفة استيرادها عبر الأنفاق أقل بكثير منها عبر المعابر التجارية.

ويتوقع على نطاق واسع أن تؤدي الإجراءات المصرية إلى ارتفاع أسعار كثير من السلع، وتوقف إمدادات مواد مهمة وحيوية، سيما الوقود، حيث إن قطاع غزة يعتمد بشكل كلي على الأنفاق في الحصول على الوقود. ورغم أنه لم يسجل حتى الآن مس بالأنفاق التي تستخدم في استيراد الوقود؛ فإن الغزيين باتوا منذ الآن يحرصون على التزود بكميات إضافية من الوقود، حتى يستخدموه في الوقت الذي تتوقف فيه الأنفاق عن العمل. ويتوقع على نطاق واسع أن تؤدي الخطوات المصرية إلى ارتفاع أسعار الكثير من السلع في القطاع. ورغم أن مصر شرعت في إجراءاتها ضد الأنفاق منذ الهجوم الذي نفذه مجهولون في رمضان الماضي ضد موقع للأمن المركزي المصري في محيط مدينة رفح المصرية، حيث قتل ستة عشر جنديا مصريا، فإنه لم يحدث أن كانت الإجراءات الأمنية المصرية على هذا النحو من الشدة والصرامة.

ورجحت مصادر فلسطينية أن تكون الإجراءات الأمنية المصرية قد جاءت ضمن صفقة بين إسرائيل ومصر، بحيث تلتزم مصر بوقف العمل عبر الأنفاق، التي تدعي إسرائيل أنه يتم استخدامها في تهريب السلاح، مقابل التزام إسرائيل بتخفيف مظاهر الحصار على القطاع، والسماح بدخول كل المواد ذات الاستخدام المدني للقطاع.