الرئيس اللبناني يلوح بالطعن في القانون «الأرثوذكسي».. وبري يبحث عن مخرج

مكاري ينتقد مواقف «الحلفاء».. والحريري يضع جعجع والجميل في أجواء «تداعيات القرار وطنيا وانتخابيا»

لقطة من جلسة مجلس الوزراء اللبناني أمس في قصر بعبدا (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

انطلقت عملية البحث عن «حلول وسط» في قانون الانتخاب اللبناني المنتظر، بعد «صدمة» الإقرار المبدئي لمشروع ما يسمى بـ«قانون اللقاء الأرثوذكسي»، الذي يقضي بأن تنتخب كل طائفة دينية ومذهبية نوابها في البرلمان، مما أثار مخاوف واسعة من العودة بلبنان إلى مزيد من التشرذم الطائفي.

رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، باشرا أمس اتصالات واسعة مع الأطراف السياسية المختلفة بحثا عن «حل وسط» يجنب لبنان تداعيات قانون مماثل، وسط إشارات متزايدة من قبل سليمان ترجح رفضه توقيع قانون مماثل. وسجل في هذا الإطار لقاء جمع بري مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون، الذي أعلن أنه يسير بمشروع القانون الذي أقر في اللجان النيابية أول من أمس والمعروف بالقانون الأرثوذكسي «إذا لم يوجد قانون آخر يحقق العدالة والإنصاف لكل الطوائف». واعتبر عون أن المشروع الأرثوذكسي «يعيد الحق لأصحابه ولا يأخذ شيئا من الآخرين»، معربا في الوقت ذاته عن الاستعداد للبحث في مشروع انتخابي بديل إذا كان يعيد للمسيحيين حقوقهم الانتخابية ويحقق العدالة والإنصاف.

ومن ناحية ثانية، أوفد الرئيس سليمان الوزير السابق خليل الهراوي إلى بري لاستطلاع آفاق إقرار المشروع الأرثوذكسي والتمني عليه بإبقاء الباب مفتوحا أمام التوافق على قانون مختلط باعتبار أنه من غير الجائز إبقاء شريحة واسعة من المجتمع اللبناني خارج إطار الوفاق الوطني على قانون الانتخاب. وقالت مصادر اطلعت على نتيجة اللقاء إن الرئيس بري أكد أنه لن يحيل المشروع إلى الهيئة العامة راهنا، وسيعطي فرصة للمشاورات كما أنه يواكب الرئيس سليمان في الإرادة التوافقية على القانون وفتح الباب أمام الطروحات، وهو سيتلقف نتيجة أي مسعى يقوم به رئيس البلاد. وأوضحت أن بري يقود حركة اتصالات مع مختلف القوى وصولا إلى صيغة توافقية، معتبرة أن الزيارة كانت إيجابية حيث لم تصل المشاورات إلى حائط مسدود. وشددت على أن الرئيس سليمان يمتلك حلولا لبعض العقد وهو مستمر في التشاور مع مختلف القوى.

أما الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري، الذي يعتبر من اشد معارضي إقرار المشروع الذي وافق عليه حليفاه المسيحيان الرئيسان «القوات اللبنانية» و«الكتائب»، فقد اتصل برئيس الكتائب أمين الجميل ورئيس حزب القوات سمير جعجع. وفي حين حرص الطرفان على إضفاء صورة إيجابية للاتصال، قالت مصادر قريبة من الحريري لـ«الشرق الأوسط» إن الأخير لم يتصل بهما معاتبا، بل كرر أمامهما موقفه من هذا القانون وإشارته إلى «التداعيات التي ستنجم عن إقراره على الصعيد الوطني وعلى صعيد الانتخابات». وأشارت المصادر إلى أن الطرفين اتفقا على «إبقاء خطوط التواصل مفتوحة».

غير أن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، المقرب من الحريري، أبدى عتبا شديدا على موقف «الحليفين» المسيحيين، معتبرا أن الرئيس برّي وعد بعدم طرح الموضوع على التصويت، لكنه لم يف بوعده، ومع ذلك «لم أفاجأ بهذا لأنه في نهاية المطاف طرف سياسي وفريق، لكنني فوجئت بموقف من يسمون حلفاءنا»، ملمحا إلى «القوات» التي رفض ممثلوها حتى تأجيل التصويت على المشروع.

وقال مكاري لـ«الشرق الأوسط» إن ما حصل هو «محاولة لوضع المعارضين للمشروع أمام أمر واقع، فإما أن نرضى بقانون يناسب مصالحهم، وإما يفرضون علينا (المشروع العجيب)». وتابع «سنبقى معارضين لهذا المشروع، لكننا لن نرضى في المقابل بأي مشروع قانون غير متوازن، وسنرفض أي قانون يأتي بنتائج مسبقة للانتخابات». وردا على سؤال قال مكاري إن «موافقة حلفاء (المستقبل) على المشروع الأرثوذكسي بدأت بمزايدات بين الأطراف المسيحية، وانتهت إلى حقيقة مفادها أن العماد ميشال عون هو القائد الماروني الأول والباقين يتبعون خطاه، ولا تفسير آخر، إلا إذا كانت القوات والكتائب قررتا الدخول في (8 آذار).. وموافقتهما على المشروع كانت تمهيدا لذلك».

أما رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط فاعتبر أن «التصويت على مشروع اللقاء الأرثوذكسي يعيدنا إلى الانعزال»، معربا عن خشيته «من أن الظروف تسير بنا إلى إقراره دستوريا، فالتصويت أمس في اللجان المشتركة كان سياسيا، وهذه إشارة سياسية، حيث تحالفت التيارات انعزاليا مع بعضها البعض». وأردف جنبلاط أن «هذا المشروع يفتت المجتمع اللبناني إربا إربا ويعيدنا إلى الانعزال اليميني وبعضه مسيحي، لأن هناك وقفة كبيرة ومشرفة للنائب بطرس حرب ورئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، ويخلق انعزالا بين السنة والشيعة وعند الدروز، ويلغي كل مشاركة بين مكونات الطوائف اللبنانية..».